أصدرت محكمة استئناف القاهرة - الدائرة ١٣١ عمال كلى برئاسة المستشار صفوت هلال، وعضوية كل من المستشارين محمد كفافى، ووائل الحسينى، حكمها «بعدم وجود كيان قانونى يسمى النقابة المستقلة للعاملين بالكهرباء»، وهذا الحكم واجب النفاذ حتى لو تم عمل نقض فيه.. لأن النقض لا يؤدى إلى وقف التنفيذ.. كما أن هذا الحكم واجب النفاذ على باقى النقابات المستقلة الأخرى، أيا كان مكان تواجدها.. وهنا يأتى الرجاء من أجل إزالة حالات الشك والريبة التى تسيطر على أفعال وتصرفات وزارة القوى العاملة، سواء سعيها لتمرير مشروع قانون العمل الجديد، والذى يوجد به باب كامل يعترف بوجود النقابات المستقلة، أو مشروع قانون تعديل أحكام قانون النقابات العمالية رقم ٣٥ لسنة ١٩٧٦، وتعديلاته رقم ١ لسنة ١٩٨١، ورقم ١٢ لسنة ١٩٩٥ الذى تم إعداده عقب حل اتحاد عمال مصر، وعدم إجراء انتخابات مجلس إدارة الاتحاد، ونقاباته العامة، ولجانه النقابية التى حل ميعادها عشية ثورة ٢٥ يناير، وبعد أن قام الطابور الخامس المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بالاستيلاء على وزارة القوى العاملة.
هذا المشروع لا يمت بأى صلة بالحقوق، والحريات العامة، كما أطلقوا عليه بغرض تمريره، والضحك على عقول المثقفين، وأنصار الحريات فى بلدنا، وسبق لنا أن قدمنا البراهين الدالة على ذلك، وإنما يسعى إلى إشاعة الفوضى بخلق كيانات ورقية من أجل الحصول على التمويل الأجنبى، وإحدى أدوات تدخل المنظمات الأجنبية المشبوه فى شئوننا.. التى تدور فى فلك الاتحاد الحر الأمريكى أو اللوبى الإسرائيلى حتى يسيطران على الحركة النقابية العربية.. الأمر الذى يلحق بالأمن القومى العربى أفدح الأضرار المادية والأدبية.
ولسنا متحاملين على وزارة القوى العاملة حيث توجد نقابة مستقلة فى قلب الوزارة. وحرص الوزير الحالى على لقاء قياداتها فى ٣٠ سبتمبر ٢٠١٥، وبحث معهم طلبهم وقف خصم نسبة الـ١٠٪ التى يتم استقطاعها من موارد الوزارة لصالح جمعية الخدمات الاجتماعية، ووعدهم بدراسة تكليف خبير اكتوارى لبحث الموضوع.
وفى ٢٨ سبتمبر ٢٠١٥ اجتمع الوزير مع ممثلى الاتحادات، والنقابات المستقلة، حيث أكد فى تصريح له أنه على مسافة واحدة من كل التنظيمات النقابية، وسيتعامل مع الجميع بحيادية تامة، وكاملة، ويحترم القانون، والحريات النقابية، والاتفاقيات، والتوصيات الدولية.
وطالب ممثلى الاتحادات والنقابات المستقلة بفتح صفحة جديدة بصدر مفتوح مع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
ويعزز هذا الرجاء بتنفيذ هذا الحكم المخالفات العديدة التى ارتكبتها الوزارة للقانون، والدستور، والاتفاقيات الدولية، حيث إن هذه الكيانات العشوائية التى أطلق عليها نقابات مستقلة تم إنشاؤها دون سند من القانون. ويؤكد هذا حينما خاطبنا الوزارة كشئون قانونية بموجب إنذار على يد محضر باسم السيد نقيب الصحفيين بموافاتنا بقرار إنشاء هذه النقابات وسبب النقابات المستقلة العديدة التى أقامتها، وتغتصب سلطة نقابة الصحفيين.
وجاء رد الوزارة بالآتى:
أولًا: لم يصدر من قبل وزارة القوى العاملة والهجرة القرار رقم ٣٥٨ لسنة ٢٠١١ المشار إليه.
ثانيًا: إن وزارة القوى العاملة والهجرة قد قامت بتلقى أوراق المنظمات النقابية المستقلة بناء على البيان الصادر من السيد الدكتور أحمد حسن البرعى - وزير القوى العاملة والهجرة الأسبق - حول الحريات النقابية فى مصر، ودور الوزارة، ومديرياتها فى هذا الصدد، والذى قرر بصلبه تلقى الوزارة لأوراق تأسيس المنظمات النقابية المستقلة دون التدخل فى أى شأن من شئونها الداخلية، وذلك إعمالا لأحكام اتفاقية العمل الدولية رقم ٨٧ لسنة ١٩٤٨ بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم.. إلخ!!
وهذا كلام صحيح.. لأن لو صدر قرار وزارى بإنشاء هذه النقابات سيكون مخالفًا لأحكام قانون النقابات العمالية رقم ٣٥ لسنة ١٩٧٦ وتعديلاته خاصة المادة ٧ منه التى تنص على:
«يقوم البنيان النقابى على شكل هرمى، وعلى أساس وحدة الحركة النقابية، وتتكون مستوياته من المنظمات النقابية التالية:
- اللجنة النقابية المنشأة أو اللجنة النقابية.
- النقابة العامة.
- الاتحاد العام لنقابات العمال.
ويصدر الاتحاد العام لنقابات العمال قرارا بقواعد وإجراءات تشكيل هذه المنظمات النقابية المشار إليها بالفقرة السابقة، وفروعها».
وهذا القانون ما زال ساريًا حتى الآن، وتبذل وزارة القوى العاملة جهودًا حسيسة من أجل إلغائه حتى يتم تمرير مشروع خلق النقابات المستقلة.
ويخالف أيضا المادة ٥٦ من دستور ١٩٧١ الذى كان ساريا آنذاك، أما الكلام عن الاتفاقيات الدولية خاصة الاتفاقية رقم «٨٧» اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم.. والمادة «٢» من هذه الاتفاقية، التى يستندون إليها، حيث خلا النص تماما من التعددية النقابية أو إنشاء النقابات المستقلة ويتضح ذلك من النص:
«للعمال ولأصحاب العمل دون تمييز الحق دون ترخيص سابق فى تكوين منظمات يختارونها، وكذلك الحق فى الانضمام إليها بشرط التقيد بلوائح هذه المنظمات».
كما أن هذه المادة مرتبطة بالفقرة الأولى من المادة الثامنة والتى تنص على:
«يحترم العمال وأصحاب العمل والمنظمات، كل منهم، قانون البلد فى ممارستهم لحقوقهم المنصوص عليها فى هذه الاتفاقية شأنهم فى ذلك شأن غيرهم من الأشخاص أو الجماعات المنظمة».
يضاف لذلك نصوص الدستور، خاصة المادتين رقمى «٧٦»، «٧٧»، حيث تنص المادة ٧٦ من الدستور على:
«إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم فى رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها، والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس إداراتها إلا بحكم قضائى، ولا يجوز إنشاء أى منها بالهيئات النظامية».
المادة «٧٧» من الدستور التى تنص على:
«ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى، ويكفل استقلالها، ويجدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم المهنى، وفقا لمواثيق الشرف الأخلاقية، والمهنية».
و«لا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية فى شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بها».
وجاء الحكم المنوه عنه بصدر هذا المقال كاشفًا لهذه المبادئ، ويضاف لكل ذلك أن فكرة التعددية النقابية فى شكل النقابات المستقلة يتعارض تماما مع طبيعة نشأة الحركة النقابية سواء كانت عمالية أو مهنية.