تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
فى ظل أوضاع مضطربة تشهدها أمتنا العربية خلفت وراءها آلاف القتلى والأيتام.. باتت مساحة اليتم فى وطننا العربى أكبر من القدرة على احتوائها أو التغافل عنها، فما أقسى الحياة وتبعاتها على اليتيم الذى يكابد بمفرده ويكافح من أجل البقاء تحت مظلة آمنة تحتويه وما أحوجه للمسة حانية تربت على كتفه وتمسح وجعه وتقول له لست وحدك فكلنا معك.
ومع حلول الجمعة الأولى من شهر إبريل تأتى الاحتفالية السنوية بيوم اليتيم وفيه تتسلط الأضواء والكاميرات على نجوم الفن والإعلام والسياسة تحيط الجميع وهم يتبادلون الصور التذكارية بهذه المناسبة، وبعد أن تطفأ الأنوار الإعلامية وينفض المولد يتوارى اليتم من المشهد وينزوى وحيدا فى دار رعايته ويعود مرة أخرى خارج المشهد.
وابتكار يوم اليتيم جاء فكرة نبيلة لكى يشعر هؤلاء الأيتام بأن لهم وجودا فى المجتمع وحقوقا، وأنهم بشر يستحقون الاهتمام والرعاية وأن يعاملوا كأفراد طبيعيين.. ورغم أهمية يوم اليتيم وفكرته الجيدة إلا أن الاحتفال لا يزال مقصورًا على الشو الإعلامى فقط دون تحقيق مكسب حقيقى للأيتام يتواصل على مدار العام بل وطوال حياته من حيث دراسة أحوالهم واحتياجاتهم وتوفير سبل الرعاية اللازمة لحمايتهم.
وقد أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وأشار بأصبعيه السبابة والوسطي»، ما يدل على مكانة اليتيم ومنزلته فى الإسلام، لذلك يجب أن يتحول يوم اليتيم إلى احتفال حقيقى ومشاركة فعالة، ويجب أن تتبنى الجهات الحكومية مسئولية ورعاية الأيتام بشكل أكبر وأوسع من ذى قبل حتى يتم دمجهم فى المجتمع ورفع الظلم عنهم، فالنوايا الحسنة وحدها لا تنبت زرعا والمشكلات لا يرطبها النسيان مهما طال أمده.
ويبقى الإحسان إلى اليتيم، ورعايته والاعتناء به وكفالته، من أعظم القربات لله تعالى. فلا يصح شرعًا ولا طبعًا ولا وضعًا أن يحرم هؤلاء مرتين؛ مرة من حنان الأمومة، وعطف الأبوة، وأخرى من رحمة المجتمع ورعايته.
إن وقوع الأطفال ضحية للحوادث الناجمة عن الإهمال أو سوء المعاملة والتجويع وسوء التغذية، فضلا عن الاتجار بهم، سواء بالبيع أو الإيجار لبعض الفئات التى تستخدمهم فى التسول.. بخلاف كونهم أهدافا سهلة للمتطرفين وأعداء الدين كل ذلك يجب التصدى له من خلال رعاية الدولة للأيتام وتوفير رعاية طبية، واجتماعية، نفسية لهم بدور الأيتام بهدف تحجيم عزلتهم عن المجتمع ووضع لوائح تحميهم من خطر الاستغلال الجسدى والنفسى إلى جانب تطبيق الفصل السكنى وفق النوع والسن والإيفاء بالاحتياجات الثقافية والترفيهية.
فدور الأيتام ذاتها تحولت إلى عوالم سرية بعيدة عن الرقابة يمارس بها انتهاكات جنسية وأفعال مشينة لليتيم فى ظل عدم وجود رقابة إدارية نزيهة تحميهم من الانتهاكات الخطيرة لحقوقهم ولإنسانيتهم وكرامتهم وحقهم فى الحياة الكريمة.
وفى ظل الصمت والجهل والتكتم المفروض على قضايا هذه الفئة ومطالبها التى يصرخ بها لسان حالها المغلوب على أمره، فلا يسعنى إلا أن أناشد ضمير كل مسئول للالتفات إلى مأساة أطفال مصر المودعين فى الدور التى يفترض بها رعايتهم وفقا للقانون المصرى والقوانين والأعراف الإنسانية والدولية.. فهل من مجيب؟!