الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حرب الشائعات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حين نطوف بين جنبات التاريخ العربى القديم أو المعاصر، سنكتشف أننا أمام أمة لا تجيد ثقافة الحوار بقدر إجادتها لفنون القتل والاغتيال لمجرد الخلاف فى الرأى، فإما أن توافقنى وتتبعنى فى الرأى بدون تفكير، وإما أن أقتلك، والقتل يبدأ معنويا، وذلك بإلصاق مئات الاتهامات بك، والتى تظل عالقة فى أذهان الناس حتى وإن برأتك المحاكم، فالناس فى بلادى يصدقون كل ما هو سيئ عن البشر، ولذا فالشائعات يكتب لها الخلود وتتوارثها الأجيال تباعًا، ومهما حاولت نفيها فإن أحدا لن يصدقك، فالرئيس عبدالناصر أراد أن يسم الملك حسين وهو يودعه بعد القمة العربية فى سبتمبر ٧٠ فكلف أحد ضباطه بوضع السم فى كوب العصير، ولكن النادل قام بتغيير موضع الأكواب فشرب عبدالناصر السم، هذه الشائعة انطلقت عقب وفاة عبدالناصر وراجت بشكل كبير داخل المجتمع المصرى ومطلقها بالطبع هو أحد أعداء ناصر من الذين أرادوا أن يصوروا دمويته وانتقام القدر منه، ولكن بعد عام واحد من تولى الرئيس السادات الحكم ونجاحه فى الإطاحة بمراكز القوى أو رجال عبدالناصر، تم تعديل الشائعة لتصبح أن السادات هو من قام بصنع القهوة المسمومة لعبدالناصر، تماما مثلما سرت شائعة اغتيال السادات على يد الرئيس مبارك. وأذكر أنه عقب أحداث ٢٥ يناير ظهر أحد البرلمانيين المخضرمين فى برامج التليفزيون المختلفة ليحكى واقعة من خياله، ويؤكد أن مبارك أخرج مسدسه وضرب السادات به أثناء جلوسهما فى منصة العرض العسكرى مساعدا فى ذلك خالد الإسلامبولى ورفاقه، وكأنهم كانوا يريدون مساهمة مبارك فى قتل السادات، والغريب بل والعجيب والمذهل فى آن واحد أن بعض المحامين قد تقدموا ببلاغ للنائب العام لإعادة فتح التحقيق مرة أخرى فى قضية مقتل السادات، وإدراج مبارك كمتهم فى القضية، وذلك دون أدنى تفكير فى منطقية الحادثة المروية أو الشائعة التى حاول البعض خلقها انتقاما من مبارك الذى طالته شائعات كثيرة، كزواجه من فنانة معتزلة، ورغم نفى تلك الفنانة للأمر، فإن البعض يصرون على تصديق الشائعة تماما مثلما واجه السادات شائعة زواجه من مذيعة تليفزيونية شهيرة، وقد سرت هذه الشائعة سريان النار فى الهشيم رغم أن هذه الإعلامية كانت متزوجة وظلت مع زوجها حتى وافتها المنية، وقد طالت مبارك شائعة أخرى عن زواجه بشقيقة المهندس عبدالمنعم عمارة محافظ الإسماعيلية الأسبق، وعقب أحداث ٢٥ يناير أعلن عمارة كذب هذه الشائعة، ومع ذلك تجد من يرددها أمامك حتى الآن أو يعيد كتابتها على صفحات الفيس بوك، وأهداف الشائعات إما سياسية أو معنوية أو تجارية، فالشركات تتنافس فى إطلاق الشائعات على الشركات الأخرى، وعبر مواقع التواصل الاجتماعى يمكنك أن ترى شخصًا يضع صورة لزجاجة مياه غازية بها حشرة ويحذرنا من شراء هذا المنتج، أو ترى آخر يكتب عن حالة التسمم التى عانى منها حين تناول وجبة من مطعم معين، وكل هذه شائعات تجارية لتكبيد الشركات المنافسة خسائر مالية كبيرة، وفى ذات الوقت لترويج بضائع شركات أخرى، أما الشائعات المعنوية فهدفها بث روح اليأس فى نفوس أبناء شعبنا، وقد لاحظت فى الآونة الأخيرة أن الدولار يرتفع سعره على صفحات الفيس بوك أكثر مما هو عليه فى السوق السوداء، وكذلك أسعار معظم السلع الغذائية، مما يثير مخاوف الناس وقلقهم ويسبب ارتباكا كبيرا فى السوق، وعلى الحكومة أن تنتبه لهذه الحرب القذرة التى تقودها كتائب إلكترونية لتدمير الاقتصاد المصرى، والغرض هنا هو تقديم صورة مظلمة للمستقبل لإثارة الشعب ضد رئيسه، وهذا لن يحدث، لأن أرض الواقع تحمل مفاجآت من شأنها تكذيب كل ما ينشر عبر الفيس بوك وغيره، فالقادم أفضل ولو كره الكارهون، وخلال العامين القادمين سنحصد ثمار ما حدث فى العامين السابقين، وعلى من يرغب التأكد أن يترك الواقع الافتراضى الذى يعيش فيه عبر الفيس بوك، وأن يذهب إلى مواقع العمل المختلفة فى سيناء وبورسعيد والسويس وطريق الواحات والعاصمة الإدارية الجديدة، لكى يتأكد من أن المستقبل أفضل بكثير، وعلى من يطلق الشائعات أن يكف عن ذلك وأن يرحمنا.