قابلنى صديقى فى الطريق وقال «مالك مهموم ووجهك عليه كل الأسى؟»، قلت «ألا تعلم أننا فى شهر مارس، وهو شهر جمع شهادات الضرائب بما وصلنى وبما تم استقطاعه لمصلحة الضرائب، هذا وكأننى حكم علىّ بأن أكون كعب داير، ألف على كل جهة من الجهات التى تعاملت معها لاستخراج شهادة»، قال «الذنب ذنبك، كلما قبضت مبلغا من المال من جهة ما اكتبه فى مذكرة تقدمها لمصلحة الضرائب وإذا شكت المصلحة فى أى شىء أو فى المبلغ المقبوض من أى جهة تكون جهة أو اثنتين بالكثير، وهذا يوفر عليك جهدا كثيرا»، فقلت «اتبعت هذا الأسلوب فى سنوات سابقة، وتضاعف الجهد مضاعفات هائلة ووجدت أن هذا الحل أفضل من الذى تقترحه».
وهنا دخل علينا صديق آخر وبعد السلام والسؤال عن الصحة قال «ما الذى تتحدثون فيه وصوتكوا جايب لآخر الشارع؟»، فأعدت عليه ما قلته لصديقى الأول من قصة الذهاب إلى كل جهة للحصول على شهادة، وهذا يكلفنى «مشوارين أو ثلاثة حسب التساهيل»، ولأن صديقى هذا عمل فى أمريكا لمدة ٢٠ سنة ويحمل جنسيتها، نظر باندهاش وقال «الله!!!، هو إنتوا ماعندكوش (دبليو ٢)»، فنظرنا له باستعجاب سائلين «وما هى الدبليو ٢؟»، فرد قائلا «الدبليو ٢ دى استمارة من نسختين تصدر من جهة العمل، ترسل النسخة الأولى منها إلى مصلحة الضرائب والنسخة الثانية إلى المتعامل مع هذه الجهة، وتشتمل هذه الاستمارة على جميع المبالغ التى قبضها المتعامل من هذه الجهة وأيضا تشتمل على ما تم خصمه وتوريده من الجهة من هذه المبالغ إلى مصلحة الضرائب لحساب هذا المتعامل وأيضا التأمينات الاجتماعية التى تم خصمها وتوريدها إلى حساب نفس المتعامل بمصلحة التأمينات الاجتماعية، حتى يستطيع أن يملأ المتعامل إقراره الضريبى من واقع هذه الاستمارات التى وردت من الجهات التى تعامل معها، وهذا يضمن ألا يشوب هذا الإقرار أى اختلاف عما ورد إلى مصلحة الضرائب من استمارات، وقد كنت أملأ إقرارى الضريبى فيما لا يتجاوز نصف الساعة مضمنًا إياه شيكًا بالمبلغ الذى يستحق علىّ من ضرائب بعد خصم القيم التى وصلت فعلًا إلى المصلحة، وإذا كانت لى لدى المصلحة مبالغ لصالحى زادت على شريحتى الضريبية فأتلقاها بعد فترة أيضا فى صورة شيك من المصلحة بريديًا، وعلى فكرة، أنا كنت أرسل الإقرار أيضًا بالبريد». قال صديقى الأول «إنت عايزنا ننقل من أمريكا؟»، قال صديقى الثانى «ما هما نقلوا مننا الحضارة برمتها وليس فقط منحى من المناحى إبان إغراق أوروبا فى الظلام والإشعاع الحضارى والثقافى فى دولة الأندلس التى كان لها أكبر الأثر ليس فى تحضر أوروبا فقط بل وأمريكا وكل الدول المتحضرة». وأضاف صديقى «ولا بد من أن نعلن أن الكذب هو الجريمة الأولى التى يجب أن تواجه بكل حزم، ففى كل واقعة تقع فى مصر نسمع روايتين مختلفتين، لكل طرف رواية، وبعد أن يصدر الحكم، وفى معظم الأحيان يتم التصالح وتضيع الحقيقة فى القبلات والأحضان، وحان الوقت أن يجازى الطرف الذى كذب فى روايته. ولأن فى أمريكا الشخص صادق حتى يثبت كذبه، ففى وثيقة البيع أو الشراء لأى شىء، نذهب إلى الموثق الذى قد يكون محاميا أو صاحبا لمحل تجارى ولديه رخصة من الشهر العقارى الأمريكى بالتوثيق ولديه ختم المصلحة وتقدم له ورقة البيع أو الشراء فيطلب من البائع كتابة الجملة التالية أمامه وهى: «أقر أنا فلان الفلانى صاحب رقم قومى كذا بصحة كل البيانات الموجودة فى هذه الوثيقة» وتذييلها بتوقيعه، وهنا يقوم الموظف المختص بختم الوثيقة بخاتم المصلحة لتصبح ورقة بيع أو شراء رسمية.
وهنا قلت «أستأذن لأنى ذاهب لاستخراج شهادات الضرائب، ألقاكم فى شهر إبريل إن شاء الله، فمارس شهر الربيع الذى لم أستمتع به على الإطلاق لأنى كعب دائر».