الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"أنا مصر".. للهري حدود!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أشعر بسعادة بالغة كلما شاهدت برنامجا ناجحا فى تليفزيون الدولة، فهو يمثل صورة الدولة وهيئتها وهيبتها.. لذلك تحاول مافيا «الإعلام ورجال الأعمال» إسقاطه بحجب الإعلانات والتضييق عليه ومحاولة ترسيخ فكرة فشله بالسخرية منه ومن قدراته وما يقدمه، وهو ما يحدث مع باقى المؤسسات التى يهدفون لطعنها والتشكيك فيها لإسقاط الدولة ككل، لذلك أستشعر الأمل لمحاولات التطوير ولملمة الكفاءات التى بنى على أكتافها نجاح القنوات الخاصة.. لذلك سعدت منذ الإعلان عن برنامج «أنا مصر» وبعض مقدميه وخاصة المتألقتين أمانى الخياط وريهام السهلى، واللتين تعتبران من أبناء التليفزيون فى الأساس وأصبحتا الآن من نجوم الإعلام، وكل منهما تستطيع القيام بالبرنامج بمفردها.. لذلك أحرص كلما استطعت على متابعة البرنامج منذ بدئه فى رأس السنة.. وقد استمتعت بالحلقة المتميزة الأربعاء الماضى لأمانى الخياط التى استضافت فيها أ. أسامة الدليل، رئيس قسم الشئون الدولية فى مجلة الأهرام العربى والذى دائما ما تأتى معلوماته وتحليلاته فى الصميم محاولا نشر الوعى وإيقاظ الضمائر.. ولكن صدمتنى حلقة اليوم التالى التى قدمها «محمد نشأت» والتى عرض فيها، بدعوى التجديد، ما سماه «إسكتش درامى» من بطولته، بعنوان «للهري حدود وانفخ البلالين» وفوجئت ببدء العمل بكتابة جملة «القصة مستوحاة من حكاية حقيقية.. ساعات الواقع بيبقى أقذر كتير من الخيال»!!.. ويقوم فيه بتمثيل دور شاب مستهتر يريد التسلية بالسخرية من الشرطة يوم عيدها!!.. ليعيد تجسيد المهزلة التى حدثت فى عيد الشرطة الماضى بقيام شابين باستخدام أدوات تعطى إيحاءات بذيئة واستخدامها كبالونات أعطوها لرجال الشرطة بادعاء الاحتفال بعيدهم حتى يستطيعوا خداعهم!!.. وقام الممثل. محمد يونس بأداء دور جندى الأمن المركزى الذى جاء ليبلغ أسرة زميله باستشهاده ووصيته بأن يصبح أخوه الأصغر ضابطا للشرطة، ولكنه ذهب إلى شقة أخرى على سبيل الخطأ ليفاجأ بشاب مستهتر يضع على رأسه «طرطور» أحمر ويعطيه بالونا مكتوبا عليه ٢٥ يناير عيد الشرطة، ليقف الجندى بالطرطور مخزيا وهو يحكى عن زميله الجندى الذى استشهد بعد حرقه حيا أثناء عمله فى كرداسة، وهو يحاول إنقاذ «ضابطه» بعد ضربه وإصابته من الأهالى فقام بنقله إلى سيارة الشرطة ليستشهد بعد أن أشعلوها بمن فيها!!.. وبالطبع المشهد غير حقيقى ولكنه مستوحى من الأحداث الدموية فى قسم كرداسة والانحطاط غير الآدمى من الإرهابيين الذين قاموا بتعذيب وقتل القوات المتواجدة ثم التمثيل بأجسادهم الطاهرة.. وبعد انتهاء هذا الاسكيتش استضاف مقدم البرنامج ثلاثة من أصدقائه هم أسرة العمل منهم هشام يحيى المؤلف الذى اعتبر العمل فيلماً قصيراً وحرص على التأكيد أنهم لا يحملون توجها سياسيا وليسوا مع طرف ضد طرف!!..ولكنها مجرد مشاعر إنسانية، وأنهم وإن كانوا قد عبروا عن وجهة النظر تلك فمن الممكن فى الحلقات التالية أن يعرضوا وجهة النظر الأخرى، لأنه لا يوجد طرف على حق دائما!!.. وأكد أنهم لا يدافعون عن الشرطة، لأن المؤسسة مسئولة عن الدفاع عن نفسها، وعن قبول الإهانة أو رفضها وإذا قبلتها بتسامح فعلى الطرف الآخر أن يكون متسامحاً أيضا!!.. وانتقد أن الأطراف لا تستطيع الجلوس على طبلية واحدة وأننا نحتاج للغة حوار ما بين المجتمع ككل، ولا أعلم أي أطراف؟!.. وهل ممكن أن يجلس المجرم مع المجنى عليه ليتفاوضا!!.. وقد اعتبر أبطال العمل أنهم من خلاله يعتذرون للجنود الذين أهينوا، رغم وجود نماذج كثيرة فى الشرطة بها سلبيات!!..ثم أكدوا أن هذه التجربة الجديدة سيتم عرضها أسبوعيا بهدف التعبير عن آرائهم ولكن بشكل فني!!.. وقد أساءنى هذا العمل وإن كان يحمل فى ظاهره الدفاع عن الجنود وكسب التعاطف معهم، فهو يؤرخ للواقعة المهينة التى ارتكبها المأجورون، والتى ليست بهدف إهانة الجنود أو الشرطة كما قيل، ولكن بهدف كسر أنف الدولة وإسقاط هيبتها، ولن تقوم لدولتنا قائمة طالما أجهزتها المسئولة عن حمايتها والحفاظ على هيبتها تهان، فالشرطة لاتحتاج تعاطفا، ولكن يجب احترامها وعدم المساس بها بالخير أو الشر.. كما أن ما حاولوا ترسيخه فى العمل بتصوير الأمر وكأنه من خلال شباب عادى لمجرد التسلية يعد تزييفا.. لأن ما حدث فى الواقع كان مدبرا ليتم نقله فى العالم وكأنه من الشعب للشرطة كما كتبوا على بالوناتهم!!..وأتساءل هل تم عرض هذا العمل غير اللائق على المسئولين فى التليفزيون؟!.. وهل تقبل «الداخلية» أن يتم تجسيد جندى الأمن المركزى بهذا الشكل المخزى والمهين؟!.. وأن يتم التأريخ للانحطاط والدونية؟!!.. وهل هذا هو التطوير المنتظر من تليفزيون الدولة؟!!. فإذا كنا كدولة لا نملك ضبط القنوات الخاصة التى تحاول أغلبها حرق البلد وتحريض فئات الشعب على بعضها حتى ندمر أنفسنا بأنفسنا فليس أقل من انضباط التليفزيون الرسمى وألا يكون بهذه العشوائية ويسمح لكل من هب ودب بالظهور على شاشاته والتعبير عما يتراءى له دون رقابة أو مراجعة للأفكار التى يتم طرحها!!.. رحم الله أبطالنا الذين استشهدوا دفاعا عن كرامة مصر أمام الاحتلال الإنجليزى فتحول يوم استشهادهم عيدا للشرطة، ورحم الله شهداءنا وأبطالنا الذين يقدمون أرواحهم عن طيب خاطر فداءً لمصر وشعبها، ولكن تبقى على مؤسساتهم الدفاع عنهم وعدم قبول الإهانة لأن «من أمن العقوبة أساء الأدب».