الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

داعش.. معركة ليست سهلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلنت منظمة «تونى بلير» أن تعداد مقاتلى داعش هو ٦٥ ألف مقاتل، فى حين أعلن مرصد الأزهر أن ٣١ منظمة فى ١٣ بلدا أعلنت ولاءها لداعش، فيما ذكرت مصادر «يوتيوب» أن ١٢٥ ألف موقع إلكترونى تم إغلاقها لأن لها صلة بذلك التنظيم الإرهابى المتوحش، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن تعداد داعش فى ليبيا ارتفع إلى ٥ آلاف مقاتل، وأن أبا بكر البغدادى خليفة داعش انتقل إلى ليبيا بعد اشتداد القصف الروسى وقصف التحالف، وأن تعداد المقاتلين فى سوريا والعراق انخفض إلى ٢٥ ألف مقاتل.
هذه الأرقام- جميعا- تخبرنا بقول واحد، إن دول العالم وجيوشها المحاربة تواجه مهمة ليست سهلة، إذا قررت اجتثاث داعش.
وأجمل صعوبات تلك المهمة فيما يلى:
أولا: أن إرسال قوات برية سيظل أمرا عسيرا على الدول الغربية، فأوباما استطاع- بالكاد- أن يتحصل على موافقة الكونجرس لإرسال خمسين خبيرا ومستشارا أمريكيا إلى العراق للمساندة فى الحملة التى يقودها الجيش النظامى العراقى وقوات الحشد الشعبى على داعش فى مواقع بالرمادى والأنبار والحويجة، وقد حدد موعدا فى الربيع المقبل للهجوم على الموصل.. هذا فيما وافق مجلس العموم بالصعوبة ذاتها، ويزيد بقيام الطائرات البريطانية بالاشتراك فى الغارات على العراق والشام.
ثانيا: أن ذلك الوضع حرم التحالف الغربى من وجود قوات على الأرض تستغل التمهيد الذى يحدثه القصف الجوى، لتتقدم على الأرض مطهرة المدن والمواقع والأنفاق فى كل مكان، على حين تمتع القصف الروسى الكفء والفعال بميزة وجود قوات على الأرض تتعاون معه، ممثلة فى الجيش السورى النظامى وبعض فصائل الجيش السورى الحر، وقوات سوريا الديمقراطية.
ثالثا: أجبر ذلك الوضع واشنطن على قبول التدخل التركى المشروط الذى يكبدها تكلفة سياسية ضخمة جدا، فالأتراك يريدون إقصاء الأسد وتفكيك نظامه، وهم كذلك يبغون فرض منطقة عازلة محظور الطيران فيها شمال سوريا، تمهيدا لاقتطاعها وضمها إلى تركيا، وكذلك فإن الأتراك يريدون الحيلولة دون قيام دولة كردستان بانفصال جزء من سوريا وضمه إلى أجزاء من إيران والعراق وتركيا، ولذلك يركز الأتراك دعاياتهم ضد الأكراد لمنع تحقيق ذلك الحلم، فيتهمونهم بأنهم «إرهابيون»، مثل حزب العمال الكردستانى، ويشيرون بأكبر قدر من الإدانة إلى قوات سوريا الديمقراطية (والأكراد مكونها الرئيسي)، لأنها لا تسعى إلى خلع الرئيس بشار الأسد.
رابعا: اتضح - الآن- شكل المشاركة التركية البرية فى حال تطور المعارك، إذ أعلنت السعودية أنها جاهزة للتدخل البرى فى سوريا، وهو ما رحب به وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر، وصار أقوى التكهنات عن ذلك التدخل هو انضمام السعودية للجيش التركى، ومعها عدد من الدول الإسلامية وتشكيل قوة سُنية للتدخل، وكانت تركيا قبل ذلك التدخل تقصر مشاركتها على السماح لطائرات الولايات المتحدة باستخدام مطار (إنجرليك) فى جنوب شرق تركيا للإغارة على مواقع بعينها فى سوريا.. وأدى ذلك التطور إلى فرض منظومة شروط تركيا والسعودية على الأجندة الأمريكية بشكل كامل، وعلى رأسها إقصاء الرئيس الأسد، الأمر الذى كانت واشنطن تراجعت عنه قليلا بعد الأمر الواقع الذى فرضه التدخل الروسى والإنزال المشهور فى اللاذقية.
خامسا: الاحتكاك المرعب بين تركيا وروسيا هو عامل رئيسى فى زيادة صعوبات التكلفة السياسية فى سوريا، إذ ارتفعت وتيرة التوتر بين روسيا وتركيا بعد قيام طائرتي «إف- ١٦» تركيتين بإسقاط طائرة «سوخوي- ٢٤» أثناء مهمة لها على مقربة من الحدود التركية السورية لتطهير بعض المواقع التى يكمن فيها داعش فى مناطق التركمان.
وتصاعدت الخلافات بعد ذلك، لتتضمن سلسلة من العقوبات الاقتصادية الروسية ضد أنقرة.. وذلك الوضع يثير حزمة من المخاوف حول احتمالات صدام روسى تركى إذا عبرت القوات التركية الحدود إلى مناطق فى سوريا، وخاصة أن موسكو ضمن تصعيداتها فى أعقاب حادث إسقاط الطائرة السوخوى قامت بنصب شبكة صواريخ (إس إس- ٤٠٠) مهددة بضرب أي طائرة تركية تحاول عبور الحدود إلى الأجواء السورية، ولا يعرف أحد إلى ماذا ستتطور المعارك إذا ما دخلت قوات برية تركية إلى أرض سوريا، وعلى أى حال، فإن احتماء الجيش التركى بالقوات السعودية والحلفاء الآخرين سيكون وارداً فى ذلك الحال.
سادسا: دخول قوات التحالف السنى إلى الأراضى السورية بحجة مواجهة داعش له تكلفة أخرى، وهى أن المواجهة الحقيقية ستكون مع الجيش العربى السورى النظامى، لأن ذلك الجيش بالإضافة للطيران الروسى يقصفان مواقع تنظيمات إرهابية مثل جبهة النصرة وأحرار الشام، وهو مالا تعتبره السعودية وتركيا كذلك كما أن واشنطن لا تنظر إلى أحرار الشام على أنه إرهابى.. وهكذا فإن التقاطعات واردة فى ذلك السياق، والمبررات حاضرة لضرب الجيش السورى، وعلى رأسها استهدافه لتنظيمات يعتبر حلفاء الغرب والسعودية أنها (معارضته)، فى حين ينظر إليها حلفاء الأسد وإيران وروسيا على أنها (إرهابية)، وفى الحالتين إذا تم ضرب الجيش السورى أو منع روسيا وإيران من التدخل ستكون هناك تكلفة سياسية خطيرة، وهى تدمير الجيش السورى وفتح الباب على مصراعيه أمام سيطرة قوى متطرفة ذات طبيعة دينية على الحكم فى سوريا.
سابعا: احتمال إحداث داعش لخسائر كبيرة بالقوات الغازية وارد، وفى تلك الحال فإن استمرار القوات البرية لدول التحالف فى الحرب يصبح مستحيلا، كون الرأى العام فى بلدان التحالف سيقف دون ذلك، ومن ثم فقد يسفر الوضع عن استتباب ركائز دولة داعش واستقرار الأوضاع على ذلك.
■■■
هذه هى العوامل التى تؤكد أن الحرب على داعش هى مهمة ليست سهلة، هذا فضلا عن العناصر التقليدية مثل التكلفة الاقتصادية واتساع نطاق العمليات الإرهابية الداعشية فى بلدان أوروبا وأمريكا.