نسمع حكماء زمان هذه الأيام يملأون آذاننا بكثير من الحكم والجمل العريضة، وأحكامهم النافذة على كل ما يتعلق بالحياة، فنجد الإعلامى الحكيم والصحفى الحكيم، والدكتور والمهندس والعامل وصاحب العمل، كلهم أصبحوا حكماء، كلهم يحكمون ويشرعون ويحللون.
نراهم اقتصاديين أحيانًا وسياسيين أحيانًا أخرى، كرويين وفقهاء دين، علماء اجتماع وتربويين.
أتذكر العملاق الفنان أحمد زكى فى مشهد «كلنا فاسدون لا أستثنى أحدًا» وذلك المشهد العبقرى الذى ربط به بين كل فئات المجتمع وسلبيته وبين حادث قطار.
وأرى الآن كثيرًا من الحوادث، وكثيرًا من السلبيات، وأترحم على فنان عملاق ومؤلف مشهد رأى واقعنا كما يجب أن نراه، وللأسف لا نرى إلا غيرنا، ونعود مرة أخرى لبداية الكلام وكلام الحكماء.
المشكله هنا تأتى أننا لو أمعنا النظر فى كلام كثير من الناس وحكمهم، سنجد أن معظم الكلام منقول، وليس نتيجة أفكارهم، وكيف تنتشر الشائعات من حيث نقل الكلام من شخص إلى شخص، إلى جماعة، وتتفرق الجماعة ليكون كل فرد منهم منبرًا للخبر، أيضًا تنشر الحكم والمواعظ والأحكام على كل ما يجرى فى حياتنا اليومية بين الناس، دون التوقف عليه والتفكير فيه، فنحن أصبحنا مرضى بالكسل حتى فى التفكير والتدقيق والبحث عن مصادر المعلومات.
أصبحنا كائنات تتكلم كثيرًا، ولا تتمعن فيما تقول، نتفاخر بالمعلومات التى نتصنع بأنها من بنات أفكارنا، ونحن فى الواقع لا نتفهم معانى ما بين السطور، والعجيب أننا فى أى مناقشة نثور ونتعصب، وتفور دماؤنا للدفاع عن الفكرة المقتبسة والمسموعة من أشخاص أيضًا مقتبسين.
أصبح المناخ العام يثير الاشمئزاز، فما عدنا نسمع نصيحة حقيقية، ولا حكمة تداوى جراح الزمن، الذى أصبح ثقيلًا، بل نسينا ما توارثه أجدادنا من حكم ومواعظ، وأصبحت إفيهات لكثير من الأفلام، فيعكسون الحكمة ويضحكون عليها، وتضحك الأمم علينا، وعلى جهل من يريد بنا شرًا سواء بتعمد أو بغير تعمد.
حتى ما كنا نحمله من حكم على أكتافنا، أصبحنا نهينه باستخفافنا بتراثنا.
أراد عنكبوت أن يصير أحكم الحيوانات والحشرات والطيور، فحمل صندوقًا، وانطلق به إلى كل بلد فى العالم، كلما سمع كلمات حكيمة وضعها فى الصندوق، فظن العنكبوت أنه قد صار أحكم من غيره.
وعند عودته إلى بلده رأى بركة صغيرة، قال: «أميل وأشرب منها، فإنى عطشان»، تطلع إلى الماء ليشرب فرأى كمية ضخمة من الموز الناضج الأصفر ففرح جدًا، وقال: «إننى لست فقط أشرب وإنما وجدت موزًا طازجًا لكى آكل وأشبع».
حاول أن يتسلل إلى الماء فلم يجد شيئًا. تكرر الأمر مرة ومرات، أخيرًا قرر أن يلقى هذا الصندوق الثقيل من على كتفيه الذى أحنى رأسه، فلما ألقاه استطاع أن يرى شجرة موز على شاطئ البركة، وقد تسلق عليها قرد، وكان يضحك.
سأل العنكبوت القرد: «لماذا تضحك؟»
أجاب القرد: «لأن صندوق الحكمة قد أحنى ظهرك، فلم تعد ترى ما هو فوقك، بل تتطلع إلى أسفل، فترى انعكاس شجرة الموز على المياه، الآن إن أردت أن تأكل تعال على الشجرة وذق بنفسك الموز».
هز العنكبوت رأسه وقال: «حقًا إن الحكمة لا تقتنى بجمع كلمات الآخرين التى تصير ثقلًا على الظهر، فلا يرى الإنسان ما هو فوقه، بل أن يذوق ويختبر بنفسه الحكمة، فالحكمة حياة مُعاشة لا كلمات».
نراهم اقتصاديين أحيانًا وسياسيين أحيانًا أخرى، كرويين وفقهاء دين، علماء اجتماع وتربويين.
أتذكر العملاق الفنان أحمد زكى فى مشهد «كلنا فاسدون لا أستثنى أحدًا» وذلك المشهد العبقرى الذى ربط به بين كل فئات المجتمع وسلبيته وبين حادث قطار.
وأرى الآن كثيرًا من الحوادث، وكثيرًا من السلبيات، وأترحم على فنان عملاق ومؤلف مشهد رأى واقعنا كما يجب أن نراه، وللأسف لا نرى إلا غيرنا، ونعود مرة أخرى لبداية الكلام وكلام الحكماء.
المشكله هنا تأتى أننا لو أمعنا النظر فى كلام كثير من الناس وحكمهم، سنجد أن معظم الكلام منقول، وليس نتيجة أفكارهم، وكيف تنتشر الشائعات من حيث نقل الكلام من شخص إلى شخص، إلى جماعة، وتتفرق الجماعة ليكون كل فرد منهم منبرًا للخبر، أيضًا تنشر الحكم والمواعظ والأحكام على كل ما يجرى فى حياتنا اليومية بين الناس، دون التوقف عليه والتفكير فيه، فنحن أصبحنا مرضى بالكسل حتى فى التفكير والتدقيق والبحث عن مصادر المعلومات.
أصبحنا كائنات تتكلم كثيرًا، ولا تتمعن فيما تقول، نتفاخر بالمعلومات التى نتصنع بأنها من بنات أفكارنا، ونحن فى الواقع لا نتفهم معانى ما بين السطور، والعجيب أننا فى أى مناقشة نثور ونتعصب، وتفور دماؤنا للدفاع عن الفكرة المقتبسة والمسموعة من أشخاص أيضًا مقتبسين.
أصبح المناخ العام يثير الاشمئزاز، فما عدنا نسمع نصيحة حقيقية، ولا حكمة تداوى جراح الزمن، الذى أصبح ثقيلًا، بل نسينا ما توارثه أجدادنا من حكم ومواعظ، وأصبحت إفيهات لكثير من الأفلام، فيعكسون الحكمة ويضحكون عليها، وتضحك الأمم علينا، وعلى جهل من يريد بنا شرًا سواء بتعمد أو بغير تعمد.
حتى ما كنا نحمله من حكم على أكتافنا، أصبحنا نهينه باستخفافنا بتراثنا.
أراد عنكبوت أن يصير أحكم الحيوانات والحشرات والطيور، فحمل صندوقًا، وانطلق به إلى كل بلد فى العالم، كلما سمع كلمات حكيمة وضعها فى الصندوق، فظن العنكبوت أنه قد صار أحكم من غيره.
وعند عودته إلى بلده رأى بركة صغيرة، قال: «أميل وأشرب منها، فإنى عطشان»، تطلع إلى الماء ليشرب فرأى كمية ضخمة من الموز الناضج الأصفر ففرح جدًا، وقال: «إننى لست فقط أشرب وإنما وجدت موزًا طازجًا لكى آكل وأشبع».
حاول أن يتسلل إلى الماء فلم يجد شيئًا. تكرر الأمر مرة ومرات، أخيرًا قرر أن يلقى هذا الصندوق الثقيل من على كتفيه الذى أحنى رأسه، فلما ألقاه استطاع أن يرى شجرة موز على شاطئ البركة، وقد تسلق عليها قرد، وكان يضحك.
سأل العنكبوت القرد: «لماذا تضحك؟»
أجاب القرد: «لأن صندوق الحكمة قد أحنى ظهرك، فلم تعد ترى ما هو فوقك، بل تتطلع إلى أسفل، فترى انعكاس شجرة الموز على المياه، الآن إن أردت أن تأكل تعال على الشجرة وذق بنفسك الموز».
هز العنكبوت رأسه وقال: «حقًا إن الحكمة لا تقتنى بجمع كلمات الآخرين التى تصير ثقلًا على الظهر، فلا يرى الإنسان ما هو فوقه، بل أن يذوق ويختبر بنفسه الحكمة، فالحكمة حياة مُعاشة لا كلمات».