السبت 05 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تحية كاريوكا شخصية كاريزمية أحبها الجميع

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


عرفت تحية كاريوكا مرتين، الأولى من خلال الكاتب الكبير الراحل صالح مرسي الذي أعتبره بمثابة أبي، وكانت تجمعه بتحية صداقة قوية، لذلك كتب مذكراتها التي نشرت في دار الهلال، والتي لا يعرف الكثيرون أنه لم يفكر في الكتابة عن قصة حياة أحد من الفنانين سوى تحية وليلى مراد الصديقة الأخرى لصالح مرسي، وقد كان يرى أنها امرأة معجونة بالإنسانية والوطنية... والمرة الثانية التي عرفت فيها تحية كاريوكا عندما ثار الفنانون على القانون 103 الخاص بنقابة المهن التمثيلية، وتزعمت تحية كاريوكا هذه الحركة، واعتصمت مع مجموعة من زملائها وزميلاتها بنادي نقابة السينمائيين، وكانت أول من أضرب عن الطعام احتجاجًا على هذا القانون. ولا أعرف لماذا أجدني أربط دائما بين تاريخ ميلادها في عام ثورة 1919 يوم 22 نوفمبر وبين شخصيتها الملتهبة بالوطنية!
عُرِفت تحيّة في المجتمعات بالمتمرِدة على الفساد والظلم، وظلَّت تجاهر بأن ولاءها أولاً وأخيرًا سيكون لمصر، وكانت ترفض أن تتقاضى أي أجرٍ في الحفلات التي أقيمت في قصر شويكار، حتى الهدايا اعتذرت عن قبولها، وبذلك عومِلت كفنانة محترمة، لأنها فهمت جيدًا منطق هذه الطبقة. كانت تسعَدُ حين ترقص أمام صديقتها الملكة فريدة، أمّا الملكة نازلي فكانت تحتقرها وتكرهها. ويقال إنها أنقذت الراقصة سميحة توفيق من يد الملك فاروق الذي كان يرغب في إقامة علاقة معها. وحين قامت ثورة يوليو، كانت من أكثر الفنانات سعادة، وهتفت لثورة عبدالناصر. وبعد مرور عامَين على الثورة، تبددت الآمال، وشاركت في إصدار بيان عنوانه (ذهب فاروق ليحل مكانه فواريق)، ودخلت السجن نحو مائة يوم، لكنها ظلت حتى أيامها الأخيرة تحب الزعيم جمال عبد الناصر.
وعندما شاركت بفيلم “,”شباب امرأة“,” في مهرجان كان في عام 1956 حاولت أن تقوم بدعاية مختلفة ولافتة للنظر من أجل شد الانتباه نحو مصر، فكانت فكرة السير في شوارع “,”كان“,” مرتدية “,”الملاية“,” اللف والمنديل أبو أوية، وهو ما لم يفكر فيه أحد ويقدمه بتلك الجرأة والشياكة التي كانت عليها تحية، ولعل الفيلم الذي شاركت به في المهرجان والشخصية التي أدتها “,”تحية كاريوكا“,” برغباتها المحمومة من الصعب تقديمه بأستاذية وإتقان ودراسة لأبعاد الشخصية، كما فعلت تحية. ولقد صارت “,”شفاعات“,” النموذج المثالي لدور بنت البلد، والطريف أن في هذا المهرجان ظهر الوجه الآخر لتحية كاريوكا، وتلك الحكاية رغم أنها ذكرت كثيرًا إلا أنني عرفت تفاصيلها من المخرج الراحل صلاح أبوسيف، فتحية كاريوكا وعدد من نجوم المهرجان من بينهم النجمة الهوليودية سوزان هيوارد الشهيرة حضروا حفلا ودار حوار حول علاقات العرب والقضية الفلسطينية وإسرائيل‏..‏ وتطاولت الممثلة الهوليودية سوزان هيوارد على العرب‏..‏ فاندفعت تحية كاريوكا تجاه سوزان هيوارد وضربتها بالحذاء‏..‏ ويقال إنها بصقت في وجهها‏..‏ ولم تكن هيوارد تعرف أن تحية كاريوكا.. تجيد اللغتين الفرنسية والإنجليزية‏..‏ وانطلقت بهما بالسباب على سوزان هيوارد وهي تهرب مذعورة من جلسة العشاء‏.
‏لعبت كاريوكا أيضًا دورًا سياسيًّا بارزًا حيث أُلقي القبض عليها أكثر من مرة بسبب نشاطها السياسي السري، حيث كانت عضوًا في أكثر من تنظيم شيوعي أشهرها تنظيم “,”حدتو“,”. وتأثرًا بشخصيتها الكاريزمية كتب أكثر من كاتب ومثقف عربي العديد من الدراسات عن تحية كاريوكا أهمها الدراسة التي كتبها المثقف الفلسطيني الراحل إدوار سعيد.
وفي منتصف الخمسينيات اعتزلت كاريوكا الرقص الشرقي وتفرغت نهائيًّا للسينما، حيث شاركت في عدد كبير من الأفلام، منها: “,”لعبة الست“,”، “,”شباب امرأة“,”، “,”خلي بالك من زوزو“,”، “,”وداعا بونابرت“,”، “,”إسكندرية كمان وكمان“,”، و“,”مرسيدس“,”.. وفي بداية عام 1961 أسست مع فايز حلاوة فرقة “,”تحية كاريوكا“,” المسرحية، وعلى مدى 22 عامًا قدَّمت للفرقة 18 مسرحية بدأتها بعرض “,”بلاغ كاذب“,”، وأشهرها: “,”يحيا الوفد – روبابيكيا – شفيقة القبطية – ياسين ولدي“,”، وآخرها مسرحية “,”شقلباظ“,” في مسرحية “,”روبابيكيا“,” أدت كاريوكا دور بائعة “,”الروبابيكيا“,”، وهاجمت النظام حينذاك، ثم اقترحت تحية على فايز حلاوة تقديم عمل يطالب الحكومة والنظام بالديمقراطية، وبأن يكون القانون في خدمة الشعب، وليس الشعب في خدمة القانون، أو خدمة من وضعوه، فقدّمت الفرقة مسرحية “,”الثعلب فات“,” في استعادة لشخصيتي “,”رئيفة وعبد الودود“,”، الزوجين الريفيين، وهما شخصيتان قُدمتا من قبل في عمل إذاعي، واستعرضت من خلالهما مشاكل سياسية، وكيف أن القانون يطبق بنوده الصارمة، على فقراء الشعب فقط!. عام 1991 شغلت منصب وكيلة لنقابة الممثلين، وكان أول انتخاب لها عام 1955 في نقابة الممثلين عندما كانت نقابة عمالية وليست مهنية.. كرّمتها وزارة الثقافة في مهرجان الأفلام الروائية عام 1993، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
على الجانب الآخر عُرفت كاريوكا بكثرة زيجاتها التي وصلت إلى رقم قياسي، حيث تزوجت 14 مرة كانت الأولى عام 1939 من أنطوان عيسى ابن شقيقة الراقصة بديعة مصابني، وكان ذلك عام 1939 واستمر هذا الزواج لعام واحد، وأطول فترة زواج قضتها مع زوجها الثالث عشر الكاتب المسرحي الراحل فايز حلاوة، حيث دامت حياتهما معًا 18 سنة، وانتهى زواجهما بمشاكل وخلافات وصلت إلى القضاء، بعدها تزوجت من المخرج حسن عبد السلام حتى وفاته عام 1996.