دقت ساعة العمل.. لعل هذا هو التعبير الأنسب لحالة الترقب التي صاحبت إلقاء بيان حكومة المهندس شريف إسماعيل أمام مجلس النواب.. فرغم التأخر الملحوظ في إعلان هذا البرنامج إلا أنك أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدًا.
وبصرف النظر عن ما ورد في بيان الحكومة من جرعة تفاؤل لا بأس بها بداية من رعاية الفقراء، ومواجهة أزمة البطالة، وإصدار حزمة قوانين من شأنها تحفيز الاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد للأمام، وبين ما كان ينتظره الشعب من قرارات مباشرة تعينهم على مواجهة تحديات الحياة التي لا ينكر أحد صعوباتها بداية من اشتعال الأسعار وعدم وجود فرص عمل أمام ملايين الشباب.. إلا أن ما ورد ببيان الحكومة يعتبر بداية لا بأس بها إن خلصت النوايا وتوافرت إمكانات التنفيذ على أرض الواقع.
وبين هذا وذاك يتحتم على الحكومة والوزراء القيام بعدة أمور لعل من شأنها مسايرة طموحات وتطلعات أبناء هذا الشعب الصابر الذي انتفض في ثورتين خلال عامين فقط سخطا على الأوضاع المعيشية المتردية، وأملاً في نيل حقوقه المشروعة المتمثلة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وفي مقدمة هذه الإجراءات تضييق الفجوة الاجتماعية الكبيرة بين المواطنين في الأجور، والتي أسفرت عن تآكل الطبقة المتوسطة وانقراض شريحة محدودي ومعدومي الدخل على نحو بات يهدد الأمن والسلم الاجتماعيين، وبات يهدد بحالة انفجار اجتماعي لا أحد يعلم مداه.
أما ثاني هذه المتطلبات أن تعلن الحكومة في أقرب وقت بعض الإجراءات العاجلة لحماية وتأمين البسطاء من موجة الغلاء المتوقعة في أعقاب الإجراءات المؤلمة التي تحدث عنها رئيس الوزراء منذ أيام لإصلاح الاقتصاد المصري، وذلك بوضع منظومة جديدة للدعم تتماشى مع مستجدات الأوضاع، وتوفر مظلة رعاية آمنة للفئات الأولى بالرعاية.
كما أن الحكومة مطالبة بتحديد موقفها من خطة تشغيل الشباب ومكافحة البطالة والإعلان عن آفاق الاستثمار المتوقعة، وذلك كإجراء عملي لإنقاذ الشباب من الانزلاق في هوة التطرف والإرهاب، ووضع معايير موضوعية تتسم بالشفافية والعدالة لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والابتعاد عن الوساطة والمحسوبية.
وفي القلب من كل هذه المتطلبات يجب أن تضع الحكومة نصب عينيها بعض التجارب المشرفة التي اتخذتها بعض الدول العربية مثل الإمارات التي قامت مؤخرا باستحداث وزارتي السعادة والتسامح سعيا لإرضاء المواطنين وزيادة جرعة الولاء والانتماء لديهم ليصبحوا مواطنين أسوياء قادرين على النهوض بمجتمعهم والدفاع عنه بأرواحهم.
وفي هذا الشأن أقترح إنشاء "وزارة الأمل".. تكون مهمتها الأساسية إحياء الروح والقيم الإيجابية في نفوس المواطنين، بغض النظر عن اسمها، وتعتمد آليات عمل هذه الوزارة على نشر المفاهيم البناءة ومنع تسلل اليأس والسلبية إلى نفوس المصريين وإرساء وتدعيم روح المشاركة، واحتواء طاقة الشباب لتوجيهها لما فيه خير هذا البلد الأمين.
فالمواطنون يعقدون آمالاً عريضة على المرحلة المقبلة في أن تتحسن الأوضاع.. فعلى الحكومة أن تضع كل ما ينفعهم هدفا استراتيجيا.. والفرصة الآن مناسبة أكثر من أي وقت مضى.. فالقيادة السياسية متمثلة في شخص الرئيس عبدالفتاح السيسي لا تضيع أي مناسبة إلا وتؤكد تصدر أبناء الشعب المصري الأولى بالرعاية لقائمة الاهتمامات والأولويات.. فعلينا ترجمة هذه الوعود إلى إجراءات على أرض الواقع، هذا إن أردنا الخير لمصر.