الأربعاء 02 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

قضاة باعوا أنفسهم للإخوان

قضاة من أجل مصر
قضاة من أجل مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة، أصعب المهن وأكثرها تعلقا بالضمير، إلا أن هناك أناسا رفعوا من شأنها كمهنة، واتخذوا العدل منهاجًا واضحًا في عملهم وحياتهم، وآخرين لم يكلفوا أنفسهم عناء التفكير في نظافة اليد لتحقيق مصالح شخصية، ونزولا لرغبة الحكام، مثلما حدث في عهد الإخوان. هكذا فعل أبرز القيادات القضائية التي حسبت نفسها على الجماعة المحظورة، وعلى رأسهم المستشار أحمد مكى، والمستشار أحمد سليمان والمستشار زكريا عبدالعزيز والمستشار ناجى دربالة والمستشار وليد شرابى.
زكريا عبدالعزيز
قضية المستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس محكمة استئناف ورئيس نادي القضاة الأسبق ومؤسس حركة «قضاة من أجل مصر»، طرحت نفسها على الساحة الفترة الماضية عقب إنهاء مجلس تأديب وصلاحية القضاة علاقة المستشار بجهاز العدالة وإحالته للمعاش في سن مبكرة، وردد البعض أن ما حدث نتيجة مشاركته في ثورة ٢٥ يناير والتي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ولكن الحقيقة سنسردها خلال السطور القادمة. 
بالفعل لم يشارك فقط المستشار زكريا عبدالعزيز في ثورة ٢٥ يناير، بل ارتكب جرما يعاقب عليه مرتين، مرة «مدنيا»، والآخر «جنائيا»، كان هدفه زعزعة وسقوط الدولة المصرية لصالح فصيل بعينه.
وترك منصة القضاة واتجه للعمل السياسي مدافعا عن الإخوان فقضى حياته في السلك القضائى، وترأس محكمة الاستئناف، ونادي قضاة مصر منذ ٢٠٠١ إلى ٢٠٠٩. وقد أُحيل للصلاحية، بتاريخ ٢٤ مارس الماضى، بعدما واجهه قاضى التحقيق المستشار صفاء الدين أباظة، بتهمة الاشتغال بالسياسة والظهور الإعلامي، والتحريض على اقتحام وحرق مقر أمن الدولة، إبان ثورة ٢٥ يناير.
تعود تلك الحكاية عندما تقدم عبدالعزيز ببلاغ ضد مستشار آخر يتهمه بالسب والقذف واتهامه بأمور غير صحيحة، وأثناء التحقيق مع المستشار أقر بأن زكريا عبدالعزيز بالفعل حرض على اقتحام مقر أمن الدولة وحرض الشباب والفتيات على الاقتحام وقدم مستندات وأدلة بالصوت تؤكد ذلك.
وبالفعل تم نقل البلاغ الذي قدمه زكريا ضد المستشار إلى قضية أخرى جديدة، وهى تحريضه لاقتحام مقر أمن الدولة، وتم التحقيق مع عبدالعزيز، وعند سؤال الشهود، وهم شابان وفتاة، على أن القاضى زكريا عبدالعزيز حرضهم تحريضا مباشرا على اقتحام مقر أمن الدولة أم لا؟ واعترف الشهود بأنه بالفعل حرضهم وكان دائم التواجد بميدان التحرير يأكل ويجلس مع الشباب ويتحدث عن أمور بالبلد توحى بالفوضى والخراب.
وجاءت إحالته للمعاش هو حكم أول درجة، حيث إن مجلس التأديب ينقسم إلى مجلس استئناف، ومجلس نقض، والمستشار زكريا عبدالعزيز سيطعن على الحكم أمام مجلس التأديب الأعلى بمحكمة النقض وربما ترفض الحكم وعودته مرة أخرى للعمل القضائى.
ولكن قد يقابل زكريا عبدالعزيز أزمة أخرى تتمثل في عقابه جنائيا إذا حركت النيابة الدعوى وثبت تورطه في وقائع جنائية في تلك القضية، وتتم معاقبته حسب الجرائم المثارة في قضية اقتحام أمن الدولة.
ويعد المستشار زكريا أحمد عبدالعزيز أبرز قادة تيار استقلال القضاة، وأول من دعم الرئيس المعزول محمد مرسي من خلال تأسيسه لحركة «قضاة من أجل مصر» التي كانت مع الإخوان، وأول من أعلن في مؤتمر صحفى بالتحرير فوز مرسي بالرئاسة رغم عدم إعلانها رسميا من اللجنة العليا، وتولى رئيس نادي قضاة مصر خلال الفترة من ٢٠٠١ إلى ٢٠٠٩، كما قاد أول وقفة احتجاجية للقضاة في مصر تنديدا بإحالة المستشارين هشام البسطويسى ومحمود مكى بعد إحالتهما إلى التأديب بسبب تزوير الانتخابات الرئاسية ٢٠٠٥. 
أحمد مكى
استطاع عدد من القضاة بعد سقوط الإخوان ملاحقة قيادات القضاة التابعة للجماعة المحظورة، وكان منهم المستشار أحمد مكى الذي تقلد منصب وزير العدل في عهد الإخوان، ورصد القضاة أنه استغل فرصة تواجده وقربه من الجماعة لجمع أموال ومبالغ طائلة.
وأكد مصدر قضائى أن القضاة أعدوا قائمة لعدد من القضاة الموالين للمحظورة، وعلى رأسهم المستشار أحمد مكى وزير العدل الأسبق وشقيقه محمود مكى نائب الرئيس السابق، وخلال الفحص ثبت تورط أحمد مكى في الحصول على أموال عديدة منذ عمله بالقضاة كمستشار، مرورا بعمله كوزير للعدل في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.
وأضاف المصدر، الذي رفض التصريح باسمه، أن عددا من القضاة استطاعوا حصر جزء من أملاك مكى بعد أن ثبت انتعاشهم ماديا عقب إلحاقهم بركب الإخوان خلال فترة حكمهم.
وأضاف المصدر أن من الأملاك التي استطاع القضاة جمعها عن المستشار أحمد مكى، امتلاكه برجا كبيرا يرتفع على أكثر من ١٥ دورا في منطقة سموحة، كما تم رصد قرية سياحية في منطقة الساحل الشمالى تعود عليه بالكثير من الأموال تجعله يصرف ببذخ دون قلق.
وأكد المصدر أن مكى استطاع استغلال نفوذه قبل توليه حقيبة وزارة العدل، وقام باغتصاب مساحات كبيرة من الأراضى من المقاول حسن درة الذي يعد من أكبر المقاولين في مصر.
وفيما يخص قضية ١٢٩ ألف جنيه تحصل عليها مكى دون وجه حق، فتعود القضية إلى أن مكى سدد مبلغ ١٢٩ ألف جنيه لقاضى التحقيق، بعد إرساله مطالبة له بسداد المبلغ الذي تحصل عليه كمكافأة عن طريق الخطأ عن عمله كعضو بلجان التوفيق التابعة لوزارة العدل والمختصة بفض المنازعات بعد ترك منصبه الوزارى.
وتقدم مكى بمذكرة إلى قاضى التحقيق قدمها نيابة عنه المحامى سليم العوا، قال فيها إنه «قد ورد إلى منزله خطاب من حمدى حسين الجزار مدير الشئون المالية للجان التوفيق يطالبه برد مبلغ ١٢٦ ألفا و٦٦٢ جنيه قيمة المكافأة المنصرفة له من لجان التوفيق منذ ١ يونيو ٢٠١٣ إلى ١ يوليو ٢٠١٥، وأن سبب عدم استحقاقه لهذا المبلغ أنه فوجئ بعد عامين بعدم حضوره للجنة».
أحمد سليمان
أما فيما يخص المستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق فلا توجد لديه أزمة حقيقية أو تورطه في أعمال ضد الدولة أو الفوضى، إلا أنه تولى منصبا تنفيذيا، وتم اختياره كوزير للعدل في عهد الإخوان، وفى تلك الأثناء كان مجلس القضاء الأعلى أقر مبدأ من يعمل بمنصب تنفيذى لن يعود إلى منصة القضاء مرة أخرى، وهو ما عرقل عودته للعمل كقاض مرة أخرى.
وتعود قضيته إلى أنه سبق وتقدم بطلب لعودته مرة أخرى لمنصة القضاء، إلا أن الطلب الذي تقدم به قوبل بالرفض، ولا يجوز نقله مرة أخرى بعد عمله بالجهة التنفيذية والمتمثلة في العدل.
وأضاف مصدر قضائى، رفض التصريح باسمه، أن سليمان خسر أكثر من مليون جنيه بعد توليه منصب وزير العدل، مضيفًا أنه أهدر سبع سنوات قضاها على المنصة القضائية، كان من خلالها يستطيع الحصول على معاش أكثر، لكنه أهدرها بعد تولى منصب وزير العدل لقرابة شهرين أثناء عهد الإخوان، وسمح خلالها بالتجاوزات والمخالفات، وكان أهمها تمرير مشروع قانون السلطة القضائية الذي كان يقضى بعزل أكثر من ٣٠٠٠ قاض.
وأفاد المصدر بأنه قد يرأف به المجلس الأعلى للقضاة ويوليو منصبا بالشئون الإدارية الخاصة بالمكتب الإدارى في أي جهاز خاص بالمؤسسة القضائية.
وكان المستشار أحمد سليمان قد تقدم بطلب إلى مجلس القضاء الأعلى، للعودة للعمل بمنصة القضاء بدرجته السابقة كرئيس بمحكمة الاستئناف في أعقاب تقدمه باستقالته من منصبه كوزير للعدل، غير أن الطلب قوبل بالرفض من جانب مجلس القضاء الأعلى.
يذكر أن سليمان، الذي لم يبلغ بعد سن التقاعد القانونية بسلك القضاء والمحدد بـ(٧٠ عامًا)، عين وزيرًا للعدل خلفًا للمستشار أحمد مكى، في إطار التعديل الوزارى الذي أجرى في ٧ مايو الماضى على حكومة هشام قنديل والذي شمل ٩ وزراء من بينهم وزير العدل.
ناجى دربالة 
المستشار ناجى دربالة، نائب رئيس محكمة النقض السابق، وهو شقيق عصام دربالة الذي توفى داخل أحد السجون وأعلنت وزارة الداخلية عن وفاته وكان الرجل الأول داخل الجماعة الإسلامية، نظرًا لكونه رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، والعقل المدبر لكل تحركات التنظيم، كما أنه أحد أبرز القيادات التي عملت على إنشاء أول حزب سياسي للجماعة الإسلامية بعد ثورة ٢٥ يناير والداعمة لتحالف دعم جماعة الإخوان الإرهابية.
وكشف مصدر أن المستشار دربالة هو من صاغ بيان قضاة «رابعة» الذي تم إلقاؤه على المنصة الرئيسية داخل اعتصام الجماعة المحظورة بميدان رابعة العدوية، وكان معارا لدولة الكويت قبل ٣٠ يونيو بأيام قليلة، وجاء نص البيان كالآتى: «أعلن قضاة تيار استقلال القضاء رفضهم التام الاعتداء على الشرعية الدستورية وإقصاء الرئيس الشرعى المنتخب، مطالبين بتفعيل الدستور، ليعود ساريًا ليحكم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية في مصر بأسرها وإتمام البناء الديمقراطى وفقًا لقواعده وأصوله.
وأن ما أنجزته ثورة الخامس والعشرين من يناير سنة ٢٠١١ بدماء شهدائها وكفاح وتضحية أبنائها وكلفة اقتصادها وطوال عامين أو يزيد من بناء لدولة القانون بإصدار الدستور المصرى الجديد في استفتاء حاشد نزيه، وانتخاب أول رئيس مدنى لمصر وفق قواعد انتخابية كفلت فيها المساواة والعدالة والإنصاف، وفى اقتراع- تحت إشراف قضائى مشهود- توافر له الحرية والنزاهة والشفافية: لا يقبل بحال أن يُهدر بمجرد جرة قلم أو هوى لبعض القوى السياسية، بل يجب البناء عليه والإضافة إليه استكمالًا للدولة الدستورية والقانونية، ونبذًا لمنهج تغيير السلطة الشرعية جبرًا أو استقواءً بما يُفضى إما إلى الاضطراب والفوضى أو إلى القمع الأمنى المُفرط».
وأوضح البيان أن القضاة لا يعملون بالسياسة ولا يشتغلون بها ولا ينحازون إلى أحد أيًّا كانت صفته أو انتماؤه، وإن انحيازهم الوحيد والمشروع إنما هو للشرعية والحق والعدل وهو عماد سلطانهم، وعلة وجودهم إذ بغير هذا الانحياز تنتفى علة وجود القضاء من الأساس. وأضاف أن القضاة يُناشدون كل أعمدة الدولة المصرية والتيارات السياسية والقوى الثورية أن يتواصلوا في حوار، وصولًا إلى توافق في إطار الشرعية الدستورية ويعبر بالبلاد من هذه الأزمة بما يُرضى أبناء هذا الوطن.
وأشار إلى أن القضاة يُؤكدون وجوب احترام وحماية حق التظاهر السلمى إعمالًا لحكم القانون، مع التأكيد على رفض استخدام العنف بكافة صوره وأشكاله، ووجوب حقن دماء المصريين جميعًا.
وليد شرابى
المستشار وليد شرابى هو المتحدث باسم «قضاة من أجل مصر» والمدير الإقليمى لمنظمة «هيومان رايتس مونيتور»، وهرب خارج البلاد إلى تركيا بعد عزله من السلك القضائى بعد عمله بالسياسة وانتمائه لجماعة محظورة.
المستشار وليد شرابى هو من قام بإلقاء بيان قضاة «رابعة» على منصة الإخوان بميدان رابعة العدوية أثناء اعصام الإخوان ما يقرب من ٤٠ يوما، وبعد هروبه إلى خارج البلاد ظل يحرض الشباب المتواجد بمصر ضد وزارة الداخلية، طالبا منهم بأن يتعاملوا بعنف مع أي فرد شرطة، ومع القضاة أيضا الذين ينظرون ملفات تخص محاكمة الإخوان.
واتخذ شعارا ظل يردده منذ هروبه للخارج وحتى الوقت الحالى «الثوار الذين يقومون بالثأر ممن ظلمهم قاضيا كان أو ضابطا هم في الواقع يستردون عدالة غائبة سرقها هؤلاء».
وكشف مصدر قضائى أن قضية المستشار وليد شرابى لم تكن فقط إلقاءه بيان «رابعة» على المنصة بل هو متهم بقضايا عدة وبتهم تقوده إلى الحبس، منها تورطه في قضية واقعة الحرس الجمهورى، إضافة إلى تورطه في القضية التي يحاكم بها مرسي خلال هذا الشهر، وهى قضية قتل المتظاهرين أمام الاتحادية.
شرابى يعتبر هو قائد الحركة التي ظهرت مؤخرا للدفاع عن مرسي ومساندته في القرارات غير القانونية التي كان يجريها التي كان منها إقالة النائب العام الشرعى عبدالمجيد محمود، وتعيين نائب عام باطل لمساندة الجماعة.
الجدير بالذكر أن هناك بلاغات عدة تقدمت للتفتيش القضائى ضد شرابى وقضاة آخرين ينضمون للحركة بتهم عدة التي كان آخرها التورط في أعمال عنف باعتصام ميدان رابعة العدوية.