على عينى وراسى نجومية عادل إمام.
على عينى وراسى شعبيته وشهرته، وشهرة كل نجومنا، ولكن للصحافة أصولها يا جماعة... حتى لو كان النجم ليوناردو دى كابريو، لا ينبغى للصحفى أن يكون صغيرا، مبهورا، مرتعشا، لا يكاد يصدق أن دعاء أمه استجيب، وأن القدر أنعم عليه بلقاء عادل إمام، أو دى كابريو.
قامت الدنيا على فتاة «اليوم السابع» لأنها من شدة خضتها وفرحتها نسيت أنها صحفية، تمثل جريدتها ونقابتها ومهنتها وبلدها، وسألت ذلك السؤال العجيب الذى تحول إلى نكتة دولية «وات أباوت يور أوسكار؟».
لكن فتاة الأوسكار، للحق، معذورة، لأن المناخ كله الذى خرجت منه يعانى من «التهتهة» وقلة القيمة وعدم المهنية، ومن أفضل ما كتب عن هذا الموضوع مقال للأستاذة ماجدة الجندى تحدثت فيه عن الانهيار العام للصحافة المصرية، و«بوست» على الفيسبوك للفنان أحمد اللباد، تحدث فيه عن حالة تسطيح وتفتيت وتدمير اللغة التى يعانى منها المصريون بفعل فاعل منذ عهد مبارك.
الله يرحمه الفنان اللبنانى الكبير منصور رحباني، فى آخر أيامه كان يجرى حوارا مع مذيع لبنانى شهير عندما سأله سؤالا غبيا من نوعية «تقول إيه للفنان فلان؟ وتقول إيه للفنانة علانة؟» فقال له ما معناه «ارحمنى من أسئلة المصراوية هذه».
يومها، بعد أن ضحكت حتى استلقيت على قفاي، فكرت فى كلام الأستاذ منصور، وأدركت بالفعل أن هناك شيئا اسمه «أسئلة الصحفيين المصراوية».
هذه الأسئلة المرتجفة، المنبهرة، التى ليست أسئلة، بل وصلات مديح أو عبارات هلامية غامضة، ظلت تتردد لأكثر من ساعتين فى حوار تليفزيونى أجرته المذيعة منى الشرقاوى مع الفنان عادل إمام كضيف للحلقة الأولى من برنامج حوارى جديد، يفترض أنه سيجرى حوارات ليس فقط مع مشاهير النجوم العرب، بل العالم.
المدهش أن المذيعة ليست فقط إعلامية قديمة وصاحبة خبرة بل صديقة عائلية لعادل إمام، بما أن زوجها هو الكاتب الخصوصى لأفلامه ومسلسلاته منذ عشرين عاما... مع ذلك فمن يشاهد الحوار يمكن أن ينتابه الشعور بأنه أمام مذيعة صغيرة تواجه الكاميرا لأول مرة، ولا تكاد تصدق نفسها أن دعاء الأم واستجابة القدر أنعما عليها بلقاء «الزعيم»...لدرجة أن المشاهد يمكن أن يرى ارتعاشة ركبتيها وتوتر كتفيها وخواء ابتسامتها التى لا تفارق شفتيها، وهى تسأل تلك الأسئلة العجيبة من نوعية حضرتك أفضل وأول وأعظم وأكبر وأشهر وألمع... لدرجة أن «الزعيم» نفسه كان يضطر فى أحيان كثيرة إلى إبداء التواضع والاستنكار ونسب بعض الفضائل إلى زملائه.
باختصار.. هذا ليس حوارا، ولكنه نوع من تعبد العبيد فى محراب السلاطين، أو تعبد الصحفيين المصريين فى محراب الفنانين.