الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الهِلْف ياخُدْ يومينُه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أظرف ما فى موضوع توفيق عكاشة من وجهة نظرى طبعا، أن تأخذه على إنه موضوع بجد.. يعنى تزعل.. وتتقمص.. وتحاول تأويل النصوص الغامضة فى عملية «قلع بصل» حصلت فى يوم وليلة.. لأنك لو أخذت نهاية الرجل بشكل جاد ينبغى عليك أن تأخذ بدايته وأوسطه بشكل جاد حتما.
هذه الجدية غير مطلوبة الآن، لأنك حتما ستصل إلى نتيجة غير مرضية لك.. أو للآخرين.. وهذا سيدفعك حتما إلى محاولة علاج ضغطك العالى عند أقرب دكتور.. وهذا أمر لا يستطيعه موظف مثلك.. الضرايب خلصت على اللى فاضله من المرتب الموكوس.. وساعتها تضطر إلى ارتكاب حماقة شعبية بشرب «الكركديه» ومنقوع البقدونس توفيرا للنفقات.. وهذا يعنى أحد أمرين، إما أن تمر بالسوق لشراء البقدونس، وساعتها ستطلب منك زوجتك أن تقضى لها حاجيات البيت بالمرة.. وتوفيرا للخناق ستفعل ذلك مضطرا.. أو ستجلس على المقهى لشرب منقوع «العناب»، وهذا سيكفلك كثيرا من المال لا تقدر عليه الآن وانت لسه خارج من شهر فبراير من ناحية، وبما إنك زملكاوى فلن تستطيع مواجهة جمهور الأهلى وهو يسخر من «الشناوى» والعتاولة البيض بعد مسخرة الإنتاج الحربى.
المسألة معقدة إذن، والأسهل ألا تفكر فى الموضوع كله، لأنك لو فكرت بجد هتتعب.
يعنى مثلا.. يطلع إيه عكاشة جنب عمنا العبقرى سيد حجاب.. عم سيد صياد اللؤلؤ والشعر والمحبة.. عم سيد اللى كتب ديباجة الدستور اللى ماشية بيه البلد أو هكذا نعتقد - هتقول إيش جاب لجاب.. عكاشة وسيد حجاب فى مقال واحد؟!هقولك يا سيدى.. حكاية تالتة؟!
فى زمن صفوت الشريف.. أيام كان وزيرا للإعلام كان كل سنة فيه احتفال فى شهر أكتوبر، وكان من المعتاد إنهم يجيبوا عمنا الراحل عبدالسلام أمين يكتب أغانى، وعمنا عمار الشريعى يلحنها.. ويجيبوا شوية ناس -مطربين وغير مطربين - يغنوا الكلام اللى بقى أغنية.. المهم فى سنة من السنين دى.. عم عبدالسلام لم يكن موجودا والأبنودى كذلك.. فذهبوا لشاعر كانوا يعتبرونه من المعارضين.. واعتذر الرجل بأدب أنه سافر إلى الغردقة.. لكنه لم يتوقع أن يرسلوا إليه بقوة من رجال أشداء وسيارة أقرب إلى الترحيلات جاءت به شبه مكتوف الأيدى منقادا.. مأمورا بالكتابة.. وحدث أن كتب الرجل المعارض كلاما لم يصدقه عمره.. وحينما جاء موعد الاحتفال أجبروه على الصعود لمنصة الجماهير وينزل منها ليصافح «الكبير» الذى يعارضه، وبكى الرجل قهرا وهو فى الطريق ليفعل ما لا يحب..
ورغم أنه فعل كل ما أرادوا.. إلا أنهم ومن بعدها يمنعون عنه كل شىء.. حتى كاد يختفى!!
هذه الحكاية التى عرفتها من صاحبها وقتها.. ذكرتنى بحكاية أخرى عشتها مع الزميل ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة وتحرير «الأخبار» -حاليا- عندما كان رئيسا لتحرير مجلة الإذاعة، وكنت نائبا لرئيس التحرير، وكان الوزير الذى يجلس على مقعد وزير الإعلام وقتها هو أنس الفقى الذى كانت المسافة بينه وبين صفوت الشريف قد تباعدت.. ووصلت إلى حد ما يشبه العداء الخفى.. وطلب ياسر رزق وقتها من صفوت الشريف حوارا للمجلة.. ووافق الرجل الذى ظن أن أنس الفقى سيمنع نشر الحوار، لكن المفاجأة كانت فى الكاسيت الذى تم تسجيل الحوار عليه.. فقد فوجئ ياسر رزق بأن الأشرطة لم تسجل شيئا.. وكان الأمر مرعبا بالنسبة له.. حتى إنه أغلق على نفسه مكتبه يحاول تذكر الحوار كاملا من الذاكرة.. وكان الأسهل أن يتصل بصفوت الشريف ويخبره حقيقة ما جرى ويعيد إجراء الحوار.. لكنه خشى ألا يصدقه الرجل ويعتقد أن قرارا بمنع النشر قد صدر من أنس الفقى وتحدث أزمة قد تصل إلى «الكبير».
المهم تذكر ياسر الحوار.. ونشر، وظلت الواقعة فى ذهنى طيلة تلك السنوات، وتذكرتها فجأة عندما علمت أن ياسر رزق منع نشر مقال للمبدع الكبير سيد حجاب، الرجل الذى كتب ديباجة الدستور.. اسمه «مصر تكذب على نفسها»، ولأن حجاب كعادته يتعامل مع الأمور بأريحية وعزة نفس لم يشأ أن يجعل من الأمر قضية رأى عام.
فهل هناك علاقة بين عكاشة وحجاب؟! أظن انت بتسأل.. وقطعا لن أجيبك الآن، لكنى سأحكى لكم قصة بمناسبة أنس الفقى.
كان محمد منير المطرب المعروف اسما غير مرغوب فيه فى التليفزيون الرسمى.. وفجأة فكر الفقى فى إنتاج أغنية له.. وتحمس محمود بركة، وشال تكاليف الأغنية من الألف للياء، وصلت وقتها إلى نصف مليون جنيه.
وذهب منير إلى أحمد فؤاد نجم - أكبر الممنوعين من الظهور فى ماسبيرو لأعوام طويلة- وجاء بموافقته على غناء «ممنوع من الكلام ممنوع السفر» اللى بيقول فى آخرها «كلمتين يمكن يا بلدى هما آخر كلمتين.. حد ضامن يمشى آمن أو يأمن يمشى فين»، ولما انتهى تصوير الأغنية فوجئ الجميع بعدم إذاعتها وركنها فى الأدراج.. حتى جاءت ٢٥ يناير.. ووجدت طريقها للعرض.
أكيد مافيش علاقة مباشرة بين كل ما سبق.. سوى أننا نشعر بأن هناك من يرغب فى إرهاقنا بالضجيج.. من يريد أن يشغلنا عن «وجعنا».. من يريد مصادرة حقنا فى الحلم والعلم.. والكلام من يريدنا أن نصدق أن عكاشة مجرد«هلف وخد يومينه».. وإن كل «هلف» كما يقول الصعايدة وله يومين.. وأننا جميعا أهلاف.
يا إما نشتغل فى «البط» و«نكاكى».. يا نشوف لنا شغلانة تانية غير الكلام.. بس يعمل إيه اللى كتب قبل كده.
«يالحجر قول كلمة الحق الصريح وامشى»!