السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نائب الوفد و"البدلية" وقت المعركة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نائب منتخب عضو بمجلس نواب مصر عن دائرة ميت غمر محافظة الدقهلية، ويقولون إنه منتم إلى حزب الوفد، واسمه اللواء بدوى عبداللطيف، يخرج جهارًا نهارًا في تصريحات صحفية محاولًا إعادة عقارب الساعة لأكثر من سبعين عامًا مضت، يقول الرجل في بساطة إنه يقترح بأن يدفع أبناء القادرين مبلغًا ماليًا قدره ٥٠ ألف جنيه مقابل عدم أداء الخدمة العسكرية.
دع عنك فكرة الوطنية والانتماء وضريبة الدم والعلم الواجبة على كل مصرى، ولكن انظر إلى التوقيت، فبينما تدور المعركة على أرض سيناء، ويضرب أبناء الفلاحين أروع الأمثلة في التضحية والفداء ضد دواعش الزمن الأغبر، يخرج علينا النائب الذي وصل في خدمته إلى رتبة لواء ليقول مثل هذا الكلام الساذج الذي انتهى للأبد، أتخيل جنودنا على جبهة الحرب وهم يقرأون هذا السفه في جريدة يومية وصلتهم هناك، هل فكر النائب اللواء في أثر تصريحه على أبطالنا، وهل من اللائق سياسيًا أن يكون مستوى تفكير عدد من النواب بمثل هذه الضحالة وعدم الإحساس بالمسئولية.
البدلية التي يقترحها النائب معناها هو مبادلة الخدمة العسكرية بمبلغ مالى بموافقة الحكومة، هذه الفكرة المسمومة التي يتبناها النائب عاشت بمصر في زمن مختلف قبل أكثر من قرن من الزمان، وزرعت الانقسام في المجتمع، وكرست للطبقية، وأعدمت الشعور الوطنى، وكان الرد عليها باجتثاثها من الوجود، وعندما يطل علينا نائب بها فالواجب علينا هو مراجعة حزبه، وهو حزب الوفد، ليقول لنا هل هذه هي معتقداته، أم أن ما قاله النائب نعتبره شطحة منه، وأن حزبه قادر على محاسبته لضبط تصريحاته.
وعلينا في هذا الصدد أن نقول للنائب ولحزب الوفد إن الجيش في أي دولة هو عامود الخيمة الأساسى، وإن القانون المصرى ينص على أن شرف أداء الخدمة العسكرية واجب على كل مصرى من الذكور إذا بلغ السن القانونية ولا يجوز التهرب منه، ويمكن الإعفاء منه أو تأجيله لأسباب محددة هي الدراسة أو لأسباب عائلية، وبالنسبة للدارس فيمنح تأجيل للتجنيد حتى حصوله على المؤهل، أما الأسباب العائلية فهى إما أن يكون المطلوب للتجنيد هو الابن الوحيد للوالد الحى والذي لم يتجاوز الستين عاما، أو العائل الوحيد للوالد الحى، أو العائل الوحيد للأم المطلقة.
والتهرب من أداء الخدمة العسكرية يعتبر جريمة ماسة بالشرف، وعندما يقرأ المواطن العادى تصريحات النائب اللواء، من حقه أن ينزعج، وعلى النائب أن يعتذر، ولا أقصد من مقالى مصادرة الأفكار أو محاسبة النائب على ما يقوله وهو محصن، ولكننى أقصد بوضوح أن تلك المرحلة التي تعيشها مصر تحتاج دقة صياغة الأفكار ووقف عبث التصريحات المدمرة لتماسك الوطن، وكلنا يتذكر أن الإخوانجية الهاربين في قطر وفى تركيا سبق لهم أن حاولوا التلاعب في تلك المنطقة التي تكلم عنها النائب وحرضوا على الهروب من الجندية على صفحات معروفة تحت شعار «اخلع»، ولذلك من حقنا أن ننتقد وبعنف تصريحات نائب الوفد عندما نلمح توافقها في الهدف مع خصومنا.
الطموحات المنعقدة على برلمان ٣٠ يونيو أكبر من تلك الترهات التي طفت على سطحه، مشاريع القوانين المؤجلة كثيرة، والأجندة التشريعية متخمة، تحتاج إلى حس أعلى بالمسئولية، فالشعب لن يرحم ولن ينتظر ولن يتسامح مع انعدام الكفاءة، لذلك فالضغط لازم والتنبيه المتكرر واجب والانتقاد مشروع، لم تغامر مصر مغامرتها الكبرى بمواجهة المخطط العالمى من أجل تصريحات عبثية لنائب، ولا استعراض آخر تحت القبة، النواب ملزمون بطموحات الشعب وثورته، والخطأ من النائب ليس عيبًا ولكن العيب كل العيب هو عدم اعتذاره وتصويب موقفه وضبط بوصلته على أولويات الوطن والناس.