تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
يسود مصر المحروسة فيضان من الفوضى غير الخلاقة!
وهذا الفيضان يتمثل في الانقسام السياسي الحاد والاحتقان الاجتماعي والمظاهرات والمظاهرات المضادة، التي يستخدم فيها بحرية مطلقة إلقاء الطوب وقنابل المولوتوف على قوات الأمن، أو على المباني الحكومية بما في ذلك القصور الرئاسية!
وإذا أضفنا إلى ذلك الانفلات الأمني الواسع المدى، الذي من أمثلته المعبرة سرقة سيارة رئيس البنك المركزي وقتل حارسه جهاراً نهاراً في السابعة صباحاً، بالإضافة إلى عشرات الجرائم المماثلة، كل ذلك يدفعنا إلى القول بأن هذه الفوضي الشاملة لم تحدث إطلاقاً في أي فترة من فترات التاريخ المصري الحديث والمعاصر.
وأخطر من ضياع الأمن الانفلات المسلكي– إن صح التعبير- وإصرار الجماهير الغاضبة على أخذ حقها بيديها بعد تدهور دولة القانون، وأصبح من الحوادث العادية أن تنطلق الجماهير في بلد ما للقبض على مجموعة بلطجية وقتلهم وسحلهم في الشوارع!
بل إن قوات الأمن الغاضبة من مقتل أحد الضباط، وأثناء تشييع جنازته قبضت على مشتبه فيه بمقتل الضابط، وانطلقت لضربه ضرباً مبرحاً بل سحله، ونقل بعد ذلك إلى أحد المستشفيات بين الحياة والموت!
وإذا أضفت إلى ذلك الإضرابات الفوضوية من قبل العمال أو المواطنين أو حتى أمناء الشرطة، ورفع مطالبات مشروعة أحياناً وغير مشروعة أحياناً أخرى، لأدركنا أن عملية الإنتاج قد توقفت، وتفرغ الناس للتظاهر.
وآخر ما نشرته الصحف أن عمال وموظفي المنشآت السياحية أضربوا وتظاهروا، مطالبين بأن توزع عليهم نسبة الخدمة وهي 12% ولا تعطى للمؤسسات، وقيل إن وزير السياحة وافق مبدئياً ثم رفض التوقيع على القرار، ولذلك انطلق المتظاهرون إلي مكتبه ومنعوه من الخروج حتي يرغموه إرغاماً علي التوقيع!
مشاهد عبثية، ضاع فيها الحق وانتشرت دعوات الباطل، وسقط القانون، وأصبح الصوت الأعلى للقوة والعنف، وهذا العنف أصبح مشتركاً بين الثوار من ناحية الذين قيل إنهم سئموا من شعار “,”سلمية سلمية“,”، والبلطجية الذين تعتبر ممارسة العنف أسلوبهم في الحياة.
وضاعت مصالح الغالبية العظمى من المواطنين الذين يواجهون بتعطيل المترو باسم العصيان المدني، أو إغلاق أبواب المجمع وحرمان المواطنين والمتعاملين من دخوله، وإغلاق مداخل ومخارج ميدان التحرير ومنع السيارات من السير.
كيف نصف هذا المشهد الفوضوي؟ وكيف سمحنا لأنفسنا بأن تختلط الثورة بالفوضى؟ وكيف دفعنا الجماهير العادية دفعاً إلى أن تكفر بالثورة وتتمنى لو عاد النظام السابق الذي عانت من قهره السياسي وفساده؟
أسئلة تحتاج إلي إجابات موضوعية في ظل تقاليد النقد والنقد الذاتى!