هناك ثمة تقارب بين الحالة المصرية وحالة المغرب العربي، في نسخته الثانية بعد أن أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال مبايعتها لتنظيم قاعدة الجهاد حتى أصبح أسمها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ أكثر من عشر سنوات.
جبهة الإنقاذ في الجزائر تنجح في تأسيس شعبية تحصد من خلالها على الانتخابات التشريعية عام 1991، بعد أن خرّجت ألاف الخطباء والدعاة الذين لفوا الجزائر بشكلها العنيف الذي ظهرت عليه في مطلع التسعينات من القرن الماضي، ثم قامت بتحويل هؤلاء الدعاة إلى مقاتلين فيما بعد، بعضهم توقف عن ممارسة العنف بعد المصالحة الوطنية الشهيرة عام 2005، والبعض الآخر مازال يرفع السلاح داخل الجزائر وخارجها، حيث أصبحت الجزائر أخطر وأكبر مصدرًا للعنف في أفريقيا ومنه إلى مصر، كما أنها تمثل الرقم الأهم في حركة العنف بدول المغرب العربي.
عمدت تنظيمات أنصار بيت المقدس التي أعلنت ولائها مؤخرًا لما يسمى بالدولة الإسلامية في سيناء في نوفمبر عام 2014، والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد في القاهرة والوجه القبلي، وغيرها من التنظيمات المسلحة إلى قتال الدولة أو ما أسمته بالعدو القريب، من خلال التفجير والقتل والتمثيل بجثث المخالفين وغيرها من الممارسات بدعوة إقامة ما أسمته إمارة إسلامية.
تنظيمات المغرب العربي وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لم يختلف كثيرًا في شعاراته المرفوعة التي أعمل ومازال من خلالها القتل بدعوة حماية المنطقة من الوجود الغربي ومواجهة الموالين له، حتى فتحت هذه التنظيمات بابًا للمواجهة داخل سيناء من خلال دعمها للعنف في أفريقيا وتحديدًا في ليبيا، وبالتالي تقديم دعمًا للتيارات التكفيرية في سيناء، وظهر ذلك من خلال عدة عمليات مسلحة من أهمها عملية كرم القواديس خلال أكتوبر عام 2014، والتي ذهبت بعض المؤشرات إلى أن أيادي خارجية من ليبيا عبر الحدود الغربية شاركت فيها إما بالتخطيط أو بالتنفيذ.
دعا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي إلى قتال الوجود الغربي في بلاد المغرب، كما دعت أنصار بيت المقدس في سيناء إلى الدفاع عن فلسطين، ورغم انسلاخ كلٌ منهما عن الفكرة التي دعوا إليها وهي مقاتلة العدو البعيد، إلا أنهم تخصصوا في القتال الداخلي، مواجهة العدو القريب، ومحاولة إسقاط الدولة بمؤسساتها من الداخل!
قد يكون انضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال في المغرب العربي لتنظيم القاعدة مناقضًا لإعلان جماعة أنصار بيت المقدس للدولة الإسلامية، ورغم ما بين التنظيمين (القاعدة والدولة الإسلامية) من خلافات تنظيمية تتعلق بطريقة العمل المسلح وصل لحد تخوين كلٌ منهما للآخر، إلا أن الدعم المتواصل بين هذين المختلفين مازال مستمرًا عبر بوابة أفريقيا وليبيا على وجه التحديد التي مازالت تُشكل خطرًا من خلال سيطرة التنظيمات المتطرفة على أراضي واسعة وحدود فاصلة مع مصر عبر صحراء ممتدة.
خلافات جوهرية بين التنظيمات المتطرفة دعت لحروب ممتدة تظهر ملامحها في سوريا، فجبهة النصرة التي أعلنت ولائها للقاعدة تقاتل الدولة الإسلامية أو العكس في الرقة وما حولها من المحافظات السورية، وصل لحد أنهم تركوا خصمهم اللدود بشار الأسد، واعتبروا أن عداوتهم ألد من غيرهم وأن قضاء أحدهما على الآخر يساعده في مواجهة العدو الأساسي.
هذه الخلافات التي وصلت للايدولوجيا لم تمنع من التواصل بين التنظيمات المتطرفة في مصر والمغرب العربي عبر هدف ووسيلة واحدة رغم المساحة الشاسعة التي تفصل بينهما، فهناك قاسم مشترك يجمعهم على العنف ويجعلهم جميعًا جديرين بلقب الموقعون على الدماء.