السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قدرات خاصة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أولادنا وبناتنا، حلم عمرنا، نتمنى لهم أن يتفوقوا علينا، وأن تصبح إنجازاتهم أكثر بكثير مما أنجزناه فى حياتنا، وبالرغم من ذلك لا نسترجع تاريخنا وتاريخ من مررنا عليهم فى حياتنا لنعلمهم من تلك الخبرات.
لا نستخدم مع أبنائنا غير ما توارثناه من كثير من الأفكار وشكل الحياة لم نفكر فى صلاحيته، مثله كمثل كثير من الموروثات التى يجب أن نتخلص منها التى صنعت ثقافة مدمرة لمجتمعنا تدمره بواسطتنا.
نحن نصب تفكيرنا فى تفوق أبنائنا العملى أثناء فترات الدراسة ونصنع كثيرًا من التخوفات داخلنا حين الإخفاق أو حتى الأداء الضعيف، وكل هذا الإخفاق والأداء ما هو إلا وجهة نظر داخل عقولنا نحن فقط.
لم يبذل أحد أى مجهود لمعرفة ما يميز هذا النشء من مهارات من الممكن أن تكون بعيدة كل البعد عن مجال دراسته، ومن الممكن أن تكون سبب سعادته طيلة حياته وتكون له منها خبرات تورث لمن هو بعده وتكون أول خطوة فى تغيير ثقافته للأفضل، وسببًا لبنائه داخل المجتمع.
من الطبيعى أن فاقد الشيء لا يعطيه ومن أين يأتى الآباء بتلك النظرة المختلفة، وهم فى الأساس لم ينظر لهم، وكل من نجح من ذلك الجيل بذل الكثير لينجح وللأسف، لأن مجتمعنا غير متوافق مع تلك النظرة المختلفة وجدت كثيرًا من النجاحات غير مرتبطة بعضها ببعض، وأصبح الشكل العام عشوائيًا غير متناسق.
اليوم ونحن فى حاجة عميقة لعمل ثورة ثقافية حقيقية لا بد من إعادة التفكير فى كيفية اكتشاف ما يتميز به كل طفل فى هذا المجتمع، ونسلط على تلك القدرات الأضواء، لننميها ونستفيد منها.
ولن نترك كالعادة تلك المهارات تنمو فى عشوائية وتحت تصرف الآباء الذين يكدحون للقمة العيش.
يجب أن تبدأ منظومة التعليم فى تحديد أهدافها فى هذا الشأن، بعيدًا عن المناهج الدراسية، فلا بد من وجود إدارة متخصصة فى كل مدرسة لإدارة المواهب، وليس المقصود هنا بالمواهب أن تكون فنية فقط، بل إن كانت موهبته فى كسله أو عنفه أو قيادته أو أى شىء يمكن أن نبحث فيه لتغييره أو صقله.
هناك شخص اسمه جوان «Juan» نشر أب أمريكى تعليقًا يعبر فيه عن تعجبه من أمر عجيب. هذا الأب له ابنتان، الأولى متفوقة دراسيًا حتى ضموها لفصل خاص لأمثالها لمساعدتها على التفوق الدراسى، والثانية تعثرت دراسيًا، وحين كانت تحرز درجات المرور وعدم الرسوب، فرحت العائلة كلها، حتى الآن لا عجب، فالعجب يأتى حين مرت الأيام، وتخرجت المتفوقة وبحثت عن وظيفة، فلم تجد سوى معلمة فى حضانة أطفال براتب ضعيف، بينما الثانية أسست شركة مستحضرات تجميل خاصة بها تدر عوائد سنوية قدرها ٢ مليون دولار.
حتى أنت الآن، ستقلب الأمر فى عقلك، ثم تقول لى هذه حالة وحيدة لا يمكن أن تبنى عليها نظرية، لكنك من داخلك تعلم أن هذا ليس صحيحًا، فالمتفوق دراسيًا نهايته إما أستاذًا جامعيًا أو موظفًا فى رتبة عالية، وحتى هؤلاء نسبتهم قليلة، فالكثير من المتفوقين دراسيًا إن لم تتلقفهم جهة حكومية تنفق على نبوغهم، فللأسف سيخبو نجمهم ويضيع حلمهم ويعيشون حياة تقليدية غير التى كان الناس يظنون أنهم سيصبحون عليها.
أرجو عدم التسرع، أنا هنا لا أهاجم المتفوقين علميًا ودراسيًا، أنا هنا ألفت الانتباه إلى أن التفوق الدراسى وسيلة وليس غاية.