سؤال: ماذا لو حدث صدام عسكري بين المملكة العربية السعودية وإيران في سوريا؟
الإجابة باختصار إنه الكمين الذي لا يرغب ولا يتمنى أحد أن تقع فيه السياسة السعودية!! ومن خلال استقراء الموقف الحالي في سوريا نجد أن ثمة خلط متعمد في الأوراق لدرجة أنك لا تستطيع معرفة من يحارب من هناك؟
لدينا نظام بشار الأسد الذي يؤيده قسم -ليس قليلا- من شعبه حتى الآن وتوجد المعارضة السورية خاصة في الشمال بمسميات وأشكال مختلفة وهنالك داعش من المفترض أنها ضد الأسد، لكنها ضد الشعب العربي السوري وضد المعارضة السورية المناهضة لنظام الأسد، وكذلك توجد أطراف إقليمية مثل تركيا وإيران وأطراف دولية مثل روسيا والولايات المتحدة ومعها حلف شمال الأطلسي.
ثم تعلن السعودية أنها بصدد التدخل البري في سوريا رغم أن السياسة الخارجية السعودية تقوم على دعائم من بينها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولكن لسبب أو لآخر تكسر الرياض هذه القاعدة لأسباب نراها تعود إلى الدور السعودي الحالي بالمنطقة، والذي يحاول محاصرة تنامي المد الإيراني الذي أخذ الضوء الأخضر بالتدخل في شئون دول المنطقة مثل العراق وسوريا واليمن بحجة الدفاع عن المذهب الشيعي، واعتبرت طهران هذه الحجة مدخلا لرسم دور إقليمي يتعدى حدودها، وفي ضوء ذلك نشبت ما يمكن تسميتها الحرب الباردة الثانية من سوريا بين روسيا والغرب.
ومن هنا نلاحظ أن الموقف على هذا النحو أصبح أكثر تعقيدًا، ولم يعد فقط شأنا داخليا سوريا بين نظام اتفق أو اختلف شعبه معه، ولم يعد وجودًا داعشيًا يمثل رأس الإرهاب بالمنطقة نحن أمام أزمة حقيقية القرارات الخاطئة قد تقود إلى نتائج كارثية، وهي ما تريده أطراف أخرى تقوم بدور اللاعب الإقليمي دون الظهور في المشهد مثل إسرائيل وقطر.
وأتصور أن غياب ما يصطلح على تسميته العمل العربي المشترك عامل مهم عند تقييم الموقف الحالي فمن باب أولى أن تحل منازعات المنطقة من خلال تنظيمها الإقليمي المتمثل في جامعة الدول العربية، لكن طرد سوريا منها وإصرار دول عربية على قطع العلاقات الديبلوماسية مع دمشق أمران ساهما في زيادة تعقيد الموقف وتسليم الملف السوري برمته لأطراف، إما طامعة أو متآمرة في وطننا العربي – رغم أنه في وضع لا يحسد عليه – بعبارة أخرى: إن غياب الإرادة السياسية لجامعة الدول العربية في التعاطي مع مشكلات دولها شجع على زيادة حدة الاحتقان بين نظم أعضائها، وتسطيح وعي شعوبها بقضاياها لنصل إلى النهاية .
وعليه أصبح المشهد عبارة عن بؤر توتر واحتقان في العراق وسوريا واليمن وليبيا بينما بقية أعضاء المنظومة العربية واقفة مكتوفة الأيدي لا تنظر أكثر من موقع قدميها رغم أن الخطر داهم في المستقبل المنظور وليس البعيد، وهناك من يخطط "لسايكس بيكو " جديدة تقسم الدول العربية إلى دويلات، وهذا هو الجديد في مؤامرة القرن الحادي والعشرين، وفي تصوري إن هذا كان أحد الأسباب التي دفعت السعودية إلى التفكير في الذهاب خارج حدودها لأن الخطر المقبل لمن لا يعرف هو تقسيم المملكة العربية السعودية ذاتها !!.
ويبقى الحديث عن دور مصر في المنطقة الذي أعتقد أن غيابه قد يقود بلا شك إلى حالة الاستقرار ليس هذا فقط، بل يشجع البعض على أن يطمع في أن يحل مكانها على المستوى الإقليمي، وأن كنت أرى أن الدور المصري القومي – الإقليمي- قد برز عمليا بعد نجاح ثورة الـ30 من يونية بعدما تصور المتآمرون أن هذا الدورقد انتهى ليس في عهد الإخوان فقط، ولكن منذ سنوات سابقة منذ عهد الرئيس حسني مبارك من هنا أصبحت سرعة تطور الدور المصري مطلوبة لتتلاءم مع سرعة تطور الأحداث بالمنطقة منذ 2013 وهذا ما حدث بالفعل منذ ذلك التاريخ وحتى الآن لوقف التآمر وإعاقة تنفيذ خطة اتفاقية "سايكس بيكو الجديدة " وإلا سترسم لمنطقة الشرق الأوسط خريطة جديدة مختلفة تمامًا عن الخريطة السياسية الحالية، ومن ثم أؤكد أن مصر اللاعب الحاسم المطلوب تحركه في هذه المرحلة في ه ليس بتحييده أو انحيازه لأي من الأطراف المشاركة في صنع المشهد السوري، إنما بتحركه السياسي الإيجابي في اتجاه وقف سياسة الأرض المحروقة التي أصبحت سمة سائدة في المنطقة العربية والتي تمهد لمزيد من تجزأة العالم العربي!!