فوجئت كما فوجئ الشرقاوى بمقالات تمدح عرض مسرحية الحمير فى الكويت، وبالطبع ظن أننى بعتها لهم هناك، ولم أكن أعرف أى شخص فى الكويت بل لم أكن أعرف المخرج أحمد عبدالحليم الذى أخرجها ولم أكن أعرف أن المخرج أحمد زكى جاءه عرض أن يعمل مدرسا للتمثيل فى الكويت فأخذ نص المسرحية معه دون إذن منى وعرضها عليهم فأعجبوا بها لكنهم لم يعجبوا بالمخرج، وعهدوا إلى المخرج أحمد عبدالحليم أن يقوم هو بإخراجها، وعرفت كل ذلك مثل الشرقاوى من المجلات الكويتية التى وصلتنا كأن المسرحية ليس لها صاحب.
ولم يكن بيدى أى شيء لأفعله لكن الشرقاوى هدد بأن يرفع قضية ضدهم فى الكويت، ولكن كان عليه أن يذهب ليرفعها هناك وأدرك أنه لن يحصل منهم على شيء ولا يوجد قانون بين مصر والكويت فى هذا الشأن ومع ذلك فوجئت بإذاعى معروف فى ذلك الوقت يأتى لى فى المسرح الذى يعرض «الغبى» ومعه ورقة مكتوبة لأوقعها لصالح المسرح الكويتى بصفتى صاحب النص وكان هذا المذيع له أصدقاء كثر فى الكويت والورقة التى فى يده تتضمن أن أسمح لهم بعمل المسرحية مقابل مائة جنيه مصرى لى. فضحكت من قلبى وفكرت فى لحظة أن أرفض لكنى قبلتها فى ساعتها لا لشيء إلا لأن الشرقاوى لم يدفع لى إلا مائة جنيه من أصل ثلاثمائة. وبطبيعة الحال لم يرفع الشرقاوى قضية ضدهم ولا ضدى، وعلى عكس ما تنبأ به من أنه لن تظهر لى أى مسرحية بعد الحمير، فقد أصبح لى ثلاث مسرحيات تعرض فى نفس الوقت وقبل مرور شهور قليلة لا غير! وفيما بعد عندما التقيت بأحمد عبدالحليم وأحمد زكى لم أقل لهما شيئا ولكنى التقيت الشرقاوى مرات عديدة. وعلى عكس ما قال عرض علىّ أن أعطيه مسرحية كنت أكتبها. ولكن ذلك سيأتى فى حينه. وقد عمل صبحى مع جلال الشرقاوى مرتين رغم أنه عاقبه ولم يقبل أن يعمل فى الحمير وهو النص الذى ذهب به إليه ولكنى رفضت من وقتها أن أعمل معه!.
كانت علاقتى حيث عملى بنبيل الألفى ودودة، وكنت أجلس معه فى مكتبه وقتا كثيرا نتناقش فى كل شيء فإذا جاءه ضيوف كنت أنسحب بهدوء. لكنى لم أطلب منه أن يأخذ عملا مسرحيا لى لأنى لم أخبره أصلا أنى أكتب مسرحيات، فلم أفكر لحظة أن أكتب لمسرح الدولة وقد أصبح للمحاسيب، ورغم أن الألفى كان أيضا مديرا للمسرح القومى. وبعد فترة عمل معنا أحد الموظفين ورأيته يجلس معنا طيلة الوقت حتى عندما يجيء له ضيوف. فلم أعد أدخل له كثيرا لأفسح المجال له وبدأ الموظف يكتب له معالجات لمسرحيات أجنبية.
ويوما كنت بالمكتب ودخل الألفى من الباب وبيده جريدة بها إعلانان عن مسرحية «الحمير» ومسرحية «انتهى الدرس» معا فى صفحة واحدة.
فوقف قبل أن يدخل مكتبه وسألنى هل المسرحيتان من تأليفك؟ قلت نعم. فقال محاولا إخفاء غضبه - لأنى لم أستعن به ليخرج لى مسرحية - وقال إنه يفرح لى لكننى لا أؤدى عملا معه، وأصبح يعطينى لأول مرة أعمالا تافهة ليكيدنى ثم خطر له أنه إذا كان لى مسرحيتان فلماذا لا يخرج هو مسرحية للقطاع الخاص. فبدأ يعطى للموظف الجديد مسرحيات أجنبية ليحولها إلى العامية معتقدا أنه سيكيدني! وبالفعل ذهب إلى «بركة» منتج مسرحيتى يعرض عليه مسرحية يخرجها له، رغم أنه لا يعرف أحدا فى القطاع الخاص فإذا كان لـ«فسل» مثلى مسرحيتان فسوف يعجب بما يقدمه له من مسرحية يعرضها عليه. لكن المنتج رفض مسرحيته التى رشحها له. فأوغر هذا صدره ضدى أكثر. وراح يبحث عن طريقة للتخلص منى.
ثم أحيل رشاد رشدى المحترم للمعاش. وقبلها بقليل كان يقف على سلم معهد الفنون المسرحية وكنت أقف بعيدا عنه بعدة أمتار فرأيته ينظر لى نظرة لم أفهمها فى حينها. ثم اكتشفت بعدها أن السيدة التى تولت مكانه قالت إنى لا أحضر للأكاديمية ومعى ملحن أيضا لا يحضر ثم صدر قرار وقفى أنا وهو عن العمل للتحقيق معنا، وقبلها كنت مشغولا فلم أذهب للأكاديمية لأخذ جنيهات كمنحة فى العيد، فلما ذهبت قالوا إن انتدابى قد انتهى من الأكاديمية.
عدت وحكيت لسكرتير الألفى وكان من خريجى معهدنا ما حدث، وطلبت منه ألا يخبر الألفى حتى أسوى هذا الأمر، فهز رأسه موافقا ثم دخل فى لحظتها وأبلغ الألفى. وعاد من عنده وقال إنى لم عد أعمل معهم فدخلت فى الحال وشكرت الألفى بحرارة ومن قلبى فدهش!. وخرجت منتشيا فلدىّ أعمال فنية كثيرة لا أجد وقتا لها فكتبت فورا استقالتى من الأكاديمية. لكن المديرة رفضت الاستقالة وأحالتنى إلى الشئون القانونية.