بركة نظر لى مرتابا، وكنت أقصد ذلك فقلت: دعنا نكمل النقاش فى وقت آخر وتسمع بقية العمل ربما لا يعجبك. وأحدثت جملتى فعلتها. فقال إنه لا يعترض علي المسرحية، وقلت: من جهتى أنا لن أفاتح عوض فى تمثيل المسرحية إلا بعد أن تسمعها كلها. فأصر هو أن نتحدث عن الممثلين أولا. قلت لا مانع وسألته متى نلتقى فقال فى الحال: من بكرة.
اتفقت مع صبحى ألا نرشح له أحدا غير محمود المليجى وتوفيق الدقن ثم ندعه يقترح بقية الممثلين.
كان أول ترشيح لبركة هو سهير البابلى لدور البطولة وقبل أن يعترض صبحى قلت بسرعة: لا مانع. فقد كنت على يقين أنها لن توافق! ولذلك فضلت ألا نذهب ومعنا صبحى. وذهبنا إليها فى منزلها ولم أقرأ لها شيئا لأوفر مجهودى ولكنى أعطيتها فكرة سريعة عن المسرحية بكل الصدق. فردت على قائلة بسخرية (وأنا بقى اللى همثل دور سطوحي؟). وابتسمت لأنى كنت أعرف الإجابة يقينا، فمن المستحيل أن تقبل أن يكون الممثل الذى يلعب الدور الأول فى المسرحية عمل منذ شهور فقط وسط بقية الكومبارس الذين مثلوا معها.
ومرة أخرى لم أرشح البطلة فقال هو إنه يرشح ليلى طاهر فتحمست لترشيحه، لأن حدسى قال إنها لن توافق والمبرر معروف وهو أن البطولة لصبحى لأول مرة، فلم ترد على بركة من الأصل ولعدة مرات.
وبعدها اقترحت خيرية أحمد، خاصة أنها ممثلة كوميدية ومحبوبة. وهنا طلب صبحى أن يذهب معى. فقلت له بشرط ألا تتكلم على الإطلاق ومهما كان الكلام الذى قد تسمعه منها ومن زوجها الكاتب يوسف عوف صاحب المسرحيات الكوميدية الكثيرة، وطلبت من بركة ألا يذهب معنا، وبالفعل حكيت لهما فكرة المسرحية بسرعة محاولا إظهار دور البطولة بشكل أكبر من حجمه. وسمع صبحى كلمات ليست لطيفة من زوجها وكيف أن الجيل الجديد يريد أن يقفز إلى النجومية قبل أن يعرفه الناس، فقلت إن المسرحية من بطولة مدام خيرية ومحمود المليجى وتوفيق الدقن ويأتى صبحى كرابع اسم. وفى النهاية تم الاتفاق مبدئيا بعد صعوبة وبعد وعد منى بالاهتمام بدور أكبر لخيرية.
وتركت بركة يعرض على محمد نجم الاشتراك فى العمل لكن بلا وعود بأى شيء، وبالفعل انسحب نجم ثم حاول ضم صلاح السعدنى ليكون الثلاثى الذى يحلم به. وجاءنى صبحى فى حالة عصبية قائلا إنه سينسحب لو جاء بالسعدنى.. هدأت روعه وقلت اتركه يأتى ويجلس على مائدة البروفات فهو لن يأتى مرة أخرى لأنه لن يقبل أن يكون سنيدا لك، وكان هذا هو ما حدث بالضبط. فلم يأت ثانية ولم يرد على المنتج. وكنت قد رشحت الممثل سامى فهمى فى دور السنيد وسميت الدور سامى على اسمه وكان زميلا لصبحى، لكنى فوجئت بأن صبحى اختفى يومها وجاء المنتج أو المخرج بمحمد متولى كأمر واقع، وأدركت أنها رغبة صبحى لذلك اختفى يومها تماما. وكان صبحى قد أصر على السيد راضى مخرجا للعرض ولم أكن أعرفه أو أعرف غيره ولكن بركة نفسه كان مكرهًا.
وبعد الاستقرار على الممثلين جئنا بالمخرج وكان هو السيد راضى الذى طلبه صبحى وأصر عليه. وبناء على طلب خيرية أحمد الذى وعدتها به رحت أكتب لها بعض الحوار كما طلبت هى، وفعلت نفس الأمر للمليجى وتوفيق الدقن بلا طلب منهما. لأنى أعرف أنهما لن يضايقهما أن تصغر مساحة عملهما الذى سوف أخنصر منه كل ما أضفته، ما عدا دور خيرية الذى سأقلصه أيضا ولكن على مراحل بالتدريج!.
لم أكن مع صبحى ضد خيرية ولكن تحايلت حتى يظهر العمل ولو على مراحل.
وفاجأنى صبحى يوما بأنه خائف أن يشمئز المتفرجون من شخصية سطوحى التى سيمثلها، وضحكت فهى محض هزة عصبية تهاجم كثيرا من الممثلين قبل الدخول فى دور جديد وخاصة إذا كان دورا بطوليا وطمأنته بأن سطوحى لن يريل على نفسه بل سيكون شخصية لطيفة لا يشعر بتهكم الآخرين عليه أو ظلمهم له وسيكسب حب الجمهور.
وبقى علىّ أن أعيد ما أدخلته وأن أقف فى وجه المخرج الذى يحاول أن يضع بصماته على العمل بلا مبرر إلا ليؤكد للناس أنه مخرج! رغم أن المتفرجين لا يعرفون إلا الممثلين النجوم الذين يرونهم على المسرح، بل الكومبارس أيضا.