بعد أن وصل خادم الحرمين الشريفين الملك سالمان إلى القاهرة، في أول زيارة رسمية له منذ توليه مقاليد الحكم في المملكة، قلت: "هل البابا ممكن يقابل الملك سالمان؟" هل سيكتب البابا تواضروس صفحات جديدة في كتب تاريخ الكنيسة؟".
بحثت عن إجابة هذين السؤالين.. وتأكدت فعلا أن هناك لقاءً خاصًا يجمع بين الملك السعودي والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، هذا اللقاء سيكون علامة فارقة وتغيير في مسار العلاقات بين الكنيسة والمملكة العربية السعودية، ومن المتوقع أن يتناول اللقاء القيم أهمية القيم الدينية في المجتمع وكيفية إسهام رجال الدين المسيحى والإسلامى في خلق حوار حضارى بين أبناء المجتمع.
ويسعى البابا تواضروس- منذ توليه منصب البطريركية- إلى توطيد العلاقة مع السعودية، حيث زار البابا السفارة السعودية بالقاهرة، والتقى السفير أحمد القطان، في أول زيارة من نوعها في تاريخ الكنيسة، في الوقت الذي تكتمت الكنيسة تفاصيل الزيارة، فيما كشفت مصادر كنسية أن سبب الزيارة كانت لتقديم البابا شكره وتقديره للمواقف التاريخية لخادم الحرمين الشريفين تجاه مصر، وتأكيد أن الشعب المصرى لن ينسى على مدى التاريخ هذه المواقف الأصيلة والنبيلة للمملكة.
وأشاد البابا وقتها بمبادرة العاهل السعودى للحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات، وإنشاء مركز الملك عبدالله العالمى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا.
وعقب وفاة الملك عبد الله قال البابا: "إن الملك عبد الله كان إنسانا ممتلئا بالحكمة والرؤية الثاقبة، ونحن في زمن نحتاج فيه إلى الحكماء، وفقدانه خسارة كبيرة للعروبة وللمملكة العربية السعودية، وصديقا عزيزا ونبيلا للمصريين"، مؤكدا أنه لا ينسى أبدا موقف خادم الحرمين الشريفين بالوقوف جانب مصر خلال ثورة 30 يونيو والدعم والمساندة التي قدمتها المملكة.
وكانت الأميرة بسمة آل سعود- أحد أفراد العائلة المالكة في السعودية- قد زارت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لأول مرة، ومقابلة البابا شنودة الثالث، وقالت الأميرة وقتها: "إن البابا شنودة يتمتع بمكانة عالمية، وشهير بتسامحه وسلامه مع كل الناس وكان حريصا على الحوار الهادئ بين الأديان والمذاهب وهذا هو دور الكنيسة المصرية".
تحدثت مع الأنبا مرقس اسقف شبرا الخيمة وتوابعها والذي يهتم بشئون الاقباط في المملكة العربية السعودية عن أهمية هذا اللقاء واتفقنا سويا أن العلاقة في مسار جيد وجديد من نوعه، وأكد لي أنه زار السعودية أكثر من مرة وكان هناك ترحاب بي فضلا عن فرحة الجالية القبطية هناك لوجود رجل دين مسيحي يعظهم ويشعر بهم ويتفقدهم.
نتذكر أن اللقاء الأول في التاريخ بين الملك السعودى الراحل عبد الله بن عبد العزيز وبطريرك كنسي كان في عام 2007 حينما التقي الملك ورئيس الكنيسة الكاثوليكية البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر في الفاتيكان، وكان ذلك في إطار جولة الملك السعودى في أوروبا، وتمحورت المباحثات آنذاك حول الدفاع عن القيم الدينية والأخلاقية والنزاع في الشرق الأوسط والوضع السياسي والديني في السعودية وأهميّة الحوار بين الثقافات والأديان ومساهمة أتباع مختلف الديانات في النهوض بالتفاهم بين البشر والشعوب".