خلصت هوجة الفرح والزعل بمجلس النواب الجديد ورضينا بالأمر الواقع.. ورضى العالم كله.. فمن كان لا يريد التعامل مع مصر لعدم اكتمال مؤسساتها الدستورية لم يعد كذلك، ومن لم يكن يريد التعاقد معنا على مشروعات كبرى، لأن برلمانات بلادهم لا تسمح بذلك، مابقالوش حجة.. أهه عندنا برلمان.
اكتمل نظامنا السياسى كما كنا نريد ويريدون لنا.. واكتملت عدة الفرح.. والبيت جهز من عفش وديكورات وأجهزة، ومابقاش غير إن العيال يملوه هيصة وكركبة وفرحة..
ورغم أن المعازيم وكعادتهم مش بيعجبهم حاجة خالص لا الأكل ولا القاعة ولا العروسة ولا أمها.. إلا أن العرس الديمقراطى تم على أفضل ما يكون، واللى مش عاجبه خبط راسه فى أقرب حيط وانتهينا.
خلصت الهيصة.. لكن تساقط النواب فى فخ التصريحات والأفعال اللى مالهاش لازمة لم يتوقف.. فبعد أن انتهت زوبعة توفيق عكاشة وخد حماره وحياة الدرديرى ومجاذيبه ورحل خرجت علينا من تقوم بدور «أم حسن» اللى بتعمل جمعيات.. النائبة الفاضلة لم تخطئ حين تصورت أن مشهد جمع «الفلوس» لرحلة تنوى الطيران بها إلى دبى أمر عادى.. خصوصا أن هناك من دعا لنادى اجتماعى للنواب علشان العيال يعرفوا بعض.. مافيهاش حاجة يعنى.. أهى كمان «الرحلة» هتزود الود وتوسع المجال لمناقشات عميقة بعد ذلك.. ونشوف نعمل إيه فى الموازنة والتشريعات والذى منه.. لكن هذه «النايبة» لم تصمد طويلا فى مواقع التواصل.. فهناك من يصر على خطف الأضواء منها بأفكار أهم وأكثر جاذبية، وآخرهم نائب حزب الوفد «بدوى عبداللطيف» اللى عايز يرجعنا لأيام «البدلية».
ولمن لا يعرف سيادة النائب بدوى.. فهو لواء شرطة سابق من مواليد عام ١٩٥١ يعنى قبل ثورة يوليو بسنة واحدة.. فى إحدى قرى ميت غمر بالدقهلية يعنى من وسط الفلاحين حاصل على ماجستير فى القانون عام ١٩٨٠، يعنى رجل من رجال العدالة كمان.. اشتغل شوية فى الصعيد، وتولى مهمات عديدة أبرزها التعامل مع وزارات الزراعة والبيئة والصحة والرى نيابة عن الداخلية، يعنى عارف الفلاحين ومشاكلهم ونفسياتهم.. ورغم كل ذلك لم ينتبه الرجل إلى خطورة ما دعا إليه، لكن نظرة بسيطة فى موقع الرجل تكشف طريقة تفكيره وحسن نيته فيما طرحه.. فالرجل يعتبر أن من بين إنجازاته تعيين عدد ٥٠ خريج فى وزارة البترول.. ومثلهم فى وزارة الكهرباء و١٨٠ بشركة المياه و٢٠ خريجا بوزارة الشباب ومثلهم بالأوقاف.. و٥٠٠ بالقطاع الخاص ودون أن ينتبه فيما كتبه عن إنجازاته أقر بأنه كان «واسطة».. لهؤلاء.. يعنى من الآخر يؤمن بنظرية «الكوسة» فى الحصول على حقوق الناس.. ويرى فى ذلك إنجازا، وبالتالى مافيهاش حاجة لما سيادة اللوا يقترح الآن إعفاء أبناء الأغنياء من دخول الجيش وأداء الخدمة الوطنية فى مقابل مبلغ تافه.. ٥٠ ألف جنيه بس.. وملعون أبو الفقرا هما بس اللى يروحو يموتوا ع الحدود.. وبعدين فيها إيه يعنى ما هما كده كده بيروحوا وأبناء الأغنياء بيروحوا ومايروحوش من غير ما يدفعوا حاجة.. طب مايدفعوا أحسن والبلد تستفيد.
لم ينتبه الرجل إلى أن نظام «البدلية» اللى اتلغى من زمان جدا لم يكن إلغاؤه ترفا.. أو مجاملة لأولاد الفقرا اللى دخلوا الجيش والشرطة وبقالهم وجود بعد ثورة ١٩٥٢ التى أطاحت بنظام «الوفد» ورجال إقطاعه.. لم ينتبه إلى أن عبدالناصر ورجال ثورته لم يكن يعنيهم فى محاولة تطبيق العدالة الاجتماعية إن الناس تاكل وتشرب.
يا سيادة النائب.. «البدلية» هتلم فلوس زى ما فيه حاجات كتير ممكن نلم بيها فلوس -بس حاجات وسخة- زى الأفكار الوسخة اللى من عينة عودة «البدلية».
لكن كيف سأنتمى مجددا لهذا البلد، وأدافع عن أرضه وأموت بدلا عن ناسه، وأنا أعرف أننى أفعل ذلك.. علشان مش معايا ٥٠ ألفا أدفعهم.. سيادة اللواء ماخطرش على باله غير إزاى يلم فلوس، لكنه لم ينظر إلى أولئك الرجال الذين يموت أبناؤهم فيذهبون لاستقبال جثامينهم وفى باطهم إخوتهم يدفعون بهم للموت مجددا، لأنهم يدافعون عن وطن.
النائب الوفدى المحترم.. باقتراحه غير المحترم فتح الباب من تانى للمعازيم يقعطوا فى جتة البرلمان ونوابه ويتمنوا النهارده قبل بكرة إن الرئيس يحله ويخلصنا منه.. وعلى رأى عم «محمود» اللى قاعد يفتل فى حباله على باط الترعة.. كل إمّا تخف يا ولدى.. قنديلها يغلض.