بعد أن انقشعَ الغبارُ الكثيف وقنابلُ الدخان التى أعمت الأبصارَ والبصائرَ أو كادت، أثناء وعقب ما حدثَ من الأطباء فى جمعيتهم العمومية أو من أهالى الدرب الأحمر بعد اثنين من الحوادثِ الجِسَام من بعضِ نَفَرٍ من أُمناءِ الشرطة، يجبُ أن نقفَ كعقلاءٍ ومسئولين أمامَ هذا الموضوع لكى نتدارسَهُ ببعضِ الحكمةِ التى تختفى أو تتوارى أو ترنو بنظرِها من بعيد خَجْلى من أن تقولَ كلماتٍ لا يجد من يسمعُها.
وإذا كانت البداية التى تُرضى قطاعًا كبيرًا من الناس فى الحادثيْن الأخيرين أن هناك تجاوزات وقعت من بعضِ أُمناءِ الشرطة وصلت إلى حدِ ارتكابِ جريمةِ قتل، فلا أحدَ يستطيعُ أن يُنْكِرَ هذا أو ينبرى للدفاعٍ عنه، وإن ذكرَ البعضُ أنه لا يجوز أن يحدثَ ذلك بعد ثورتيْن قامَ بهما الشعبُ المصرى فهذه قولةُ حقٍ لا مِرَاءَ فيها، وإن ذهبَ البعضُ إلى استدعاءِ شعاراتِ ثورة ٢٥ يناير وأهمها الكرامة الإنسانية فهذا أحدُ أهمِ أهدافِ الثورة التى اعترفَ بها الدستورُ فى ديباجته، وإن استعانَ البعضُ بنصوصِ الدستور التى تحفظُ للمواطنِ المصرى كرامتَه، وأن هذا الدستور لم نوافق عليه إلا لكى يتمَ تفعيلُه وإنفاذُه فهذه أبسطُ قواعدِ التعاملِ والتعاطى مع الدساتير العظيمة، والتى يجبُ أن تخرجَ نصوصُها للنور لكى يتمَ تطبيقُها على أرضِ الواقع، لا أن تظلَ حبيسةَ النصوصِ والموادِ والفصولِ والأبوابِ التى تتكون منها هذه الدساتير.
ولكن ما لا يُرضى أحدًا هو أن يتمَ تضخيمُ مجردَ حادثيْن فردييْن من عنصريْن شرطييْن من بين منظومة تضمُ حوالى نصف مليون ضابط وأمين وفرد شرطة.. إن رقمَ النصفِ مليون قد يمثلَ سكانَ دولةٍ بأكملِها من الدولِ الصغيرة، ولا يُقاسُ عدمَ الانضباط أو الممارسة العامة لوزارةٍ تضمُ مثلَ هذا العدد من مجردِ حادثيْن عابريْن لا يعبران عن مدى ما يُواجهُه رجالُ الشرطة من تحدياتٍ فى مكافحةِ الإرهاب، واستشهادٍ عددٍ ليسَ بالقليلِ منهم ضَحيةَ هذا الإرهاب، دفاعًا عن الوطن الذى كادَ يتحولَ إلى أشلاءٍ لولا تكاتُفِ الجيشِ والشرطة والشعب فى الحفاظٍ عليه، وهذا ليسَ بغريبٍ على مِصْرَ التى بشرنا الرسولُ الكريم بأنَ أهلَها فى رباطٍ إلى يومِ يُبعثون.
وما لا يُرضى أحدًا أن يُخْتَزَلَ كلُ أمناءِ الشرطة الذين تعاملتُ مع بعضٍهم فى شخصيةٍ «حاتم» فى فيلم «هى فوضى» للمبدعيْن يوسف شاهين وخالد يوسف والتى جَسَدَها الفنانُ خالدُ الذِكر «خالد صالح»، فلا كلَ الأمناءِ «حاتم»، ولا مصرَ ستصبحُ «فوضى»، مادامَ فيها حُكَمَاءٌ وعُقَلاءٌ وشعبٌ يعرفُ أن آفةَ حارتِنا التعميمُ المقيت الذى يجعلُ البعضَ فى هذه الحارة من أفرادٍ غيرَ مسئولين وإعلامٍ مازالَ فى مرحلةِ المراهقةِ المهنية يحولون حالاتٍ فردية إلى ظاهرةٍ وحالاتٍ مُمَنْهَجَةٍ يتمُ ارتكابُها عن قصد، باستدعاءِ كليشيهاتٍ محفوظة فى دواليبِ أعداءِ الوطن مثل «الدولة القمعية» و«دولة أمناء الشرطة» و«إهدار كرامة الوطن والمواطنين».. ففى الدولِ القمعية لا يتحرك الرئيسُ ويستدعى وزيرَ الداخلية ليُعْرِبَ عن استيائِه عما حدثَ فى واقعةِ الدربِ الأحمر، وفى الدولِ القمعية لا يوجهُ الرئيسُ بضروةِ إنجازِ تعديلاتٍ تشريعيةٍ ليضبطَ المنظومةَ الأمنية للحفاظِ على أرواحِ المواطنين، وفى الدولِ القمعية لا يقدم وزيرُ الداخلية واجبَ العزاء لأسرةِ القتيلِ ويتعهدُ بأن حقَهُ سيأتى على يديه وأنه يتكفلُ بذلك أمامَ أسرتِه وأمامَ جميعِ المصريين، وفى الدولِ القمعية لا يذهبُ مديرُ الأمن إلى منزلِ أسرةِ القتيل لكى يقدمَ واجبَ العزاءِ لأسرتِه.. إن هذا كله لا يحدثُ فى الدولِ القمعية بل يحدثُ فى دولةٍ عرفت معنى الثورةِ مرتيْن، وعرفت بعدهما معنى الكرامة، ولن تتنازلَ عنه.
إن كلامى هذا ليس دفاعا عن الشرطة، التى يجبُ أن توجدَ آلياتٍ جديدة لتنقيةِ نفسِها من العناصرِ التى تُسيء إليها وتشوهُ صورتَها أمامَ الشعب، والتى يجبُ أن تَحاسِبَ المخطئين وتُجبرهم على الانصياعِ للقانون، والتى يجبُ أن تُخْضِعَ كلَ من يحملُ سلاحًا لاختباراتٍ نفسية تكشفُ عن مدى أهليتِه لحملِ السلاح، وألا تترددَ فى فصلِ العناصرِ التى يثبتُ فسادُها، وأن تنظمَ دوراتٍ تأهيلية لكيفيةِ تعاملِ العناصرِ الشرطية مع المواطنين بشكلٍ يليقُ بكرامتِهم، والتى هى أغلى عند المصريين من الحياةِ ذاتِها؛ فالمصرى لا يقايضُ كرامتَه بحمايةِ الشرطةِ له من الإرهاب والانفلات الأمنى، لأن الكرامةَ لديه تعنى الحياة برمتها، ويجبُ أن نعلمَ جميعًا شعبًا وجيشًا وشرطة أن هناك من يتربصُ بنا ويحيكُ لنا المؤامرات، وينفخُ فى كلِ نارٍ تحت الرماد، ويستغلُ بعضَ الحوداثِ الفردية هنا وهناك، لكى يزعزعَ استقرارَ هذا البلد الوحيد الذى لم يسقط من دول الربيع العربى.. يجب أن نعى أن هذه حملاتٌ ممنهجة ولها من يساندُها على الأرض من عناصرَ مدربة، ولها أذرعُها الإعلامية الممولة التى تضخمُ بعضَ الأحداثِ لكى تُسْلِمَ البلدَ إلى الفوضى المستهدفة التى لن نجنى من ورائِها أى خير، وعندها سوف نجلسُ جميعا ونحن نبكى على اللبنِ المسكوب ونقول إنه كانت لنا دولة ضيعناها بالانسياق وراءَ دعواتٍ مشبوهة وأعمالٍ طائشة.
عاشت مصر.. بشعبها الذى يبنيها.. وشرطتها التى تحميها.. وجيشها الذى يذود عن الوطن كيدَ الأعداءِ فى الداخلِ والخارج.. حَفِظَ اللهُ مِصْرَ من كلِ سوء.. وأَهْلَكَ مَنْ أَرَادَهَا بسوء.
وإذا كانت البداية التى تُرضى قطاعًا كبيرًا من الناس فى الحادثيْن الأخيرين أن هناك تجاوزات وقعت من بعضِ أُمناءِ الشرطة وصلت إلى حدِ ارتكابِ جريمةِ قتل، فلا أحدَ يستطيعُ أن يُنْكِرَ هذا أو ينبرى للدفاعٍ عنه، وإن ذكرَ البعضُ أنه لا يجوز أن يحدثَ ذلك بعد ثورتيْن قامَ بهما الشعبُ المصرى فهذه قولةُ حقٍ لا مِرَاءَ فيها، وإن ذهبَ البعضُ إلى استدعاءِ شعاراتِ ثورة ٢٥ يناير وأهمها الكرامة الإنسانية فهذا أحدُ أهمِ أهدافِ الثورة التى اعترفَ بها الدستورُ فى ديباجته، وإن استعانَ البعضُ بنصوصِ الدستور التى تحفظُ للمواطنِ المصرى كرامتَه، وأن هذا الدستور لم نوافق عليه إلا لكى يتمَ تفعيلُه وإنفاذُه فهذه أبسطُ قواعدِ التعاملِ والتعاطى مع الدساتير العظيمة، والتى يجبُ أن تخرجَ نصوصُها للنور لكى يتمَ تطبيقُها على أرضِ الواقع، لا أن تظلَ حبيسةَ النصوصِ والموادِ والفصولِ والأبوابِ التى تتكون منها هذه الدساتير.
ولكن ما لا يُرضى أحدًا هو أن يتمَ تضخيمُ مجردَ حادثيْن فردييْن من عنصريْن شرطييْن من بين منظومة تضمُ حوالى نصف مليون ضابط وأمين وفرد شرطة.. إن رقمَ النصفِ مليون قد يمثلَ سكانَ دولةٍ بأكملِها من الدولِ الصغيرة، ولا يُقاسُ عدمَ الانضباط أو الممارسة العامة لوزارةٍ تضمُ مثلَ هذا العدد من مجردِ حادثيْن عابريْن لا يعبران عن مدى ما يُواجهُه رجالُ الشرطة من تحدياتٍ فى مكافحةِ الإرهاب، واستشهادٍ عددٍ ليسَ بالقليلِ منهم ضَحيةَ هذا الإرهاب، دفاعًا عن الوطن الذى كادَ يتحولَ إلى أشلاءٍ لولا تكاتُفِ الجيشِ والشرطة والشعب فى الحفاظٍ عليه، وهذا ليسَ بغريبٍ على مِصْرَ التى بشرنا الرسولُ الكريم بأنَ أهلَها فى رباطٍ إلى يومِ يُبعثون.
وما لا يُرضى أحدًا أن يُخْتَزَلَ كلُ أمناءِ الشرطة الذين تعاملتُ مع بعضٍهم فى شخصيةٍ «حاتم» فى فيلم «هى فوضى» للمبدعيْن يوسف شاهين وخالد يوسف والتى جَسَدَها الفنانُ خالدُ الذِكر «خالد صالح»، فلا كلَ الأمناءِ «حاتم»، ولا مصرَ ستصبحُ «فوضى»، مادامَ فيها حُكَمَاءٌ وعُقَلاءٌ وشعبٌ يعرفُ أن آفةَ حارتِنا التعميمُ المقيت الذى يجعلُ البعضَ فى هذه الحارة من أفرادٍ غيرَ مسئولين وإعلامٍ مازالَ فى مرحلةِ المراهقةِ المهنية يحولون حالاتٍ فردية إلى ظاهرةٍ وحالاتٍ مُمَنْهَجَةٍ يتمُ ارتكابُها عن قصد، باستدعاءِ كليشيهاتٍ محفوظة فى دواليبِ أعداءِ الوطن مثل «الدولة القمعية» و«دولة أمناء الشرطة» و«إهدار كرامة الوطن والمواطنين».. ففى الدولِ القمعية لا يتحرك الرئيسُ ويستدعى وزيرَ الداخلية ليُعْرِبَ عن استيائِه عما حدثَ فى واقعةِ الدربِ الأحمر، وفى الدولِ القمعية لا يوجهُ الرئيسُ بضروةِ إنجازِ تعديلاتٍ تشريعيةٍ ليضبطَ المنظومةَ الأمنية للحفاظِ على أرواحِ المواطنين، وفى الدولِ القمعية لا يقدم وزيرُ الداخلية واجبَ العزاء لأسرةِ القتيلِ ويتعهدُ بأن حقَهُ سيأتى على يديه وأنه يتكفلُ بذلك أمامَ أسرتِه وأمامَ جميعِ المصريين، وفى الدولِ القمعية لا يذهبُ مديرُ الأمن إلى منزلِ أسرةِ القتيل لكى يقدمَ واجبَ العزاءِ لأسرتِه.. إن هذا كله لا يحدثُ فى الدولِ القمعية بل يحدثُ فى دولةٍ عرفت معنى الثورةِ مرتيْن، وعرفت بعدهما معنى الكرامة، ولن تتنازلَ عنه.
إن كلامى هذا ليس دفاعا عن الشرطة، التى يجبُ أن توجدَ آلياتٍ جديدة لتنقيةِ نفسِها من العناصرِ التى تُسيء إليها وتشوهُ صورتَها أمامَ الشعب، والتى يجبُ أن تَحاسِبَ المخطئين وتُجبرهم على الانصياعِ للقانون، والتى يجبُ أن تُخْضِعَ كلَ من يحملُ سلاحًا لاختباراتٍ نفسية تكشفُ عن مدى أهليتِه لحملِ السلاح، وألا تترددَ فى فصلِ العناصرِ التى يثبتُ فسادُها، وأن تنظمَ دوراتٍ تأهيلية لكيفيةِ تعاملِ العناصرِ الشرطية مع المواطنين بشكلٍ يليقُ بكرامتِهم، والتى هى أغلى عند المصريين من الحياةِ ذاتِها؛ فالمصرى لا يقايضُ كرامتَه بحمايةِ الشرطةِ له من الإرهاب والانفلات الأمنى، لأن الكرامةَ لديه تعنى الحياة برمتها، ويجبُ أن نعلمَ جميعًا شعبًا وجيشًا وشرطة أن هناك من يتربصُ بنا ويحيكُ لنا المؤامرات، وينفخُ فى كلِ نارٍ تحت الرماد، ويستغلُ بعضَ الحوداثِ الفردية هنا وهناك، لكى يزعزعَ استقرارَ هذا البلد الوحيد الذى لم يسقط من دول الربيع العربى.. يجب أن نعى أن هذه حملاتٌ ممنهجة ولها من يساندُها على الأرض من عناصرَ مدربة، ولها أذرعُها الإعلامية الممولة التى تضخمُ بعضَ الأحداثِ لكى تُسْلِمَ البلدَ إلى الفوضى المستهدفة التى لن نجنى من ورائِها أى خير، وعندها سوف نجلسُ جميعا ونحن نبكى على اللبنِ المسكوب ونقول إنه كانت لنا دولة ضيعناها بالانسياق وراءَ دعواتٍ مشبوهة وأعمالٍ طائشة.
عاشت مصر.. بشعبها الذى يبنيها.. وشرطتها التى تحميها.. وجيشها الذى يذود عن الوطن كيدَ الأعداءِ فى الداخلِ والخارج.. حَفِظَ اللهُ مِصْرَ من كلِ سوء.. وأَهْلَكَ مَنْ أَرَادَهَا بسوء.