الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جدلية العلاقة بين الإخوان المسلمين وداعش (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تزامن ولادة جماعة الإخوان المسلمين في مارس قبل ثمانية وثمانين عامًا عندما ألقى مؤسسها الأول حسن البنا، البذرة الأولى بمحافظة الإسماعيلية ثم هاجر إلى العاصمة بكل ما تحمله من زخم الأحداث السياسية وتسارعها في ظل وجود الملك فاروق والاحتلال الإنجليزي، فكلاهما جثما على صدور المصريين لعقود طويلة.
ثمة علاقة تجمع حركة الإخوان المسلمين بكافة التيارات الإسلامية باختلاف تنوعاتها وأيدلوجياتها، بحكم كونها الجماعة الأم والأكبر داخل منظومة الحركة الإسلامية، فهي تعتبر نفسها الأكثر رُشدًا والأكثر نُضجًا بين كل الجماعات والتنظيمات الدينية، ورغم الاختلافات البينية بين جماعات وتنظيمات الإسلام الحركي تماهت الجماعة الأم مع غيرها من التنظيمات الصغيرة والكبيرة مرتين، أولهما عندما وصلت لسدة الحكم فكان الاحتياج متبادلًا، بين الجماعة التي كانت تُريد نصيرًا لها بعدما خسرت القوى المدنية الأخرى في صراع ليس له ما يبرره، وبين التنظيمات الصغيرة التي كانت تأمل في تحقيق مشروعها والحياة بمشروعية بعدما عاشت عقود عجاف تنقلت فيها بين السجون والكهوف.
المرة الثانية، كانت بعد سقوط الإخوان المسلمين أو خلعهم من الحكم، فبينما طلبت الجماعة نصرة الأخ والصديق سارعت كل الحركات باختلاف تنوعاتها بالدفاع عن المشروع الإسلامي الذي تجمعت حوله وتحت ظلاله كافة التنظيمات الدينية، ولعل ذلك يُفسر السر وراء عدم إدانة حركة الإخوان المسلمين لعشرات العمليات المسلحة التي قامت بتنفيذها جماعة أنصار بيت المقدس قبل وبعد مبايعة تنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلامية، والعجيب أننا وجدنا أن هذا التنظيم كان يتغزل عبر عشرات التسجيلات المرئية في جماعة الإخوان المسلمين مبررًا عملياته بالدفاع عن الجماعة ولعل ذلك هو السر وراء تنفيذه لها مجسدًا نصرة الإخوان هدف أساسي ورئيسي له!
لم يكن مفاجئًا للمتابعين والراصدين للحركات الإسلامية التقاط خيوط العلاقة المبكرة بين جماعة الإخوان المسلمين عندما كانت في السلطة وبين نواة داعش في مصر من خلال محاولة دعم واحتواء تنظيم أنصار بيت المقدس، أبدت أجهزة الأمن المصرية انزعاجها بينما كان محمد مرسي يرسم خطًا مستقيمًا في العلاقة مع هذا التنظيم وغيره، بدأ بالحوار مع قادة أنصار بيت المقدس وجماعة التوحيد والجهاد من خلال رجال الدولة في ذلك الوقت عبر سيارات حملت لوحات رئاسة الجمهورية زارت كهوفهم في جبل الحلال، وتقديم تنازلات وانتهى بعدم توقيع محمد مرسي على تنفيذ أحكام الإعدام على بعض قياداته حتى خرج من القصر.
اعتقدت الجماعة أنها قادرة على احتواء التنظيمات المتطرفة والاستفادة منها في نفس الوقت، بحيث تكون رصيدًا لها في معادلة القوى بالداخل وليست المعادلة السياسية، كما قدمت نفسها لأمريكا بأنها تيار وسطي بينما بديلها تيار متطرف يمثله أنصار بيت المقدس!
من أهم ما يمكن أن يُذكر في العلاقة بين التنظيمين أن جماعة الإخوان المسلمين لم تكلف نفسها بإدانة أي عملية مسلحة لجماعة أنصار بيت المقدس قبل الهجوم على مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة في 24 ديسمبر 2013، واضطرارها لإدانة هذه العملية تحديدًا جاء بسبب وصف رئيس مجلس الوزراء وقتها د. حازم الببلاوي للجماعة بالإرهابية، وهو ما حاولت معه نفي الصفة كمحاولة جديدة لتثوير الشارع وما قد يتعارض مع فكرة الإرهاب أو احتضانه.
العجيب أن مقتل الشهيد محمد مبروك ضابط الأمن الوطني المكلف بجمع أدلة اتهام بحق محمد مرسي في قضية الهروب، لم يكلف اغتيالة إدانة رسمية للجماعة عبر بيان واحد رغم عشرات البيانات التي تخرج من مكتب لندن، والتي كانت تخرج موقعة من قيادات الإرشاد في الخارج بين الوقت والآخر للحديث في كل قضية، واكتفت الجماعة بنفي العلاقة فقط عبر تصريح للدكتور محمد علي بشر قبل أن يتم القبض عليه عبر وكالة رويترز، وهو ما يتعدى فكرة الرضا عن العمليات العسكرية لداعش مصر إلى احتضان هذه العمليات أو على الأقل الرضا بدورها طالما يخدم أهداف جماعة الإخوان المسلمين في محاولة إسقاط الدولة.. وللحديث بقية.