الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثقافة النم.. نم!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم عدم معرفتى الدقيقة بالأستاذ حلمى النمنم حين تولى حقيبة وزارة الثقافة فإننى تفاءلت بشخصيته التى تبدو حادة وجادة لإصلاح حال الوزارة التى تهيمن عليها شخصيات تجمع بعضهم شبكة مصالح منذ عقود، وسيطرة بعض جهلاء محميين بالعلاقات الشخصية وشراء الذمم وجلسات «النم» فى الكافيهات والطرقات على كل مثقف لا يخضع لسلطانهم، يحاربون أى شخص آخر بشراسة لتظل دائرتهم الضيقة تلعب لعبة الكراسى الموسيقية -عفوا- الكراسى القيادية!!.. وإذا حاولت الدولة التغيير واختراق هذه الدائرة ينشط النم وتتعالى الأبواق حتى تتراجع الدولة عن مبتغاها.. أكتب ذلك حزنا على حال وزارة دورها أن تكون منارة تستقطب النوابغ وتستثمرهم، وتنقب عن المواهب وتأخذ بأيديهم، وترفع الوعى العام وتجلى صدأ العقول.. وهو الدور الذى يفوق علاج الأمية ومحاولة محوها والذى استنزف الجهد والمال خلال سنوات عديدة ولم يثمر النتيجة المرجوة، فالوعى والمعرفة لا تحتاج إلى ممارسة القراءة والكتابة فقط، بل يبرز فيه دور المثقفين الذين أصبحت الدولة تختزلهم فى أهل الفن والصحافة، وهم أشمل وأعمق من ذلك.. لقد كنا نأمل أن يضبط الوزير إيقاع الوزارة وتفاعلها وتناغمها مع مؤسسات الدولة للحفاظ على الأمن القومى، وخاصة أن المجتمع يقع بين راحتى التطرف الدينى والجماعات المضللة وبين أنصاف مثقفين ظنوا احتكارهم للعلم والمعرفة، وإمعانا فى الاختلاف يرفعون رايات الحرية بتطرف وبلا حدود، وهو ما يماثل التطرف الدينى فكلاهما تطرف ممقوت، لأنهم يصنعون إرهابا فكريا ويحمون ويدافعون عمن يضربون القيم الدينية والمجتمعية بل والإنسانية بأكملها، وأصحاب أى أفكار غريبة - حتى لو وصلت إلى الإباحية - رغم أن الحياء فطرة إنسانية لا يقبل الأسوياء خدشها، هؤلاء يمارسون على المجتمع حالة من الاستبداد الثقافى!!.. ولقد سمعت عن ندوة ثقافية فى صالون الهناجر الثقافى تنظمها «د. ناهد عبدالحميد» تحت مسمى «من أين نبدأ التجديد» مع «الشيخ خالد الجندى» وما إن أعلن عنها حتى انتفض البعض وأوقفوا انعقادها رغم أن الشيخ «الجندى» رجل وسطى لا ينتمى للجماعات المتطرفة ويميل إلى التبسيط والتباسط فى أحاديثه، وقد صُدم الرجل وعلق قائلا: «إن هناك متطرفين داخل وزارة الثقافة ودى مصيبة، واللى بيرفضونى لازم يقعدوا فى البيت».. فماذا فعل الوزير فى تلك الأزمة؟.. أليست الندوة حول ما نبتغيه جميعا من تجديد فى أسلوب الخطاب الدينى!!.. لقد قبل الوزير هذه الضغوط ولم تعقد الندوة ولم تعلن الوزارة عن أسباب إلغائها أو الاعتذار للجمهور الذى شرع فى حضورها.. ونجح «النم» فى فرض وصايته على الوزير النمنم!!.. وأصبحت سياسة الوزير واضحة يحاول جاهدا أن تبقى الأوضاع ساكنة هادئة وعلى ما هى عليه.. لا يرضيه غضب أو اعتراض أصحاب الأصوات العالية، مما جعله طيعا أمام مراكز القوى التى تمتلك علاقات قوية جدا بأجهزة رقابية مهمة وموثوق فى أدائها من القيادة السياسية!!.. ولقد أثار اجتماع الرئيس بالمثقفين بعض التساؤلات حول ترشيحات هذه الشخصيات!!.. فرغم أن اللقاء قد ضم بعض القامات العالية من المفكرين المحترمين، ولكن ضم أيضا الكثير ممن لا يجب أن ينالوا شرف مجالسة الرئيس وخاصة أنه لا طائل من وراء ذلك.. فقد ظهر بعضهم مبتزا ومستغلا للظروف المحيطة بالرئيس، فحاولوا ارتداء أردية المعارضة، ومن بين هؤلاء البعض من يتلذذون بالتهكم على الدولة والتطاول على رئيسها، والمسفهين لدور القوات المسلحة، والمتبجحين على وزارة الداخلية بالإهانات، والضاربين فى عقيدتنا الدينية الراسخة، ومستشارى رئيس الإخوان!!.. ويالا العجب أن يكون هؤلاء من يمثلون المثقفين!!.. ورغم ذلك انتظرنا نتيجة اللقاء ونحن طامحون أن يسفر عن استراتيجية لرفع مستوى الثقافة فى المجتمع خلال فترة محددة والعمل على إعلاء قيم العمل والكفاح والانتماء، وقيمة الرضا التى يعمل البعض على محوها من نفوس المصريين، ولكن مثقفى الرئاسة والذين يرونهم يؤثرون على الشارع المصرى!!.. طالبوا الرئيس بإطلاق سراح الأساتذة «البحيرى- ناجى» وبغض النظر عن سلوكهما المهين للمجتمع قبل الدين.. كيف لمثقفين أن يطالبوا رئيس الدولة «علنًا» بأن يتدخل فى القضاء؟!.. هل تلك ثقافة يريدون ترسيخها؟!.. أم صورة يبعثونها للأعداء بالداخل والخارج لتشويه صورة مصر وقضائها؟!.. أليس من الأجدى أن يطالبوا أنفسهم بإيجاد آلية للانضباط والحفاظ على الحرية المسئولة وليس الخروج على الآداب العامة والثوابت الدينية وأن يطالبوا بتشريعات وقوانين وليس تدخلا رئاسيا؟! هل سأل أحد منهم عن ضابط وجندى قد اختفيا فى الهجوم الإرهابى الأخير فى سيناء!! ألم يشغلهم أن يسألوا ماذا تفعل الدولة من أجلهما وما وصلت إليه فرق البحث؟! هل ناقشهم سيادة الرئيس فى تدنى إدارة المؤسسات الثقافية التى يصفقون لها ولا يعلمون أنها فى أسوأ أحوال التدنى، وأن ما يحيطها من أضواء براقة خداع بصرى!!.. هل واجههم بسلبياتهم وسوء أدائهم حتى أصبحوا عبئا على الدولة بدلا من أن يكونوا معينين لها…!! المثقفون يا سادة يفترض أنهم من يبنون الأمم بالفكر والسلوك الحضارى والقصص والشعر والأفلام وتجسيدهم لحياة أبطالنا من الضباط لإذابة الفجوة بينهم وبين من يجهلون حياتهم، وترقيق القلوب عليهم.. وإقامة الندوات الثقافية الجذابة لتجيب عن الأسئلة الحائرة بكل أريحية.. وليس الجلوس فى أبراج للتأفف والازدراء والعبث بمصير شعب قوامه أكثر من «٩٠ مليونا» لمجرد تحقيق مصالح ذاتية على جثة وطن!!