السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الوَصيَّة «١»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الأرض عِرض والتراب زى الدهب، الدم غالى بس الوطن أغلى، وعشان تعيشى يا مصر كان لازم نضحِّى بعمرنا وبدمنا ونكتب وصيتنا الأخيرة للِّى جاى من بعدنا، إحنا اختارنا الشهادة بإرادتنا عشان ندافع عن قِيَم ديننا وحرية وطنَّا، واجهنا رصاص الغدر نيابة عن شعبنا، وحاربنا عشان نضمن مستقبل أفضل لولادنا وأحفادنا».. كلمات جاءت فى بداية فيلم الوَصيَّة الذى قدمته إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة تكريما لأرواح الشهداء وجاء فيه:
■ الشهيد رقيب أحمد ممدوح (محافظة الغربية)، والده يتمشى بين الخضرة ويمسك بيده زرعا أخضر، والأخرى حفنة تراب ويقول: «يا أحمد يا ممدوح أنا ربيتك وعلمتك إن التراب ده عِرض، التراب ده هو عِرضَك، ابنى أحمد ميتعوضش، هو ولد واحد كان دراعى اليمين، العَرَق بتاعه هو عَرَقى، وكان هو العكاز بتاعى، أول ما عرفت الخبر حسيت حاجة إتخطفت منِّى، وراحت والحمد لله، هو مات شهيد وفداء مصر».. والدته: «البطل أحمد الشهيد حبيب قلبى يا حبيبى، آخر مرة خدنى فى حضنه وقال لى: ربى ابنى زى ما ربتينى يا أمّى، قلتله: ليه يا أحمد بتقول كده وتوجع قلبي؟ قال لى: أنا أطول أموت شهيد، ومشى وخَبَّط الباب تانى فتحت قلتله: فيه إيه يا أحمد؟ قال: عشان أشبع مِنِّك يا أمَّى، ادعيلى يامّه، قلتله: والله دعيالك يا أحمد، كان حبيبى حبيبى وبحبه قوى».. عم الشهيد: «أحمد كان بيقول لى نفسى أموت شهيد، الرائد إللى معاه جه وقال رحنا نحصى إللى مات لقينا عدد كبير مات على إيد أحمد، وإتعمل له جنازة عسكرية ومات وهو مشرَّف وطنه وأهله، وإن شاء الله معتز ابنه يكون راجل مكان أبوه».. زوجته: «أحمد كان كاتب وصيّته قبل ما يموت وقال فيها: (حين أتوفى لا تتركونى ولا تبكوا عليّ، تعلمون أنى لا أحب الوحدة والظلام، تحدثوا معى بالدعاء، اجعلوا قبرى نورًا، فربما رحيلى قريب، هذه وصيتى وليست مجرد رسالة)، أحمد كان عنده عادة غريبة، كل ما ييجى لازم يشيل معتز ويدخل الأوضة، وأدخل ألاقيه بيكلمه، أسأله: إنت بتتكلم معاه إزاى وهو رضيع هو فاهم حاجة؟ يرد: ده ابنى، وهو فاهمنى وأنا فاهمه، أسأله: انت بتقوله إيه ولا أسرار؟ يرد: أنا بوصِّيه هو هيبقى راجل البيت، وأنا بوصِّيه عليكى».
■ الشهيد جندى أحمد عيد بكير (شهيد ضحايا رفح تمت تسمية شارع باسمه).. والدته: «أحمد كان بطلت ونفسه يكون شهيد، كان عنده حماس وراجل، ومن صغره جِده كان يناديه تعالى يا بطل، روح يا بطل، وهو شاب لقى عربية غرقت بالِّلى فيها نزل ترعة الإسماعيلية ومحدش رضى ينزل معاه، وأنقذ كل إلِّلى فيها قبل مايغرقوا، ووقت ما كان فى جيشه وأنا قاعدة لقيت هاتف جانى وقال: أحمد استشهد قلت (إنا لله وإنا إليه راجعون) احتسبتك عند الله يا ابنى، وآخر مرَّة وهو ماشى سَلِّم على إخواته كلهم وباس إيدى وراسى وسَلِّم على أبوه، وراح آخر الشارع ورجع تانى، سألته إنت نسيت حاجة يا حبيبى؟ قال لى: لا يامَّه، أنا جاى أسَلِّم عليكم تانى خدى بالك من أبويا وإخواتى، معلش يمكن ما أرجعش تانى، يوم ما عرفت الخبر كنت رايحة أعمل ورق للشغل، اتصلت جدته وقالتلى: ارجعى أحمد استشهد سجدت فى الأرض، حَمَدت ربنا، وقلت احتسبتك عند الله يا ابنى، وقمت وقفت وزغردت، لأنه كان طالب الفرح ده، واتعمل له، الحمد لله أنا راضية بقضاء ربنا، ولو هاقدم أخوه التانى هاقدمه»، وختمت كلامها وهى بتحضن ملابسه وبتقول: «وحشتنى أوى أوى يا أحمد، ونفسى أضمك كده وأخدك فى حضنى، بس أنا فرحنالك، مبروك عليك يا أحمد جنتك ورضا ربنا علي».
■ الشهيد جندى أبانوب صابر جاب الله (مدينة القنطرة غرب بطل من أبطال كمين الرفاعى).. شقيقه: «أبانوب نزل إجازة، وجه قعد معايا وقاللى: (أنا نازل سيناء وهروح أحارب، أنا إتدربت وتعبت وزمايلى مش أرجل منِّى لما يروحوا هناك وأنا أنام فى بيتى)، أبانوب أصغر منِّى بس أنا كنت على طول ماشى بحسُّه فى البلد، كان عايش معانا راجل ومات راجل وعمرى ما هنسى رجولته، كان بمليون راجل».. ثم بكى.. والدته: «أول ما قال نازل سيناء قلتله: إللى انت شايفه إعمله يا ابنى بس هتوجع قلبى عليك، عارف يا أبانوب لو مت ومموتش حد فيهم يبقى انت عندى زى قِلِتَك قال لى: عيب يا ماما أنا راجل، والله إن ما قتلتهمش أنا هاموت، قلتله: خد بالك من سلاحك، اوعى سلاحك يا أبانوب، قال لى: مش هسيبه إلا لما أموت، قلتله: إنت ضهر أصحابك، اوعى أصحابك يا أبانوب، اوعى تكون جبان، قال لى: أنا مش جبان».. وفى يوم نادونى وقالوا تعالى فوق عشان بابا ميصحاش، قلتلهم يبقى أبانوب مات، مكذبش إللى قال قلب الأم بيحس، عُمْرُه ما زعَّل حد ولا حد زعل منه، كان راجل وبطل، راجل مسابش زمايله، ومجريش، وبطل لأنه ضحى بدمه عشان مفيش خاين يدخل البلد ديه، أبانوب له إتنين إخوات لو ينفع يدخلوا الجيش أنا مستعدة، ولو استشهدوا أنا هبقى فرحانة فرح الدنيا والآخرة إن عيالى عند ربنا، لإن ربنا هو إللى إداهم لى، وهو إللى عايزهم.. أقول له لأ؟ طب والله يوم ما عرفت إنه استشهد قلت عايزه أروح مكان ما استشهد وأمسك سلاحه وأموتهم بإيدى، وكتيبة أبانوب واللواء بتاعه والفرقة ١٨ أنا أفتخر بيهم، الرجالة ديه تتشال على الراس، القنطرة كلها من شرقها لغربها للإسماعيلية ترفع راسها وديه تكفِّى إن ابنهم البطل أبانوب».
■ الشهيد نقيب شرطة محمود منير (مدينة فاقوس محافظة الشرقية من ضحايا كمين الصفا ٢٠١٦).. والده: «أنا ربيته من صغره على الشجاعة، ميعرفش حاجة اسمها خوف، كان بيتمنى يكون ضابط، اتخرج واشتغل وكتب طلب يخدم فى سيناء، خدم ٣ سنين فى العريش، قلتله: يا ابنى تعالى، رفض، وقال: لسه لما آخد تار أصحابى، محمود كان بيتمنى يموت ويستشهد فى سيناء، ومات وهو بيقول تحيا مصر تحيا مصر، له صديق اسمه النقيب شريف، أخد أولاد عمه وراحوا مستشفى العريش، النقيب شريف قال: كنت داخل أتعرف عليه ونفسيتى تعبانة، لكن أول ما شفت وشه زى البدر فرحت وابتسمت»، واختتم والده كلماته قائلا: «أنا كنت عارف إنه مش هيكمل وهيموت صغير، محمود كان أول ما ينزل إجازة يدخل الأول يجرى على ابنه ويلعب معاه، أقول له: إنت بتعمل كده ليه هو مفيش حد خلِّف غيرك؟ يرد: دا ابنى حبيبى يا بابا، كان حاسس إنه هيسيبه بعد ٨ شهور بس، ورغم كده أنا متفائل إن ربنا هينصر مصر، ربنا والله هينصرنا، ومحمود مماتش، له إخواته وأصدقاؤه، أخوه هيكمل مسيرته، وابنه هيجيب حقه، وربنا يدينا العمر وأعيش لحد ما أشوف اللحظة ديه، أنا عارف حق محمود، وحق كل شهدائنا هييجى والله هييجى».
وللحديث عن ورد الجنة الطاهر
عرسان السماء الأحياء عند ربهم يرزقون
وللوصية بقية فى الجزء الثانى من المقال.