الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بلطجة إعلاميين غابت ضمائرهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم اعتراضى على إطلاق لقب إعلامى على كل من يعمل بالإعلام فإننى استخدمته تبعا للعرف السائد، خصوصا أن أغلب من يشوهونه متطفلون عليه، فقد خسرنا الكثير من الصحفيين كمعدى برامج وضيوف لنراهم يجتاحون الشاشات مع ظهور القنوات الخاصة التى استشرت بسببها العشوائية الإعلامية، وكنا نعتقد أنهم سيضيفون للتليفزيون بخبرتهم الصحفية ببرامج التحقيقات والصحافة المرئية لإعلاء شأن الوطن والعمل على زيادة الوعى العام والتوعية بمشكلاتنا الحقيقية، وبتاريخنا القديم وتحليله لاستخلاص العبر لصالح الحاضر والمستقبل، وخاصة ونحن مجتمع يعانى من نسبة أمية تقترب من ٥٠٪، وانخفاض فى مستوى التعليم أدى لأن يكون الأميون فى كثير من الأحيان أكثر وعيا بحكم فطرتهم من المتعلمين ومدعى الثقافة!!.. 
ولكن المشكلة الحقيقية أن الكثير من مقدمى البرامج يعملون لمصالحهم الشخصية ويستثمرون فقر الفقراء وأصحاب الحاجات لصالح ملاك القنوات وتضخيم ثرواتهم!! فيزيدون برامجهم بكل مثير لزيادة الإعلانات.. ويستغلون بدعة «الاتصالات التليفونية بالبرامج» لاستنزاف أموال المطحونين من أبناء الشعب الذين يحاولون التواصل مع تلك البرامج، بتركهم على الخط بالساعات مع ارتفاع سعر الدقيقة، رغم أن أغلب هؤلاء من أصحاب الحاجات سواء مرضى أو عاطلين أو متعثرين فى قضاء احتياجاتهم اليومية.. والواقع أن تلك الاتصالات فى أغلبها متفق عليها، فلم يرحم مدعو الوطنية والفضيلة من مقدمى البرامج وأصحاب القنوات هؤلاء البؤساء، بل يزيدونهم بؤسا لاكتناز الأموال!! وفى سبيل تحقيق غاياتهم يهدمون القيم المجتمعية ويحرضون أفراد المجتمع على بعضهم.. يتفننون فى إظهار العشوائيات والسلبيات، ويتشدقون بالاهتمام بالعدالة الاجتماعية، وهم فى الواقع يتاجرون بآلام المرضى والفقراء ولا يفعلون لهم سوى التحريض على التظاهر والاحتجاجات والمطالب الفئوية!!.. يدعون أنهم يحاربون من أجل حقوق الإنسان والتى يلخصونها فى حرية الرأى فى مهاجمة الدولة وتشويهها، وذلك لاهتمام الخارج بكل مناهض للحكم فيحصلون منهم على المنح والتكريم والتمويل بالملايين.. ينادون بالديمقراطية وهم أنفسهم يجسدون المعنى الحقيقى للديكتاتورية، ويكونون أول من يقمع الرأى الذى يخالفهم مستغلين منابرهم الإعلامية التى تفتح لهم بالساعات!!.. وقد استمعت للدكتور «صلاح سلام» عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان وهو يقول: «لما نعمل مؤتمر نناقش ما أسموه (الغياب القسرى) تحضر ٢٧ قناة ولما نعمل مؤتمر عن التأمين الصحى أو الانفجار السكانى تأتى قناة واحدة!! ولو قمنا بزيارة للسجون يحضر ثلاثة آلاف صحفى وكل القنوات!!».. يناقشون فى برامجهم القيم الأخلاقية ومحاربة الفساد ومساندة الدولة ويسيرون عكس ما يدعون!! يسهرون الليل فى تصدير الإحباط واليأس بدعوى مساعدة الدولة فى معرفة السلبيات وهم يشكلون دولاً داخل الدولة!!.. ولولا فسادهم الشخصى وعدالتهم العرجاء ونظرتهم التى ترى بعين واحدة لما أصبحنا فى هذا الفساد الذى نعانى منه فى مؤسساتنا، لأنهم يمثلون الرقابة والسلطة الرابعة التى من المفترض أن تعيد الأمور إلى نصابها!! ولكن الواقع أنهم يتجاهلون ويتعامون عن أى فساد إذا تعارض كشفه مع مصالحهم!!.. وإذا حاول أحد عرض مشكلة أو جريمة قام بها أحد معارفه أو أي ممن تربطهم مصالح وعلاقات بأصحاب القنوات فلا يجد استجابة حفاظا على العالم الملائكى الذى يحاولون الظهور به.. نرى الكثير منهم بعيدا عن الشاشات من رواد السهرات ويفتحون برامجهم للتربح من أصحاب المال والأطباء والفنانين ويحصلون على القصور بالدعاية والإعلان غير المباشر، أما مؤسسات الدولة والوزراء فلا حصانة أو حماية أو كرامة لهم فى عيون هؤلاء المدعين إلا إذا حققوا مصالحهم.. حتى أصبحت مساندتهم وعدم مهاجمتهم لأى مسئول تبث الشك والريبة فى أدائه وولائه!! وقد ظهرت خلال الأيام الماضية حالة من الاستقواء لبعضهم والاستفزاز للدولة وكأنهم يفتعلون فخا ليقع فيه رئيس الدولة بإصدار قرارات تحد من انفلاتهم الإعلامى ليهرولوا إلى الخارج لتجريس النظام المصرى ويقبضون الثمن.. وكأن هؤلاء لا يدركون ما تمر به أمتنا وما نعانيه من حصار اقتصادى!! وكلما نادى الرئيس بضرورة الترابط والتلاحم بين أفراد الشعب لتأمين الجبهة الداخلية من المكائد، يزيد التهييج وإشعال الفتن والتمرد.. أين ذهبت ضمائرهم؟ فكما قال جوبلز وزير الدعاية النازية: «أعطنى إعلاما بلا ضمير.. أعطك شعبا بلا وعى» وتلك مأساتنا!! لقد أصبح هذا الإعلام المغرض سوطا على رقاب كل فئات المجتمع.. يخشون سطوتهم ويتملقونهم، لأنهم يرفعون من يشاءون وإن كانوا فسدة ومفسدين ويطيحون ويحطون من قدر من يشاءون أو يكرهون، حتى صاروا طواويس فى صور بشرية.. يظنون أن بإشارة من أصابعم تقوم الثورات.. ألا يخشون سقوط الدولة وانهيارها؟.. هل ستقيهم أموالهم الطائلة من التشرد واللجوء إلى النجاة على حدود البلدان؟! على الدولة أن تطالب البرلمان بالتدخل لحماية الوطن، فهم ينوبون عن الشعب الذى تستاء أغلب فئاته كل ساعة مما تسمعه وتراه، فهل آن الأوان لإيقاف هذا المستنقع الذى يجرفنا إلى المجهول؟.