الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خزانة ماسبيرو السحرية.. والمسئولون نيام!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتقد شباب الفنانين أن الأجيال السابقة كانت تحظى بحسن الطالع، وأن الظروف ساعدتهم على التألق وجودة الاختيار، لذلك استطاعوا تأريخ أنفسهم وفنهم!!.. وهى مغالطة كبيرة خاصة للفنانات اللاتى عانين كثيرا للالتحاق بالمجال الفنى فى ظل مجتمعات منغلقة وبيئة حريصة على وأد الفكر التحررى فى عقول البنات.. ولا يعلم العديد من فنانى عصرنا عن معاناة الفنانين السابقين إلا الفتات.. ولا عن عزيمتهم وإصرارهم على النجاح إلا القشور.. ففى صدفة رائعة وحالة قلق سرقت النوم من عينى أدين لها.. لجأت إلى التليفزيون لمحاولة التسلية بعد الفجر، وبعد جولة طويلة بين القنوات وصلت إلى «النيل للدراما» لأجد برنامجا قديما عبارة عن حلقات تسجل حياة سمراء النيل الفنانة الكبيرة «مديحة يسرى» لأجلس مشدوهة أمام برنامج لا يتكلف إلا إدارة الكاميرا أمام شخصية عظيمة تتجول فى حياتها كيفما يتراءى لها، لنخرج بالعبر والمواعظ والمواقف الطريفة، ثم الخبرة والتجربة التى تجعلنا نتلاشى، وتفتح آفاقنا لبعض ما يغيب عن إدراكنا.. جلست أستمتع بالفنانة الكبيرة التى تحدثت عن أهمية الصالونات الثقافية، وروت عن جلساتها مع العديد من الكتاب والمفكرين الذين استفادت منهم، وتكلمت عن شخصية لم تذكر اسمها وشهرته «عدو المرأة» وكيف استطاعت أن تقوم بعمل حوارات مهمة بعد الاستفادة من عملها كممثلة فى تغيير مظهرها وتفاجئه بنشر الحوارات الصحفية.. ثم روت عن زواجها الأول من الفنان «محمد أمين» -ولم أكن أعرفه من قبل- وهو مطرب لحن له «محمد عبدالوهاب» أغنية واحدة وله عدة أعمال وأفلام ناجحة، وعاشت معه حياة هادئة حتى انشغل عنها بهواية الخيل وتربيتها، وبعد صبر يزيد على خمس سنوات أخذت قرارا بالانفصال لاهتمامه بالخيول أكثر منها!!.. وهو ما يبرز رهافة حس الفنانين واحتياجهم للاهتمام ممن حولهم.. ثم تحدثت عن زواجها الثانى من متعدد المواهب «أحمد سالم» أول مذيع بالإذاعة المصرية وأول من قال عبر الأثير «هنا القاهرة»، وهو ثرى من الطبقة الأرستقراطية وعمل بالتمثيل والإخراج والتأليف والإنتاج ونظرا لذكائه كلفه «طلعت حرب» بتأسيس استديو مصر.. وقد درس الطيران فى أوروبا وبعد عودته تعرف على «مديحة يسرى» عبر العمل الفنى وأحبها، ولكن خجله الجم منعه من الاعتراف لها، فادعى أن هناك مشهدا سيتم تمثيله فى مكان على النيل واصطنع المشهد كاملا بالكاميرات وطاقم العمل، ليعترف لها بحبه ومشاعره الفياضة أثناء التصوير، ثم أخبرها المصور «أحمد خورشيد» أن المشهد حقيقى وليس تمثيليا!!.. لتبدأ قصة حبهما التى عاشت من خلالها أجمل أيام حياتها، وانتهت بوفاته بعد عملية «الزائدة»، وهو فى ريعان شبابه.. وقالت: «كان يمتلك طائرة خاصة نتجول بها فى المدن السياحية وكان فى قمة الكرم والرومانسية وعمره ما خانى برمش عينيه».. وأصيبت بعد وفاته بانهيار عصبى ثم حادث وهى تقود سيارتها نتيجة اضطرابها.. وبعد تسعة أشهر قابلت الزوج الثالث الفنان «محمد فوزى» وكان قد كُلف باستكمال بعض الأعمال التى لم ينته منها «سالم» قبل وفاته، وقد تقرب إليها بحبه لسالم، وعندما عرض عليها الزواج قال لها ستتزوجين أخاه!!..وعليك أن ترتدى السواد كما تريدين، وأعلن أنه يحبه مثلها تماما.. وحكت عن حياتهما وعن وحيدهما «عمرو» الذى توفى فى حادث سيارة وهو فى قمة تألقه الرياضى وعز شبابه.. تكلمت عن غيرة فوزى عليها وعن غيرة ابنها من الفنانين «عبد الحليم حافظ وحسن يوسف» وهما يناديانها «ماما» بعد فيلم «الخطايا» وكيف استطاعت أن تقنعه أنه هو فقط الابن الحقيقى وهما تمثيل.. وتكلمت عن شائعة ظهرت أثناء إحدى سفرياتها عن طلاقها من فوزى وحين عودتها وجدته ينتظرها محاكيا مشهد «شحات الغرام» ليخبرها بالشائعة ويعتذر عنها بباقة ورود!!.. وقالت إن علاقتها بفوزى استمرت على ما يرام حتى بعد طلاقهما وزواجه من حسناء المعادي-الفنانة كريمة- التى كانت تطلبها أثناء مرضه لتحضر هى و«عمرو» ومعهما الطعام الذى يحبه فوزى من يديها كى تطعمه لأنه رافض الطعام!!.. تكلمت عن تعلمها الخياطة والتطريز وقت أن ضاق عليها الحال، وكيف استطاعت أن تصنع فساتينها بيديها وظلت تبهر الآخرين بأناقتها!!.. تحدثت عن احترام الفنانين لأنفسهم ودقة اختياراتهم وتقدير رجال الدولة لهم.. فلم يكن هناك فيلم لها إلا ويحضره الوزراء الذين كانت تدعوهم، وروت عن فيلم «إنى راحلة» الذى كتبه «يوسف السباعى» والذى حضره الشهيد «السادات» أثناء حكم الرئيس «عبدالناصر» وعندما علم الرئيس عاتبه على حضور الفيلم بدونه، ثم ذهب الرئيس لمشاهدة الفيلم وسط الجمهور وهو يجلس فى بنوار، وعبرت عن مدى حفاوته وتقديره لهم.. قضيت وقتا رائعا وأنا أشاهد الحلقة وتمنيت أن أستكمل الحلقات ولكن لن أستطيع فى مثل هذا الوقت عقب الفجر!!.. وأتوجه إلى القائمين على التليفزيون المصرى بسؤالين: هل تدركون قيمة هذا الصرح العظيم الذى تجلسون على قمته، وقيمة ما يمتلكه من محتوى إعلامى يستطيع أن يبنى إعلام دول؟!!..ولماذا تظهر شاشته بلون التهلهل وطعم الفشل ورائحة الفساد من البعض الذين يريدون إغراق صرح هائل كان فخرا وملجأ للأمة العربية؟!.. أرجوكم افتحوا الخزانة السحرية بأرشيف التليفزيون وفى أوقات مناسبة لاجتذاب المشاهدين الذين زهدوا الإعلام المدمر الذى يلهو لنا وبنا وأنتم غائبون فى سبات عميق.