السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لحظة من فضلك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إنها سنوات العمر يا ليتنى أستطيع أن أرجع للوراء بالزمن، لأفعل ما لم أفعله، فلو كنت فعلت كذا أو كذا، لكنت الآن فى مكان آخر وكان مركزى فى الحياة متقدما أكثر مما أنا عليه اليوم.
نتعلم كل يوم مهارات جديدة، ونكتسب خبرات لم تكن موجودة فى سيرتنا الذاتية، نتيجة الاحتكاك بالمواقف، بل أيضا نتيجة مشاهدتنا فقط لما يمر من حولنا من أحداث.
وبعد فترة تتحدث إلينا أرواحنا المعذبة من عدم الرضا وقلة القناعة، فتارة تحدثنا عما ضاع منا من فرصة شراء أشياء قديما كانت رخيصة والآن لا نقوى على شرائها، لغلو ثمنها أو عن موقف إن كنت لو فعلته لما فقدت تلك الوظيفة التى لطالما تشتاق إليها أو عن أسلوب حياة انتهجه أحد واستطاع أن يتقدم عنك وفرص استغلها لتجعله الآن فى مكانة نراها أنسب إلينا من غيرنا.
يا لنا من بؤساء.. الحياة عبارة عن بعض أهداف، ومقبلات الحياة هو سعينا فى تحقيقها، أما اللذة فهى ما ننجح فى تحقيقه من أهداف ولكن لا بد أن نوقن بأن النجاح نسبى ولا يتساوى بين عقل وعقل، فما نراه ناجحًا عند آخرين ليس بنجاح، أو هو جزء من مشوار النجاح، وما نراه فشلًا عند آخرين من الممكن أن يكون أيضًا نجاحًا.
يا لها من تركيبة معقدة ولا توجد لها نقاط محددة.. ما نراه الآن سيتغير فالمستقبل وجهات نظر، وكما تغيرت الآن رؤيتنا لما مضى من أحداث فتقديراتنا لن تستمر طويلًا بنفس المقدار والأحداث لا تتوقف والخبرات تتزايد، ومن هنا ندخل المتاهة التى لن تنتهى، ولن نصل فيها إلى نهاية محددة ونجعل من أنفسنا أسرى لمرض لعين، ألا وهو عدم الرضا وقلة القناعة.
لقد تعودنا أن نفكر بطريقة واحدة طيلة حياتنا، فنرى الأشياء كلها من زاوية واحدة فقط، ولو غيرنا تلك الزاوية، من الممكن أن نفوز بشيء من الرضا والقناعة وهى السر الحقيقى للسعادة.
جلس مؤلف كبير أمام مكتبه وأمسك بقلمه، وكتب:
«فى السنة الماضية، أجريت عملية إزالة المرارة، ولازمت الفراش عدة شهور.. وبلغت الستين من العمر فتركت وظيفتى المهمة فى دار النشر التى ظللت أعمل بها ثلاثين عامًا، وتوفى والدى، ورسب ابنى فى بكالوريوس كلية الطب لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته فى حادث سيارة».
وفى نهاية الصفحة كتب: «يا لها من سنة سيئة..!!».
ودخلت زوجته غرفة مكتبه، ولاحظت شروده، فاقتربت منه، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب، فتركت الغرفة بهدوء، دون أن تقول شيئًا، لكنها وبعد دقائق عادت وقد أمسكت بيدها ورقة أخرى، وضعتها بهدوء بجوار الورقة التى سبق أن كتبها زوجها.
فتناول الزوج ورقة زوجته وقرأ منها: «فى السنة الماضية، شفيت من آلام المرارة التى عذبتك سنوات طويلة، وبلغت الستين وأنت فى تمام الصحة، وستتفرغ للكتابة والتأليف بعد أن تم التعاقد معك على نشر أكثر من كتاب مهم، وعاش والدك حتى بلغ الخامسة والثمانين بغير أن يسبب لأحد أى متاعب وتوفى فى هدوء بغير أن يتألم.. ونجا ابنك من الموت فى حادث السيارة وشفى بغير أية عاهات أو مضاعفات».
وختمت الزوجة عبارتها قائلة: «يا لها من سنة تغلب فيها حظنا الحسن على حظنا السيئ».
أحسنوا الظن بالله تسعدوا.