الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شنقوه لتُطَّوق الأمة بأذرع الأخطبوط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وضحت صورة المؤامرة العالمية على الأمة العربية، فها هى الصهيونية العالمية وأذرعها المتشعبة من دول وجماعات وأفراد، ومن كل المتناقضات، تجتمع تحت لوائها.. تتبجح أمريكا ويطمع الغرب، ويطمح أردوغان فى السلطنة، وتحلم إيران بعودة الإمبراطورية الفارسية، ويصدرون لنا صبيانهم من إخوان ودواعش ونصرة وحزب الله وغيرهم.
ألف وجه لقبلة واحدة!..منذ بداية الإسلام وانهيار إمبراطوريتى الفرس والروم وهم يتدبرون ويدبرون للانقضاض على المسلمين، بدءًا من فتنة الخوارج إلى الآن، وسيظل صراعًا أبديًا.. لم نفطن للمؤامرة حينما اغتالوا الشهيد «صدام حسين»، رئيس العراق، القوة العربية المهابة والحارسة للبوابة الشرقية للأمة، وحائط الصد أمام اجتياح الخليج من مطامع إيران، التى كانت تسعى للتدخل فى الشأن العراقى، وتريده جزءًا منها لتسيطر عليه، بذل الكثير من أجل العراق ووحدته رغم خطيئته باجتياحه للكويت التى ندم عليها، كان صدام بفكره القومى عدوًا لإسرائيل، وكان يؤكد أن الكيان الصهيونى طالما هو موجود، لن تنتهى المؤامرات على العرب، وكان يدفع لأسرة كل شهيد فلسطينى ٢٥ ألف دولار!!.. لذلك دنسوا سمعة العراق، وادعوا امتلاكه أسلحة نووية وهددوا بالتفتيش، رغم تأكيد صدام خلو بلده منها!!.. وكان للبرادعى، خائن الأمة، دور كبير ضد العراق.. فى فبراير ٢٠٠٣ قرر الأمريكان استخدام القوة رغم طلب روسيا وفرنسا وألمانيا مهلة، ولكن أعلنت الحرب فعليًا بغارة استهدفت صدام وقياداته، دخلت الدبابات إلى بغداد وأسقطوها، وحطموا تمثال صدام فى ساحة الفردوس ورفعوا العلم الأمريكى مكانه!!.. بأيدى الشباب المأجور الذى رأيناه لاحقا فى بلداننا العربية!!.. اختفى صدام وظل يقاتل، لم يهرب ويترك العراق، رغم عرض روسيا باستقباله وأسرته، شاهد استشهاد ابنيه «عدى وقصي» وقاوم حتى اعتقل فى ١٢/١٢/٢٠٠٣.. وكتب فى مذكراته: «أتيت متعبا، وكنت فى الدورة فى بيت (قيس النمر) وكان معى حارسان وزورق وحصان ودراجة بخارية، وكنا أنشأنا ملجأ تحت الأرض كملاجئ الجيش، جلست أقرأ القرآن ثم فوجئت بالأمريكان نزلوا مكانى وقالوا: الرئيس بوش بيسلم عليك.. وضربونى بأعقاب البنادق ولم يكن سهلا، وشككت فى صاحب الدار الذى كان خائفا ومرتبكا قبلها بأسبوع!!»، رأينا البطل القومى صدام والأمريكان يعبثون فى فمه ورأسه لتظل تلك الصورة كابوسًا للحكام العرب!!.. ثم رأينا صدام فى المحكمة وهو أقوى من قاضيه، ويتهكم عليه ويقول: «لا أعترف بالجهة التى كلفتكم ولا نريد موظفين كلفتهم أمريكا.. يحيا العراق وتعيش الأمة العربية، قاتلوهم، فأنا صريح فى قولى ومواقفى، تحملوا صراحتى ليست دفاعا عن صدام ولكن المهم العراق يبقى عزيزا والأمة مرفوعة الرأس».. ويالها من كلمات لرجل مهاب رغم قيده والخونة يرتعدون أمامه كالفئران!!.. ولأن صدام قارئ للتاريخ لم يهتز من بوش وعصابته، ولا إسرائيل وتهديدها، ولا القرار الأمريكى بإعدامه، هتف فى وجوههم: «يعيش الشعب، تعيش الأمة، يسقط العملاء، يسقط الغزاة، الله أكبر، فنحن أهلها، الحياة للشعب والموت لأعدائه».. كان على يقين أن المؤامرة لن تتوقف، وكانوا يحاولون معه أن يزج بسوريا وأن يقول إنه كان يخبئ السلاح هناك، وأن يطالب بوقف المقاومة، لكنه رفض طلباتهم وخذلهم بالشموخ والإباء العربى، وصفهم بمحكمة باطلة على أيدى غزاة ليدمروا العراق صمام الأمان، وحين أتى موعد تنفيذ الإعدام أوقفهم حتى يصلى ويقرأ القرآن، ثم ارتدى بدلة رمادية وقميصًا أبيض ومعطفًا أسود وصديرية بغدادية على رأسه، وأوصى بتسليم ملابسه وحاجياته إلى محاميه كى يسلمها إلى ابنته «رغد»، ومشى على قدميه واثق الخطى، لم ترتعد فرائسه ليرضى غرورهم ويتلذذوا بقتله، بل استقبل الموت بشجاعة وشموخ أبهر العالم، وأصبح أسطورة عربية لن تموت، وإن اختلفنا معه فى بعض مواقفه وفى بشاعة اجتياح الكويت التى دفعنا كلفتها جميعا..لن ننسى له تهديده بتدمير نصف الجيش الإسرائيلي ١٩٩٢، وأنه حافظ على قوة جيشه، وحصن العراق بالعلم والعلماء والاقتصاد المرتفع، لذلك كان ضروريًا فرض الحصار عليهم، والصراع الطويل مع إيران، ثم الحرب العلنية بلا رحمة ولا هوادة ليصير العراق إلى ما صار عليه من قتل وتدمير وتقسيم لشعبه قبل أرضه، عرفنا بعد سقوط العراق فى الفوضى وتمزيق الأمة أنه كان حاميًا لها من أطماع الفرس التى باتت تعبث فى دولنا العربية!!.. وقف العرب جميعًا صامتين أمام شنق صدام علنيًا أمام كل دول العالم.. صمت الحكام العرب!!.. عدا الشهيد القذافى الذى جهر بالغضب وتهكم على صمت الحكام العرب وقال: «إن الدور سيأتى على الجميع».. وصدقت نبوءته!!.. لقد أراد أعداؤنا إهانتنا جميعا شعوبًا وحكامًا باختيار «وقفة عرفات» يوم الاجتماع الأعظم للمسلمين وفى وقت ذبح الأضاحى لإعدام صدام حسين.. ظننت وقتها أن الأمة ستنتفض من فوق جبل عرفات أو تخرج الشعوب للتظاهر ضد الاستعمار الجديد أو الخروج إلى الشرفات للصراخ والعويل!!.. ولكن انتظرنا دورنا، كل منا على حدة!!.. لنعلم أننا أُكلنا يوم أُكل صدام والعراق!!.. فقد دارت علينا الدائرة.. لم تستيقظ عقولنا لنعرف ضرورة الوحدة العربية، أو تحصننا بدراسة تاريخنا لنستخلص العبر!!.. تركناهم يعبثون بعقولنا ويحيكون لنا مؤامراتهم لنقوم بتنفيذها على أكمل وجه، فتآمر البعض على البعض!!.. وقتلنا، وسلبت ثرواتنا بأيدينا، وأصبح الكنز العربى الذى حبانا الله به «البترول»، والذى استخدم كسلاح فى وجه أعدائنا فى حرب أكتوبر، مستباحًا بلا ثمن لتحصل عليه إسرائيل بعشرة دولارات للبرميل.