هناك مثل شعبى مصرى معروف وأيضا محل خلاف حتى الآن ألا وهو «اللى عاوزه البيت يتحرم على الجامع»، وهذا المثل يرسخ فكرة أن منزل المسلم أولى بما يحتاجه من المسجد الذى يرتاده المسلم، لأن المسجد هو بيت الله وأن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يكفل للمسجد كل احتياجاته كما أن المسجد يرتاده الكثيرون من المصلين ولكن المنزل يرتاده شخص واحد هو صاحبه فقط، والمنزل أولى من المسجد إذا لم يتوافر لصاحب المنزل القدرات المالية.
والبعض يختلف مع هذا المثل ويرى أن المسجد أولى من المنزل وأن من أطلق هذا المثل وروج له لا يريد إعمار بيوت الله وأن المسلم عليه أن يمنح المسجد أفضلية على المنزل، ولو فعل ذلك فهذا هو الحلال بعينه ولا يجوز ترديد عبارة المثل «اللى عاوزه البيت يحرم على الجامع» ويرجح هؤلاء أن بعض أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية وراء ترويج هذا المثل الشعبى وأن عبارة البيت الواردة فى هذا المثل المقصود بها بيت أو مقر الجماعة.
وفى دراسة اجتماعية جرت مؤخرا حول أسانيد الأمثال الشعبية ومصدر إطلاقها وفلسفة هذه الأمثال توصلت إلى أن هذا المثل الشعبى تزامن مع إطلاق أول دعوة من قيادات جماعة الإخوان لجمع تبرعات لصالح الجماعة وأن أحد المواطنين ذهب ليسأل حسن البنا عن أيهما يتبرع له المسجد الجارى بناؤه بجوار منزله أم يقدم تبرعات لصالح الجماعة فكان رده أن المسجد له متبرعون كثيرون من أعضاء الجماعة وغيرها بينما الجماعة لها أعضاؤها فقط.
وذكرت الدراسة أنه من خلال عملية رصد وحصر المساجد الأهلية التى جرى بناؤها فى كثير من محافظات مصر بما فى ذلك المحافظات التى شهدت انطلاقة جماعة الإخوان ومنها الإسماعيلية والبحيرة وبعدهما الشرقية والفيوم وبنى سويف وجد أن ٩٦٪ من المساجد الأهلية مقامة بتبرعات وجهود ذاتية من أموال مواطنين ليسوا أعضاء بجماعة الإخوان وأن عناصر الإخوان تدفع التبرعات لصالح الجماعة وترفض دفعها للجان الزكاة والصدقات داخل هذه المساجد.
وأوضحت الدراسة أن جماعة الإخوان من خلال التبرعات والاشتراكات التى تحصل عليها ثبت أنها لا توجه أى مبالغ للإنفاق على احتياجات المساجد سواء الرسمية أو الأهلية، ولم يثبت أن هناك مسجداً تم بناؤه من جانب أى قيادة إخوانية كما هى الحال مع مواطنين مصريين آخرين ليسوا أعضاء بالجماعة بل إنهم رفضوا فى إحدى السنوات التبرع لصالح صندوق إعمار المساجد التابع لوزارة الأوقاف.
والأغرب من ذلك بعد وصولهم للحكم وتولى الوزير الإخوانى طلعت عفيفى منصب الوزير ومكن قيادات الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية من الوزارة ثم الاستيلاء على أموال صندوق إعمار المساجد تم توجيه الأموال لصالح الجمعيات الإخوانية والسلفية وهو أكبر دليل على أن تلك الجماعة الإرهابية منبع هذا المثل المصرى الشعبى وأن بيت الجماعة أولى عندهم من المساجد، وقد أنفقوا ملايين الجنيهات على المقر الرئيسى لهم فوق هضبة المقطم ولم يقيموا مسجداً بجواره.
فجماعة الإخوان التى ظلت لسنوات طويلة تتستر بالدين وتتاجر به وتدعى أنها جماعة دعوية إسلامية لم تفكر فى إعمار بيوت الله واعتبرت أن بيت الجماعة أولى بأموالها وتبرعاتها من المساجد بيوت الله لقناعتهم واعتقادهم أن اللى عاوزه البيت يحرم على الجامع، وأهملوا المساجد حتى بعد وصولهم للحكم فكان عقاب الله سبحانه وتعالى لهم شديداً وأطاح بهم ونزع الحكم منهم.
وخلال حملة انتخابات الرئاسة المصرية عام ٢٠١٢ والتى خاضها مرشح الإخوان المعزول محمد مرسى وشهدت إنفاقا ماليا ببذخ، حيث تجاوز الإنفاق مليار جنيه مصرى لم تسجل هذه الحملة توجيه أى تبرعات مالية لصالح المساجد من منظمى الحملة ولم يفكر القائمون على هذه الحملة وإنفاق الأموال فى تخصيص مبالغ لإعمار وصيانة المساجد بل تم توجيه الأموال لشراء الأصوات ودفع رشاوى انتخابية للفقراء والبسطاء لضمان أصواتهم.
ولعل أكبر دليل على أنهم لا يريدون إعمار المساجد هو ما حدث فى مسجد رابعة العدوية خلال الاعتصام المسلح لهم وكيف تم تخريب وتدمير هذا المسجد حتى قامت القوات المسلحة بإعادة الترميم والإصلاح مرة أخرى بعد فض الاعتصام، وهو ما حدث فى أماكن أخرى أيضا، حيث تم استخدام المساجد لتخزين السلاح والمتفجرات والمولوتوف والخرطوش لأن هدفهم وغايتهم هو الجماعة وليس المساجد.
وانتهت الدراسة إلى حقيقة مؤكدة ألا وهى أن نسبة ٨٤٪ من المصريين لا يثقون فى هذا المثل ولا يطبقونه بل إنهم يفضلون المسجد على المنزل لأن إعمار بيت الله فريضة على كل مسلم وأن النسبة الباقية المؤيدة للمثل وهم الأقلية ثبت أن عددا منهم لديه انتماءات لجماعة الإخوان وأن هذا سر التمسك والتأييد لهذا المثل الشعبى والعمل به، ولذلك تم هدم وحرق بيت الجماعة ومقرها الرئيسى بينما ظلت وستظل بيوت الله عامرة.