تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كانت- ولم تزل- معركة النفوذ الإيراني في الدول العربية، محل تحليل للكثير من الباحثين في العالم، لكن الجميع يتفق على أن معركة إيران – السعودية، ليست لأسباب دينية أيدلوجية، بمعنى معركة المذهب السني والمذهب الشيعي، وقف العراق- ولسنوات طويلة، إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين- يحمي دول الخليج من الأطماع السياسية الإيرانية، وأوقف مشروع تصدير الثورة، لكن إيران سعت- ومن خلال القوة الناعمة- إلى استغلال بعض الشيعة في الخليج العربي لمد نفوذها، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في نيسان أبريل 2003 والذي جاء بمساعدة إيرانية واضحة لا لبس فيها، ثم تلاها استغلال واضح لما جرى في العراق، وأعقبها ترتيب لما للأوضاع في سوريا ولبنان، هذا بالإضافة إلى تدعيم جهود إيران في تنشيط للخلايا النوعية في البحرين والكويت والسعودية، كان الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب قد عُقد على خلفية الأزمة بين طهران والرياض، في أعقاب إعدام رجل الدين الشيعي السعودي، نمر باقر النمر، بتهمة الإرهاب، وما تبعه من اعتداءات استهدفت السفارة السعودية في طهران، والقنصلية التابعة لها في مدينة مشهد الإيرانية، وخرج البيان ضعيفًا جدًا، وهو الطلب من إيران بـ "وقف دعم الميليشيات والأحزاب المسلحة داخل الدول العربية، واعتبار ذلك تهديداً للأمن القومي العربي"، سرعان ما أظهر حلفاء ايران في لبنان (حزب الله، وحركة أمل، وكتلة 8 آذار) موقفًا عدائيًا للمملكة العربية السعودية ولكل دول الخليج العربي، لكن الأزمة السعودية الإيرانية ألقت بظلالها على الأوضاع الداخلية اللبنانية، وسياساتها الخارجية في الموازنة، بين الدعم الرسمي السعودي للبنان، وموقفها الرافض لـ "إدانة التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي السعودي”، وهو الموقف الذي تعكسه سياسة لبنان الخارجية المحكومة بتوجهات فريق الثامن من آذار الذي لا يمكن له أن يخرج عن سياسات إيران وبشار الأسد، لذا ليس غريباً امتناع لبنان عن التصويت على قرار وزراء الخارجية العرب، بدعم المملكة العربية السعودية في مواجهة التدخلات الإيرانية". وكان “تحالف الثامن من آذار، قد نشأ بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، (عام 2005) عقدته أحزاب ذات صلة وثيقة بسوريا أبرزها حزب الله اللبناني، والسعودية قدمت الكثير للبنان -الشعب والدولة- وما تقدمه من دعم هي وشقيقاتها من الدول الخليجية يذهب إلى موازنة الدولة اللبنانية، لإفادة عامة الشعب اللبناني، بينما لم تقدم إيران أي دعم يُذكر للدولة اللبنانية، لكنها تدعم أحزابا وشخصيات وقوى مسلحة تنفذ سياسات إيرانية في لبنان والمنطقة”، على حد قوله، أن السعودية تدرك ما تؤكده الشواهد والحقائق على أن حزب الله لم يعد دولة داخل دولة، كما هو شائع، إنما هو من يتحكم بالقرار السياسي اللبناني، وهو يمثل ذراعاً من أذرع تنفيذ السياسات الإيرانية الساعية لبناء حاضنة مؤهلة لتجسيد فكرة المشروع الفارسي في المنطقة العربية، من المؤكد أن السعودية لن تترك لبنان لقمة سائغة لإيران، ولن تتخلى السعودية عن دعمها للشعب اللبناني، دون تمييز بين مكوناته، كما أنها لن تعاقب الشعب اللبناني بجريرة السياسات التي تتخذها الحكومة المحسوبة على حزب الله، في المقابل وما لا يمكن تجاهله أن السياسة الخارجية اللبنانية تحكمها جوانب تتعلق بالولاءات الحزبية أو الولاءات الخارجية، لذا ليس هناك أي وجه غرابة في الموقف اللبناني الذي يرسمه وزير الخارجية (الحليف الأوثق لحزب الله اللبناني) في المقابل- وداخل المشهد اللبناني- هناك تياران متعارضان، تيار الثامن من آذار، الذي يمثله التيار الوطني الحر بقيادة الجنرال عون وحليفه حزب الله، وهو تيار يقود السياسة الداخلية والخارجية للبلد، أما التيار الثاني، تيار الرابع عشر من آذار، الذي يقوده الرئيس سعد الحريري، بالتحالف مع أحزاب أخرى، وهو تيار ضعيف إلى حد ما، وأسهم في إضعاف الدور السعودي في لبنان، إن لكل تيار من التيارين الاثنين سياسة موالية لسياسة الدولة الراعية، فتيار الرابع عشر من آذار، يتبنى سياسات السعودية ومواقفها في لبنان وخارجها أيضا، أما تيار الثامن من آذار فيتبنى سياسات إيران ومواقفها في لبنان وخارجها، وكانت السعودية أعلنت في وقت سابق من الجمعة أنها أوقفت مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوة الأمن الداخلي اللبناني نظرا لمواقف بيروت التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين، ان القرارات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية وجهت لوقف المساعدات العسكرية: أولا: إيقاف المساعدات المقررة من المملكة لتسليح الجيش اللبناني عن طريق الجمهورية الفرنسية وقدرها ثلاثة مليارات دولار أمريكي، ثانيا: إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار أمريكي المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، ما يشكل خطرا على قوات الامن الللبنانية التي ربما ستضعف لصالح سلاح حزب الله الذي يزداد قوة ونفوذ في عموم لبنان، كما أن ترك العرب للبنان في هذا الوضع الخطير سيتيح لايران ان تنفذ أجندتها بسهولة وظون تعقيد، لا يمكن أن ننسى دور العرب في حل الكثير من الأزمات التي تعرض لها لبنان، السعودية عام 1990 أوقفت نزيف الحرب الأهلية ودعمت الاقتصاد اللبناني، العرب أسهموا في حل مشكلة اختيار الرئيس عام 2010، وأعتقد لولا انشغال العرب بتداعيات ما بعد ما يسمى بالربيع العربي، لكن لهم دور أيضا، لكن المنطقة مشغولة وملتهبة والدول العربية تعيش أزمات الإرهاب أو الحروب الداخلية أو ازمات اقتصادية، وهذا كله يصب في صالح إيران.