الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سقوط الخلافة "4"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
معظم الجماعات الأصولية إذ لم تكن جميعها تتبنى فكرة إعادة الخلافة ويعتبرونها جزءاً من الدين، فأى خلافة يريدون وعن أى خلافة يتحدثون؟ أهى خلافة القتل والذبح والغدر أم خلافة الجوارى والخمر والشعر؟ هل يتطلعون لعودة السفاح مؤسس الدولة العباسية أم مروان الحمار آخر خلفاء الدولة الأموية؟ لماذا لا يقرأون التاريخ جيداً ليعلموا كم خليفة قتل على يد ابنه أو زوجته، وكم خليفة نحر بيد شقيقه؟ أى تناقض بين ما يدعون إليه اليوم وبين ما حدث لشيوخهم الذين يؤمنون بأقوالهم ويقدسون الفتاوى التى رددوها ويعتبرونهم آباء أفكارهم والمرجع الأساسي لهم، ألم يعدم سعيد بن جبير فى ظل الخلافة؟ ألم يحاكم الإمام أحمد بن حنبل ويجلد بيد الخلفاء؟ ألم يسجن ابن تيمية ويتهم بالكفر فى ظل حكمهم؟ وهل كان محمد بن عبدالوهاب إلاّ كافراً زنديقاً من وجهة نظر الخليفة العثمانى، لقد عانى هؤلاء العلماء وغيرهم من ظلم الخلفاء وبطشهم، فكيف لمريديهم أن يعملوا على إعادة الخلافة؟ لقد رأينا فى المقال السابق كيف كان الإسلام كائناً واحداً حتى مقتل عثمان بن عفان رضى الله عنه، حيث انفرط العقد وتفرقت الأمة ثم ازداد الأمر عقب مقتل الإمام على كرم الله وجهه فصرنا سنة وشيعة وطوائف عديدة لا حصر لها، والسبب الوحيد وراء ذلك هو الطمع فى السلطة، ففى يوم من الأيام أصبح للمسلمين خليفة فى الشام وخليفة آخر فى مكة حتى نجح جيش عبدالملك بن مروان فى قتل خليفة المسلمين فى مكة عبدالله بن الزبير وصلبه على الكعبة، فهل كان عبدالملك مغتصباً للحكم أم كان ابن الزبير خارجاً عن الشرعية؟ ولماذا نركز دوما فى حديثنا عن مجد الخلافة على الاستثناء ونتجاهل العام، فعمر بن عبدالعزيز كان استثناء ولم يمتد حكمه لأكثر من عامين فقط، أما باقى تاريخ الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية فمليئة بالأحزان، وتعالوا نقرأ سوياً ما كتبه الإمام السيوطى فى كتابه «الخلفاء» عن الوليد بن يزيد بن عبدالملك، حيث يقول «كان فاسقا، شريباً للخمر، منتهكاً لحرمات الله، أراد الحج ليشرب فوق ظهر الكعبة، فمقته الناس لفسقه وخرجوا عليه وقتلوه» أما الإمام الذهبى فيقول عنه «لقد اشتهر بالخمر والتلوط» وتولى ابنه إبراهيم من بعده الخلافة لكنه لم يمكث فيها أكثر من سبعين ليلة حيث تم خلعه بعدما خرج عليه مروان بن محمد والذى لقب بمروان الحمار والذى عانى من كثرة الخروج عليه ولم يستطع مقاومة السفاح أول خلفاء بنى العباس حيث انهزم جيش مروان وفر إلى مصر وقتل بها، ثم قطعت رأسه ووضعت أمام أبي العباس السفاح لتنتقل الخلافة إليه بقوة السيف وبقهر الرجال وبالخروج عن الشرعية التى أقرت مائة عام هى فترة الحكم الأموى ويقول ابن كثير «كان السفاح سريعاً إلى سفك الدماء» وعندما تولى المنصور الخلافة بعده خرج عليه أحفاد الإمام الحسن فقتلهم جميعا وقتل جماعة كثيرة من آل البيت، وكان المنصور قد سجن وضرب مجموعة من العلماء الذين تعاطفوا مع آل البيت ومن هؤلاء العلماء الذين زج بهم الى السجون فى عهده سفيان الثورى وأبى حنيفة النعمان، وقد أفتى الإمام مالك بجواز الخروج على المنصور فاعترض الناس عليه وقالوا له فى أعناقنا بيعة للمنصور وقد خلع المنصور عمه عيسى من ولاية العهد وولى ابنه المهدى الذى تزوج من جارية تدعى الخيزران فأنجبت له الهادى والرشيد، وكانت امرأة قوية بيدها مقاليد الحكم، فدنت أهلها من الوزارة وباتت أسطورة فى التاريخ تماما كابنها الرشيد الذى اختلف حوله التاريخ وحكى لنا عن ورعه ودماثة خلقه وحكى لنا أيضا عن سهراته الماجنة وعن قراره بالقبض على الإمام الشافعى وترحيله من اليمن إلى بغداد، أما ولده الأمين فيقول عنه السيوطى «كان سيئ التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأى، أرعن، لا يصلح للإمارة» وقد خرج عليه شقيقه المأمون وحاربه وحاصره خمسة عشر شهرا ثم دخل عليه بعض جنود المأمون فضربوه بالسيف وذبحوه وذهبوا برأسه إلى قائد جيش المأمون فوضع رأسه فى حديقة ببغداد ونودى: هذا رأس المخلوع وجرت جثته بحبل وطافت شوارع بغداد.. وللحديث بقية.