الخميس 07 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أبوالغيط يرد "قلم" مصطفى الفقي

محمد الباز رئيس تحرير
محمد الباز رئيس تحرير جريدة البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان الدكتور مصطفى الفقى على بعد خطوات قليلة من منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، لكن لقاءً جمع أمير قطر والمشير طنطاوى عندما زار القاهرة فى ٢٠١١ قطع الطريق على المفكر الدبلوماسى ليحتل مكانًا يليق به ومكانة يستحقها، لم تكن زيارة الشيخ حمد بن خليفة، الذى لم يكن قد تنازل عن سلطته، وقتها بريئة، كان يتعامل على أنه أحد الداعمين لثورة ٢٥ يناير، اعترف هو أنه كان يرسل بأموال إلى الثوار فى ميدان التحرير، وعليه فمن حقه أن يشارك ولو حتى بالرأى فيما يحدث فى مصر.
لم يشارك حمد بالرأى فقط، بل جاء ليفرض إرادة، قال للمشير طنطاوى إن مصطفى الفقى لا يناسب المرحلة المقبلة، منح نفسه حق تحديد الأولويات فى مصر، كانت حجته أن الفقى كان واحدًا من رجال نظام مبارك، ورغم أن هذه الحجة كانت واهية، إلا أن السياق السياسى وقتها كان يجعل منها جريمة الجرائم، أراح المشير طنطاوى رأسه، لم يدخل معركة يصر فيها على مرشح مصر للجامعة العربية، واستجاب لما تم التوافق عليه بين عدة دول وجهات كانت قطر فى قلبها، بأن يكون الدكتور نبيل العربى هو أمين الجامعة، ولم يكن بعيدًا عن هذا التوافق صديقه عمرو موسى، أمين الجامعة السابق، وصهره محمد حسنين هيكل، الذى ساهم فى سنواته الأخيرة مساهمات جادة ومهمة فى صياغة ملامح السياسة القطرية فى المنطقة، وتحديدًا فيما يخص علاقتها بمصر.
مضى نبيل العربى بتجربته فى الجامعة، له فيها ما له، وعليه ما عليه، وجاء موعد اختيار أمين جديد، ستقول لى إن الجامعة مؤسسة بلا موقف، أصبحت بتراجعها وتهافتها عبئًا على الشعوب العربية، وعليه فلا فرق بين أمين عام جديد وأمين عام قديم، لن أعارضك على الإطلاق فيما تقول، بل يمكن أن أزيدك عليه، لكن الجامعة ورغم هزالها هذا، فإنها تبقى مساحة لاستعراض نفوذ الدول الأقوى، والأكثر تأثيرًا فى المنطقة.
لقد جاء أحمد أبوالغيط من نفس خلفية مصطفى الفقى، عمل مع نظام مبارك بأكثر مما عمل الفقى، الذى كان يتحرك دائمًا بروح المثقف والمفكر والناقد لكثير من سياسات وقرارات مبارك، بينما ظل أبوالغيط حتى اللحظة الأخيرة ابنًا للنظام الذى فرحت قطر بإزالته وعملت جاهدة على ذلك.
هل كان يقصد صانع القرار المصرى شيئا من وراء ذلك؟ لن أتحدث بلسانه بالطبع، لكنى أعتقد أن الاختيار لم يكن عبثًا، فأحمد أبوالغيط لم يكن واحدًا من رموز وقادة الدبلوماسية فى عصر مبارك، بل كان مقاتلا عنيدا فى معركة حاصر من خلالها مخططات قطر، وكشف ما أرادته بمصر، وهناك من التصريحات والتسجيلات التى توثق ذلك، والتاريخ لا ينسى كما يقولون.
كان الاعتراض القطرى على ترشيح أحمد أبوالغيط متوقعًا، بلسان وزير خارجيتها، جاء الاحتجاج بأنها لا تعترض على أن يظل المنصب مصريًا، لكنها تعترض على شخص أبوالغيط، لكن مصر التى استجابت لابتزاز قطر فى حالة مصطفى الفقى، ليست هى مصر الآن، المعادلة تغيرت تماما، ورغم المشاكل التى نعانى منها، والأزمات التى تحاصرنا، إلا أننا نستطيع أن ندافع عن قرارنا وترشيحنا، وهو ما حدث، حاولت قطر وبعض أتباعها تعطيل حسم القرار، إلا أن مصر قالت: القرار الآن وليس غدًا، وهو ما حدث دون إبطاء.
ستقول إن الانتصار على قطر فى معركة دبلوماسية لا يستحق الإشادة أو التهليل، سأوافقك الرأى، وهذا ما لا أهتم به على الإطلاق، لكن ما يجب أن نهتم به، هو ما وصلنا إليه من وراء هذه المعركة، فمصر لم تعد تقبل الابتزاز، تعرف جيدا كيف تفرض قرارها وتمرره، ولعل هناك من يستريح الآن، لأن وصول أبوالغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، فيه رد على الصفعة التى تلقيناها فى ٢٠١١، وهو أمر ليس هينًا، وبشارة على أن مصر ستستعيد دورها ومكانتها، وهذا حقها الذى قادته لها الأقدار، فمصر يمكن أن تمرض لكنها أبدًا لا تموت.