السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السَفَه "الأمريكاني"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أنها إحدى القوى العظمى، إلى جانب روسيا الاتحادية والصين الشعبية، مُذ تخلت عن مكانتها التى سعت إليها كـ «قوة عظمى وحيدة» بسبب سفهها ومفهومها التوسعى الاستعمارى، وعدوانيتها المستمرة وظلمها الدولى، وكيلها بمكيالين فى قضايا محسومة، ومناصرة الظالم وجريها الحثيث وراء مصالحها الخاصة، ووطئها المستمر على العدالة وتشدقها بعكس ذلك كله مما أفقدها المصداقية اللازمة، ليستمر الكبير كبيرًا، والعادل عادلًا والقوى قويًا، لتتحول الولايات المتحدة إلى «شِبه» دولة عظمى، فاقدة للصلاحية لتكون قاضيًا فى قضية أو حكمًا فى أى نزاع دولى هى غالبًا من أسبابه ونتائجه.
فعلى الرغم من مرور ٦٨ عامًا على سرقة الوطن الفلسطينى، وتحول شعبه إلى لاجئين، ووقوع بعضه تحت نير احتلال غبى، وتحت رحمة مستوطنين إرهابيين، يمثلون أعلى مراحل التطرف على مستوى الديانات الكبرى والصغرى فى هذا الكون الفسيح، فإن الولايات المتحدة التى تدعى أنها تمثل الديمقراطية فى أعلى توجهاتها تدوس على الضحية وتصاحب الجانى، ولا ترى فيما يفعل أى خروج على قانون دولى، أو أى تعاليم دينية رغم أنها توحى بأنها دولة قائمة على أسس روحية بدءًا من عملتها حيث تطبع على الدولار جملة «فى الله نثق» ويفترض أن تكمل «وفى إسرائيل أيضًا» لأنها «دولتها المفضلة» دائمًا وأبدًا، ربما لأنها تشبهها فى قيامها على أرض مغتصبة: فإسرائيل اغتصبت وطن الفلسطينيين، وهى اغتصبت وطن الهنود الحمر.. إسرائيل روعت وقتلت ودمرت وأمريكا كذلك، إسرائيل وضعت الفلسطينيين وراء جدار عازل وأمريكا وضعت بقايا الهنود الحمر فى محميات باعتبارهم حيوانات يُخشى عليها من الانقراض.
الأدهى من كل ذلك، أن أمريكا هى الدولة الوحيدة التى يبدأ مرشحو رئاستها بمغازلة دولة أخرى، تبعد عنها آلاف الأميال وقبل أن يغازلوا مواطنيهم الذين يملكون حق انتخاب الرئيس، ويزايد كل واحد منهم على الآخر فى حبه لإسرائيل وفى وعوده الجزيلة بما سيقدمه لها من دعم مالى وعسكرى ولوجستى قبل أن يغرى مواطنيه بتخفيض ضرائب الدخل أو زيادة الاعتمادات المالية للتأمين الصحى، وقبل حتى التلويح للشواذ بحقهم فى الحياة الكريمة وبالزواج المثلى.
ويزداد السفه الأمريكى فى غيه وغيابه عن الوعى الذى لا يليق بدولة كبرى، فيتبنى كل جرائم إسرائيل ويعطيها كارتًا أخضر بارتكاب المزيد جاعلة من حق النقض فى مجلس الأمن «الفيتو» سلاحا تشهره فى وجه العدالة الدولية، ومن أجل عيون إسرائيل تفتعل المعارك، وتدمر الدول المجاورة لإسرائيل وتحيك لها المؤامرات، وتبدأ فى تفتيتها وإعادتها إلى عصور الظلام والجهالة، من أجل «أمن الإسرائيليين وأمانهم» باعتبارهم شعب الله المختار، وأنهم الأحق بالحياة من جميع شعوب الأرض بمن فيهم الشعب الأمريكى ذاته.
ويتعاظم البله الأمريكى أمام «سيدتها» إسرائيل التى تملك الحق الوحيد فى اختيار الرئيس الأمريكى الذى يعدها «بالمن والسلوى»، فى حين لا يملك الأمريكيون من أمرهم شيئًا، فهم يسيرون كالنعاج وراء «الرغبة» الإسرائيلية الجامحة فى اختيار «ممثلها» الدائم فى البيت الأبيض خلال الفترة الرئاسية الجديدة وتترك الأمريكيين يعيشون حياتهم ركضًا وراء «الحلم الأمريكى» الشائه وجريًا وراء ملذاته التى وصلت حدها الأعلى بزواج المثليين من الرجال والنساء وإذا كانت المثلية تتمثل فى رجلين شاذين يملكان «أداة الفعل»، فكيف هى فى امرأتين تتزوجان من بعضيهما، وكيف «تمارسان» زواجهما على سرير الواقع؟.
وأثبت الشعب الأمريكى الذى يجرى وراء شهوتيه البطن والجنس، وبما يُفعل فيه من تهميش أنه شعب من الدرجة الثانية، بل لعله لا «يلتحق» بشعوب العالم الثالث أو التالف من وجهة نظرنا المتواضعة، لأنه لا يملك أمره ولا مصيره، ويعيش فى ظل أكذوبة كبرى اسمها «الديمقراطية والحرية الأمريكية»، والتى تحركها وتملك ناصيتها إسرائيل بما تملك من وسائل الإعلام والميديا الحديثة، وإن كانت على أرض أمريكية لأن ولاء مالكيها اليهود يكون لإسرائيل أولًا وثانيًا وثالثًا.. ثم لأمريكا التى يحملون جنسيتها ويتمتعون بثرواتها وخيراتها، ويعتبرون وجودهم فى تلك الحالة «أمرًا من رب اليهود» الذى هو رب الجنود، الذى اختارهم وفضلهم عن العالمين، وجعل «الأغيار» أى كل من هو من غير اليهود خدمًا لهم ولمجد «مملكة داود» التى «ستعيش» ألف عام سلمًا يرقون عليه إلى غايتهم الأسمى وهى دولة اليهود الممتدة من النيل إلى الفرات.. وأنه من أجل هذا خلق «ربهم» خادمتهم أمريكا التى أصبحت أطوع إليهم من بنانهم، وأقرب إلى طاعتهم من حبل الوريد.