الخميس 07 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيسي في اليابان.. والشعب يتابع أخبار اعتزال شيرين!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحمد لله.. عادت المطربة الكبيرة شيرين من كهف اعتزالها، أعلنت مرة أخرى فى تسجيل صوتى أنها استجابت لجمهورها ومحبيها ومريديها، فلا تستطيع أن تكسر بخاطرهم أبدًا، هذا بعد أن أعلنت فى تسجيل صوتى أيضًا أنها ستعتزل الفن ولن تعود إلى الغناء أبدًا، لأنها تريد أن تعيش فى سلام، أيام عصيبة مضت على مصر، وهى تحبس أنفاسها، فى انتظار أن تعود النجمة الكبيرة عن قرارها التاريخى، ولما عادت استراح الجميع والتقطوا أنفاسهم، وعادت إليهم السكينة مرة أخرى.
لا أسخر من شيرين بالطبع، ولا أقلل من أهمية وجودها كجزء من قوة مصر الناعمة، ولا أستطيع أن أتعالى على محبيها، كما تعالت هى على الجميع، حيث أعلنت قرار اعتزالها الفن وعودتها إليه عبر صحفيين عرب، ولكننى أرصد فقط حالة العبث والتفسخ التى وصلنا إليها.
فى معرض القاهرة الدولى للكتاب جمعتنا ندوة مع الزملاء عماد الدين حسين، رئيس تحرير الشروق، والإعلامية منى سالمان، والكاتب والأديب أشرف عبدالشافى، والمذيع اللامع محمد عبده بدوى، قلت يومها ما أغضب الموجودين، كنت أرد على من يتهم الإعلام بأنه يهتم بالتفاهات، يسطح الأمور، ويُغيّب وعى الجمهور، فلدى يقين بأن الجمهور هو جزء من الجريمة التى ترتكب فى الإعلام، فكثير من جمهور الإعلام فى مصر جاهل تمامًا، يسير خلف المثير والتافه، وهو ما يجبر الإعلام أحيانًا على أن يلبى ما يطلبه الجمهور، ولذلك فالجريمة مشتركة، ويومها ضربت مثلًا عن متابعة الجمهور لما نشر عن البرنامج النووى المصرى، وما نشر عن قضية ريهام سعيد وفتاة المول، نشر الإعلام عن القضيتين بما فيه الكفاية، والسؤال: بأى موضوع اهتم الجمهور؟، وطلبت منهم أن يفتحوا أى محرك بحث على الإنترنت ليتأكدوا بأنفسهم.
شىء من هذا حدث تقريبًا، ففى الوقت الذى أعلنت فيه المطربة شيرين اعتزالها الفن، كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يتابع جولته الآسيوية، وأعتقد أن الصحف حاولت أن تجتهد فى تغطية الحدث الكبير، بما هو متاح لديها، وبما أتاحته مؤسسة الرئاسة، واصل السيسى العمل ليلًا ونهارًا، اجتماعات وكلمات وعقد صفقات وتوقيعات على بروتوكولات تعاون ودراسة لتجارب فى التعليم والنظافة والصناعة، وزيارات مكثفة لمناطق إنتاج، لكن كل هذا لم يغر المصريين بالمتابعة، وفازت شيرين بأكبر قدر من المتابعة والاهتمام.
صحيح أننا قصرنا إعلاميًا فى تغطية الزيارة، الوفد المرافق للرئيس كان هزيلًا، تغطياته عابرة، والبيانات التى تأتينا من الرئاسة رسمية بشكل مخجل، وكان علينا أن نفتح المجال أكثر لمناقشات حول الآفاق التى يفتحها الرئيس بزيارته، لكن فى الوقت نفسه لدينا جمهور سعيد بجهله، منبهر بسطحيته، غارق فى متابعة التافه من الأمور، وهذه مشكلتنا الكبرى التى نعانى منها، والتى لا بد أن نتوقف أمامها طويلًا.
المفروض أننا دولة ناهضة، والواقع أن لدينا رئيسًا يعمل، فى لقائه الأول برؤساء التحرير فى قصر الاتحادية، قال لهم صراحة: دعوا الجبهة الخارجية علىّ، وتعاملوا أنتم مع الجبهة الداخلية، وبدلًا من أن يعملوا أدخلوا الجبهة الداخلية فى حالة من الاهتراء الشديد، وبنظرة أولى دون حاجة إلى العمق المطلوب، ستكتشف بأننا غير مهتمين بشىء له قيمة على الإطلاق، عناوين صحفنا هزيلة، وموضوعات برامجنا تافهة، ندور فى حلقة مفرغة، لا نقدم فكرة محترمة، ولا نسعى لإصلاح ما فسد، بما يجعلنا جميعًا ملوثين، نفتش فى ضمائر بعضنا البعض، ونبحث عن فضائح بعضنا البعض، دون أن نهتم مجرد اهتمام بأن نعمل شيئًا له قيمة.
إننا جميعا نعانى من حالة قلق عامة، والمشكلة أننا نعرف جميعًا أين الخلل، لكننا لا نقترب منه، كعادتنا ندور حوله فى حلقة مفرغة، لا نحاول اقتحام قلب الأزمة، تأخذنا التفاصيل، ولا نقدم رؤية كلية لما نعانى منه، نبالغ فى الخوف من كل شىء، والنتيجة الطبيعية التى لا مهرب منها ولا مفر أننا جميعًا سنظل فى المستنقع الذى يحاصرنا منذ سنوات، فالقيادة السياسية عليها مسئولية فيما نعانيه بالطبع، لا يمكنها أن تنفصل عنه أو تتبرأ منه، لكن أين مسئوليتنا نحن؟ أعتقد أننا فى حاجة إلى وقفة حتى لا نجد الرئيس فى اليابان والشعب كله يتابع أخبار اعتزال المطربة شيرين، مع خالص حبنا وتقديرنا لها.