الجمعة 01 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سلمان والسيسي.. عملية إجهاض المؤامرة على المنطقة

العاهل السعودى، الملك
العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبدالعزيز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


تأتى زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى مصر وسط تكهنات سبقتها تشير إلى توتر عالٍ بين البلدين، لم يفهم الذين أطلقوا تلك التصورات الفرق بين اختلاف الرؤى والتوتر، بل لم يفهموا طبيعة العلاقة القوية بين قيادة البلدين، بل والمصير المشترك الذي يربطنا جميعًا كأمة عربية وُلدت لكى تعيش وتكبر وتتقدم، وقبل هذا وذاك تتصدى مجتَمِعَة لمؤامرة ما زالت خيوطها تُحاك ضد هذه الأمة، شعوبًا وحكومات.

 

لقد تحطمت أحلام وخطط ومؤامرات أمريكا والغرب على الصخرة المصرية فى 30 يونيو، وكما كانت السعودية عاملًا حاسمًا فى انتصار الشعب المصرى فى حرب أكتوبر العظيمة قبل أكثر من أربعين عامًا، مثلت المملكة بجانب شقيقتها الإمارات العربية الداعم القوى لعبور مصر الثاني نحو كسر محاولات الهيمنة الغربية، وإلغاء الحدود، وإعادة تقسيمها عبر سايكس بيكو جديدة، تجرى على جثة منطقة الشرق الأوسط وفى القلب منها المنطقة العربية. 

 

فما أحوجنا، بعد كل تلك التجارِب الناجحة فى التصدى للمؤامرات التى تُحاك ضد هذه الأمة العظيمة، فى هذه الأيام، إلى قيام حوار استراتيجى مصرى سعودى، لأن العدو الذى يسعى لتقسيم الوطن العربى يقوم بكل ما هو واجب عليه للوصول إلى هدفه، بينما نحن نتكئ على المصادفات والعمل العشوائي والفردي لصد تلك الهجمات.

 

لقد كان الدرس الأكبر من دروس أكتوبر 1973 هو تكاتف العرب، وفى مقدمتهم مصر والسعودية، فى مواجهة إسرائيل المدعومة والمتحالفة مع أمريكا آنذاك، الأمر الذى غيّر من استراتيجيات الحرب والصراع فى العالم كله منذ ذلك التاريخ، ومنذ ذلك الوقت أقسم قادة اللوبي الصهيونى الذى يحكم العالم، ويسيطر على صناعة القرار فى أمريكا أن يكون ذلك الانتصار هو الأول والأخير الذى يمكن أن يحققه العرب على دولة إسرائيل، ذلك الكيان الذى يمثل جسر الغرب وأمريكا المتقدم فى الشرق الأوسط.

 

بدأ التخطيط الاستراتيجى للعدو مصحوبًا بالمؤامرات، ينسج خيوطه حول المنطقة، باستبدال الخطر الأحمر بالخطر الأخضر، ومرورًا بإقناع شعوب العالم المتقدم بالخطر الإسلامى الذى يجب مقاومته عبر حصاره فى منطقة معينة لا يبرحها، وانتهاءً برسم استراتيجيات جديدة للحرب تعتمد على تفجير العدو من الداخل.

 

ومن ثم بدأت عمليات تصدير العداء الشيعى السنى تحت ستار الأطماع التوسعية للدولة الفارسية المسماة "إيران"، وبدأ الإيحاء بإمكانية قبول حكم الإسلام السياسى لمنطقة الشرق الأوسط، شريطة أن يكون معتدلًا، ووضعت أول لبنة لحوار استراتيجى مع جماعات الإخوان الإرهابية وغيرها، وصولا إلى اللحظة الحاسمة التى وصل فيها الإخوان إلى السلطة فى أكبر دولة عربية، لتبدأ واشنطن وحلفاؤها فى حصد ثمار أربعة قرون من التخطيط الاستراتيجى الدقيق الذى يهدف لجعل انتصار أكتوبر هو الانتصار الأول والأخير للعرب على إسرائيل.

 

كانت الخطة الأمريكية تهدف إلى الضغط على الإخوان مستغلين ولعهم بالسلطة، أي سلطة، حتى ولو كانت على شبر من الأرض، لتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية لتفتيت الجيوش العربية والدول العربية، وخلق حدود جديدة تقوم على الرؤية العرقية بديلًا عن الرؤية الوطنية القومية، فينقسم العراق، بعد تفتيت جيشه، إلى دويلات ثلاث، كردية فى الشمال، وشيعية فى الجنوب، وسُنِّية فى الوسط. وتنقسم سوريا بعد استنزاف جيشها إلى دولة علوية، وأخرى سنية، وثالثة مسيحية، وكذا لبنان واليمن وصولا إلى السعودية ومصر.

 

وكما كانت مصر حجر العثرة الذى تحطمت عليه أحلام إسرائيل الكبرى "من النيل حتى الفرات" عندما لقنت الجيش، الذى لا يقهر، درسًا لن ينساه طوال فترة بقائه فى المنطقة، التى نتمنى ألا تطول، فقد تحطمت أحلام وخطط ومؤامرات الغرب على الصخرة المصرية فى 30 يونيو 2013، وكما كانت السعودية عاملًا حاسمًا فى انتصار مصر فى حرب أكتوبر المجيدة، مثلت المملكة بجانب شقيقتها الإمارات الداعم القوى لعبور مصر الثانى نحو كسر الهيبة الغربية عبر ثورة يونيو العظيمة. لكن السؤال المهم: هل استسلم الغرب لما حدث؟ والإجابة حتمًا بالنفى، فما زالت عواصمه تسعى لتركيع المنطقة والانتقام لما حدث لكرامتها فى 30/ 6 التى أهدرها الشعب المصرى عبر الإطاحة بعرايس الماريونيت الغربية المسماة بجماعة الإخوان، لذا فإن واجب اللحظة يحفز قيام حوار استراتيجى عربى، يبدأ بالدولتين المحوريتين، السعودية ومصر، وتلحق به وتشارك فيه الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج التى تدعم ثورة 30 يونيو، أملًا فى وضع أجندة لتحقيق رؤية عربية مشتركة فى مواجهة ما يحاك للأمة، رؤية لا تغفل المصالح الخاصة لكل دولة على حدة ولكنها تركز على كل ما هو مشترك يواجة الأمة والمنطقة.

 

رؤية تحدد ثوابت الصراع ودور كل دولة فى التصدى له، رؤية تبدأ باتفاقيات دفاع عربى مشترك مرورًا بتكامل اقتصادى عربى عربى، وصولا إلى تشكيل جبهة عربية صلبة تقف بالمرصاد ضد المخططات الغربية الهادفة إلى تقسيم وتركيع المنطقة لصالح إسرائيل الكبرى، فهل تدشن زيارة العاهل السعودى للقاهرة ومحادثاته مع شقيقه الرئيس عبدالفتاح السيسى تلك الرؤية؟ أعتقد أن الإجابة: نعم.

 

العدو الذى يسعى لتقسيم الوطن العربى يقوم بكل ما هو واجب عليه للوصول إلى هدفه، بينما نحن نتكئ على المصادفات والعمل العشوائى والفردى لصد تلك الهجمات.

 

تحطمت أحلام وخطط ومؤامرات أمريكا والغرب على الصخرة المصرية فى 30 يونيو، وكما كانت السعودية عاملًا حاسمًا فى انتصار الشعب المصرى فى حرب أكتوبر العظيمة قبل أكثر من أربعين عامًا، مثلت المملكة بجانب شقيقتها الإمارات العربية الداعم القوى لعبور مصر الثاني.