"زيارة العاهل السعودي لمصر تاريخية".. كان هذا هو الوصف الدقيق الذى استخدمه وزير الخارجية سامح شكري عند حديثه عن الزيارة المُرتقبة خلال هذا الأسبوع لخادم الحرمين الشريفين لدولة مصر الشقيقة نظرًا لما تُمثِّله هذه الزيارة من انعكاس للعلاقات الخاصة التي تربط البلدين.
فعلى قَدَمٍ وساق تجري التجهيزات الرسمية لاستقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث تأتي الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين لمصر رسميًا منذ توليه الحكم، في مرحلة بالغة الحسم والأهمية لتقطع كافة الألسنة والتقولات بشأن مزاعم تراجع العلاقات بين البلدين.
ورغم تعدد الرؤى والتحليلات حول الأهمية الكبرى التي تكتسبها الزيارة الممتلئة بجدول الأعمال، إلا أنه، وفي تقديرنا الخاص، فإن أهم ما ينتظر أن تُسفر عنه تلك الزيارة الإعلان عن تحالف مصري سعودي إماراتي بالمفهوم الشامل في مواجهة المخطط الشيعي الذي تقوده إيران لإقرار الفوضى وإثارة الاقتتال الطائفي في أغلب البلدان العربية عبر تسخير الأذرع الموالية لها لتنفيذ مخطط الهلال الشيعي للهيمنة على المنطقة العربية، وذلك على النحو الذي تشهده عدة بلدان عربية كما هو الحال في العراق، وسوريا، واليمن، وأخيرًا لبنان.
فلم تعُد تخفى المخططات الإيرانية السافرة للتدخل في الشئون الداخلية للدول العربية والخليجية على النحو الذي ظهر جليًا في تزويد الحوثيين بالأسلحة وتشجيعهم على التمرد على الحكومة اليمنية، وتزامنت تلك الأحداث أيضًا مع تحرك قوى مشبوهة تنادي بانفصال اليمن الجنوبي سابقًا عن اليمن الشمالي.
وتشير كافة الأدلة إلى وقوف ظهران كمخطِّط ومُحرِّض ومحرك أساسي للفتن والاضطرابات التي تشهدها عدة بلدان عربية لزعزعة أمن المنطقة مما يستلزم توحيد القوى العربية خلف راية موحدة لمواجهة هذا المخطط التآمري على النحو الذي يُبشِّر بقيام حلف مصري سعودي إماراتي موحد.
ويتضمن جدول الزيارة أيضًا بحث عدد من الملفات بالغة الأهمية يمكن القول إنها ستحدد خارطة مستقبل المنطقة خلال الأعوام المُقبلة لعل في مقدمتها إزالة الخلاف حول ملف الأزمة السورية، والمساهمة في إنجاح السياسات العربية وتوحيد العمل العربي المشترك من حيث الرؤى والسياسات، والاتفاق حول حل مشترك لأزمتي اليمن وليبيا، إلى جانب أنها تقطع ألسنة المشككين في العلاقات المصرية السعودية.
كما تعكس الزيارة أهمية التواصل بين مصر والمملكة، والذي يعد من أهم ركائز العمل العربي المشترك، والتوافق في السياسيات والرؤى وهو ضمانة أكيدة في نجاح السياسات العربية، وتوحيد العمل العربي، واتساعه إلى مستوى يليق بالتحديات الراهنة.
وتعد الزيارة رسالة ذات أبعاد استراتيجية هامة، ومن المقرر أن تتطرق المباحثات إلى مستقبل العراق والجهود الساعية للحفاظ على وحدة أراضيه.
كما تؤكد الزيارة على أن القاهرة ستظل هي العمود الفقري للأمة العربية في ظل الأهداف الساعية إلى تعميق التحالف الاستراتيجي بين مصر والسعودية، وإزالة أي تباينات في الرؤى والمواقف كما أنها تضع حدًّا للاجتهادات بين مصر والسعودية فيما يتعلق بحل الأزمة السورية، وتسعى إلى تقريب وجهات النظر، فمن جانبها ترى مصر ضرورة الوصول لمرحلة انتقالية حتى لو تضمنت بقاء بشار الأسد، بينما ترى السعودية الإطاحة بالأسد، إلى جانب بحث إمكانية الوصول لرؤية مشتركة فيما يتعلق بأزمتي ليبيا واليمن، وتفعيل دور التحالف العربي خلال الأيام المُقبلة.
ولعله من أبرز النتائج المرجُوَّة من هذه الزيارة بحث ملف تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين مصر والسعودية، وهذا ما تؤكد عليه كافة مواقف المملكة الداعمة لمصر، وقبل الزيارة وجَّه العاهل السعودي بزيادة الاستثمارات السعودية في مصر عن 30 مليار ريال، والإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة 5 سنوات.
فأهلًا بخادم الحرمين الشريفين في أرض الكنانة مصر، ولتكُن هذه الزيارة انطلاقة جديدة قوية للعلاقات بين البلدين اللذين يقفانِ في خندق واحد في مواجهة كافة رياح العواصف والتحدِّيات الخطيرة التي تحيط بالعالم العربي، والذى لولا التنسيق بين البلدين لتمكنت هذه العواصف من تقسيم العالم العربي إلى دويلات متناحرة.