الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

خارطة طريق الكنيسة ... نقطة نظام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتنازعنى خيارات متخالفة فى لحظة فارقة ودقيقة إن على مستوى الوطن أو الكنيسة، ونحن نعانى من سعى القوى الرجعية لوقف حركة التاريخ للخروج بمصر من نفق طويل وممتد تناوب على تعميقه وسد مخارجه نظامين اختلفا فى الأدوات واتفقا فى الهدف؛ وعلى جانب أخر تشهد الكنيسة نقلة نوعية لإعادة ترتيب وهيكلة مؤسساتها، بعد مرحلة طويلة من المواجهة مع قوى كانت تستهدفها ونظم سياسية تعمل على تقزيمها، واعتمادها ممثلاً سياسياً للأقباط على غير رغبتها ورغبتهم، ليتحولوا الى طائفة فى وطن فى مغازلة من النظام للتيارات الظلامية.
كان ملف الكنيسة محل اهتمام التيار العلمانى القبطى فى محاولة للفت الأنظار لحاجة الكنيسة الى وقفة مع النفس، تقرأ فيها واقعها وتعيد ترتيب أوراقها بعد سنوات ممتدة من الإرتباك بفعل انشغالها بحماية رعيتها من هجمات ممنهجة تطال وجودهما ـ الكنيسة والأقباط ـ وليس فقط التضيق عليهما، وشهدت المحاولة معارك على اصعدة مختلفة لكنها وثقّت حراكها فى أعمال مؤتمرات سنوية إمتدت من 2006 حتى 2010، تناولت اشكاليات كنسية مقلقة، وقدمت وثائقها وابحاثها التى تحمل رؤى الحل للكنيسة، قداسة البابا شنودة الثالث ومجمع الاباء الاساقفة والمجلس الملى، ولم تلتفت لضجيج من استشعروا أن مصالحهم المستقرة معرضة للإختلال من هذا الحراك، أو من لم يتعودوا على الطرح العام لما يرونه شأن خاص.
حتى كان الإنفجار الشعبى فى 25 يناير 2011 فى لحظة تجمعت فيها ارادات مختلفة فى عفوية رافضة لنظام لم يعد قادراً على التفاعل مع شعبه، ولم يكن شباب الأقباط خارج المشهد بل كانوا فاعلاً حيوياً فى المد الهادر ليؤسسوا للخروج من اسوار الكنيسة سياسياً وتنتبه الكنيسة لرياح التغيير وتستوعبه بعد لحظات المفاجأة، وتسترد موقعها الصحيح الذى كان لها، والمكلفة به انجيلياً وآبائياً، ويأتى البابا تواضروس الثانى ليتسلم مهام رعاية الكنيسة بعد رحيل البابا شنودة الثالث، ويعلن مجدداً ان الكنيسة ليست لاعباً سياسياً ولن تكون، ولا تفرط فى دورها الوطنى كما كانت منذ تأسيسها.
وقد بادرنا بتقديم ملف يضم مجمل رؤيتنا فى اعادة هيكلة التعليم والرهبنة والإدارة والأحوال الشخصية وغيرها من الاشكاليات الكنسية المعاشة لقداسة البابا فور إعلان نتيجة القرعة الهيكلية، وتوافقت مع توجهه العلمى والادارى والكنسى ايضاً، وشهدت الكنيسة فعلاً على الأرض فى اتجاه اعادة الترتيب بما يتوافق واحتياجات اللحظة والإفادة من مستجدات علوم الإدارة وامكانات الكنيسة الروحية والمادية والبشرية.
واخترنا طوعاً أن ننتقل بالملف الكنسى إلى أروقة الكنيسة بعد أن فتحت ابوابها للحوار بمنهج جديد يعيد التواصل مجدد وفق الموروث الآبائى الحاضن للكل، تأسيساً على ايمانها ونحن معها وفيها بأنها جسد واحد يقوم ويحيا على التكامل.
يدعمنا فى ذلك انتباهنا إلى أن الكنيسة صارت هدفاً لنيران بعض من الجماعات الإسلامية المتطرفة تحاول ان تفرض مشروعها حتى بعد ان جلست على مقاعد الحكم، وزاد الأمر فداحة بعد ان أجليت عنها بالثورة الشعبية فى 30 يونيو 2013، وبعد ان تم تفكيك اعتصامى رابعة والنهضة تمتد اياديهم الآثمة لتحرق وتدمر ما يقرب من الثمانين كنيسة ومنشأة خدمية مسيحية، ومازالت تحاصر قرى فى عمق الصعيد وتمارس ارهابها على أقباطها.
وهو أمر يضع الدولة أمام مسئوليتها فى حماية مواطنيها، ومواجهة الإرهاب بحسم وقوة، فعودة الأمن هو المطلب الأول الذى تتأسس عليه توجهات ومخططات التنمية والخروج من مأزق الإنهيار الذى يرتب له كل القوى الظلامية المتحالفة مع مخطط تففكيك الوطن وإعادة رسم خريطة المنطقة، والتى افسدها التحرك الوطنى الجسور للجيش المصرى مدعوما بل ومدفوعا من جموع الشعب المصرى الصامد.
ويبقى للكنيسة دور حيوى ولازم لمواجهة مخططات استهداف الأقباط القائمة والمستمرة، لعل احد جوانبه إعادة النظر فى إقامة الإحتفالات الشعبية الموسمية بمناسبات القديسين، المعروفة شعبياً بالموالد، فقد تلقيت استغاثات متتالية من الأقصر تحديداً ـ وهى واحدة من المحافظات المستهدفة من الجماعات الإرهابية على مستويات مختلفة، خاصة السياحة والأقباط، وتضم جماعات ارهابية تعلن عن نفسها وتقطع الطرق وتحاول ان تروع الامنين ـ كانت الإتصالات تتحدث عن إصرار بعض مسئولى الكنيسة المحليين على تنظيم احتفالات مولد مارجرجس الرزيقى (دير مارجرجس بالرزيقات على مسافة 13 كم جنوب أرمنت و 5كم جنوب غرب قرية الرزيقات) الذى يفد اليه عشرات الآلاف من الزائرين والمريدين، بحسب الموروث الشعبى، فى غير التفات لكارثية هذا القرار فى توقيت مفخخ، ومازلنا نذكر أن احتفالات العام الماضى قد شهدت احتراق وتدمير 220 خيمة (9 / 11 / 2012)، وفى العام الأسبق تشهد نفس الإحتفالات حريقاً مشابهاً التهم 165 خيمة (1 / 11 / 2011) ، وذكرت المصادر الكنسية وقتها ان قداسة البابا شنودة يتابع الاحداث كاملة من خلال اللجنة الباباوية الموجود بالدير حاليا والمكلفة بالأعمال الروحية و الإدارية الخاصة بالدير ، وتم القبض علي مجموعة غير مسيحية داخل الدير وتم تسليم المشتبه فيهم للشرطة . وأكدت نفس المصادر عبر وسائل الإعلام وقتها ان قداسة البابا يدرس الآن الغاء احتفالية المولد تخوفا من حدوث ازمة بسبب هذا الحادث.
وبحسب اتصال من بعض القريبين من دائرة الدير أن وفداً من المسئولين الكنسيين التقى محافظ الأقصر قبل أيام ودار حديث حول المولد وأبدى المحافظ اللواء مهندس طارق سعد الدين تحفظه وتخوفه من اقامة احتفالات هذا العام ونحن على مشارف موعده مع بدايات شهر نوفمبر القادم، وأنه لا يملك القوات الكافية لتأمينه، وأمام إصرار الوفد الكنسى وعد المحافظ بتأمين جزئى وإن كرر تخوفاته الأمنية.
الأمر نضعه أمام قداسة البابا لمواجهة الإصرار على اقامة الإحتفالات بشكلها التقليدى ووفود الآف الزوار والمريدين، وسط تخوفات امنية وتهديدات حقيقية من جماعة فقدت بوصلتها، ويحركها شعور الانتقام ومازالت تمارس ارهابها فى محافظات الصعيد، ولها وجود ملموس بمحافظة الأقصر، ولا يمكن ان يترك الأمر ومن ثم القرار فى يد من لا يقدرون خطورة المشهد من أجل حسابات ضيقة غير مقبولة، وغير مسئولة، وقد يكون القرار بإرجاء الاحتفالات فرصة حقيقية لتقييم منهجها ومسارها واعادة ترتيبها بحسب الهدف الرعوى والخدمى الصحيح، على مستوى الكرازة فى كافة انحاء الوطن، ونحن نثق فى رؤية قداسته التى تبدت فى قراراته التنظيمية المنضبطة والمدروسة بغية إعادة مأسسة الكنيسة وفق تطورات نظم وآليات الادارة واحتياجات الرعية المتجددة فى عالم سريع التطور.