"قال يابا علمني الهيافة قال له تعالى في الكلام الجد واستظرف".. لم أجد وصفًا أنسب من هذه المقولة ينطبق على المزايدات التي أعقبت حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي ألقاه في إحدى الندوات التثقيفية للشباب.
فبقدرة قادر تحول الجميع إلى علماء وفلاسفة وجهابذة ومحللين نفسيين يتناولون كل كلمة قالها الرئيس وينتزعونها من سياقها ليفسروها ويحوروها ويجردوها من السياق الذي قيلت فيه.
فبقدر ما كان الحديث قويًّا ومباشرًا ومعبرًا بقدر ما نالته سهام المتربصين بكل كلمة للرئيس ليضعونها في سياق التخويف والإفشال الذي يتمنى أعداء الوطن إثباته على مصر، وهو بعيد عن أعينهم بإذن الله الذي حفظ وسيحفظ مصر رغم كيد الكائدين.
وقصد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حديثه لتوجيه عدة رسائل قوية ومركزة لبعض الأطراف ولعل هذا لم يكن من قبيل اللغز أو الحديث المستتر، فكلمات الرئيس تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك من يعمل ضد الدولة بتجاهل أو تنفيذ عكس توجيهات الرئيس.
وهذا ما ظهر جليًّا خلال توجيه حديثه لبعض المسئولين الذين سألهم عن التقصير في أداء بعض المهام الموكلة إليهم، وهذه النقطة تلقفها هواة "الفلحطة الفكرية" لوصف حديث الرئيس بأنه "خطاب الأزمة" أو المأزق.. فهل مصارحة ومحاسبة أحد المسئولين ليكون عبرة لغيره لا بد أن يكون تعبيرًا عن "مصيبة".. فلم لا يكون إقرارًا لنهج جديد عنوانه "الحساب على المكشوف".
وحين ترك الرئيس العنان لمشاعره للتعبير عن تفانيه في حب مصر والمصريين بالقول: "والله لو ينفع أتباع لأتباع" .. تعبيرًا عن استعداده للتضحية بكل غالٍ ونفيس بما فيها الروح والجسد، ولم لا وقد تبرع الرئيس بنصف ثروته قبل أن يتقاضى جنيهًا واحدًا من منصبه كرئيس لمصر، فوجئنا بسيل من الهجوم والحملات المبتذلة للاستهانة والتسفيه من كلام الرئيس على نحو كفيل بالزج بكاتب هذه الهرطقات في غياهب السجون.
وعندما قال السيسي "لا تسمعوا لأحد غيري" فإن القصد كان واضحًا ولا يحتمل المزايدة أو اللبس، فهو ينصح المصريين بألا يلتفتوا للشائعات المغرضة التي لا هَمَّ لها سوى تصدير كل ما هو سلبي عن مصر.
وبصفة عامة فإنه من الملاحظ أن هناك 3 شرائح حاولت أن تطفو مؤخرًا على مشهد الأحداث.. الشريحة الأولى تضم أولئك الذين يرتدون عباءة المعارضة، وقد رفعوا سقف المزايدة على الرئيس خلال الأيام الماضية، فالكل ينبري للانتقاد الأعمى دون أن يقدم برنامجًا حقيقيًّا للدولة، فهي معارضة ليست من أجل الإصلاح، وإنما من أجل الهدم.
الشريحة الثانية تضم الباحثين عن الشهرة حتى ولو على حساب مصلحة الوطن والمواطنين.. ويتخذ هؤلاء من برامج التوك شو ومواقع التواصل الاجتماعي منبرًا لهم لعلهم تصيبهم الشهرة ولو بالصدفة.
أما الشريحة الثالثة فهي من الجهلاء الذين يفهمون بالخطأ، ويضللون أتباعهم بأفكارهم المغلوطة وتحليلاتهم الشاذة.
وعلى هذا النحو سار المشهد الإعلامي والسياسي طوال الأيام الماضية، فأنت لا تسمع غير ضجيج في حين لم يشغل أحد باله بترجمة أفكار الرئيس إلى برنامج عمل ومنهج حياة لدرجة أنهم لم يلتفتوا- عن عمد أو بغير قصد- أمام مواطن القوة المتعددة في حديث الرئيس، وفي مقدمتها حين أرسل رسالة في غاية الحسم بأن من أراد سوءًا بمصر سيكون مصيره المحو من على وجه الأرض.
علينا أن نعي جيدا رسالة السيسي حين طلب من الحاضرين عدم التصفيق له فهذه في اعتقادي أقوى ما في اللقاء.. فمصر تحتاج من يعمل وليس من يصفق.. ولكم أن تتصوروا لو قام كل منا بما عليه دون انتظار تصفيق من أحد سيكون كل عملنا خالصًا لله والوطن.. ووقتها فقط سنبني مصر على أسس سليمة.
---------------------------------------
moh_yousef85@yahoo.com