حبيب فى القلب قدوة فى العقل منارة للعلم والإنسانية والقوة والتواضع، محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام . امتلك ما شئت من قراءات القديمين والمحدثين، امتلك واعلم من تاريخ وسير البشرية من أبونا آدم إلى لحظتك الراهنة، تعجب ملء فمك من أفعال البشر ومواقف الكرم والشجاعة والقوة ورجاحة العقول، ولكنك لن تكون واقفا إلا على قشور القمح بعد الحصاد فى ميزان سيرة الرسول الكريم لا شيء يقارن.
بأبى أنت وأمى يا رسول الله.. رجل أرسى انكسارا وتحطيما لعقول بكت جبال مكة من تحجرها وتسلطها، وقد أعاد الرسول عليه الصلاة والسلام بناء تلك العقول بدين الحى الذى لا يموت، تلك العقول التى غزت العالم فيما بعد وأصبحت أعمدة للحضارة الإسلامية الباقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
كانت المرأة أحيانا إذا توفي زوجها فإن أولاده يرثونها حالها حال الميراث، وكانت تباع وتُشترى في الأسواق، "جواري يُبَعْنَ وَيُشْتَرَيْن" هكذا كان حال المرأة ذل وَهوَانٌ حتى جاء الإسلام وكرمها، كانت تُذَلُّ إن كانت حرهً، وَتُذَلُّ إن كانت أمَةً في كل أحوالها ذليلة، كانت الخمرة تشتهر في قريش بل كانوا يشربونها أكثر من شربهم للماء، وهكذا كانوا يسكرون وبعد السكر يفعلون ما يشاءون هذه حياتهم وهذه أحوالهم، حتى جاء الإسلام وحرم الخمر، كانت قريش والعرب والقبائل تعيش حالة من الفوضى، فالحروب الدائمة وسفك الدماء والغصب والاغتصاب والقتل ونهب الأموال، إذا ولدت الإبل عشر إناث حكموا عليها بقطع أذنها وتركها فى البرية بدون ماء ولا طعام، هذا لمجرد أنها تلد إناثا.
وهل خبرت البشرية يوما أن أحدا من البشر قام بقتل مولود بريء لمجرد أنه أنثى حتى إنه لا يوجد معنى لكلمة وأد فى المعاجم الغربية، لك أن تقيس على هذا كل شيء تحجر تبكى منه الأحجار نفسها، غطرسة وقسوة قلوب لم ترها البشرية حتى التتار كان لهم حب وتعاطف مع ذويهم وبناتهم.
فى وسط هذه الأراضى السفلى وأنشطة الشيطان يأتى نبينا الفقير الأمى الذى لا يمتلك سطوة ولا مالا إلا سيرته العطرة وسط العرب وكونه من بنى هاشم، وقد كان هذا هو الدعم السياسى الوحيد الذى يمتلكه، يأتى بن عبدالله ليدعوهم إلى التوحيد وعبادة الرحمن والمساواة بين البشر، عندما تقول هذا كأنك تحصد فى الماء، إذا أردت أن تقول هذا لبشر مثل هؤلاء عليك أن تكون هناك على أعلى الجبل لأنك لن تضمن عواقب ردة فعلهم، ولكنه المصطفى المبعوث من رب العالمين، فعل ما لم يخطر على قلب بشر، وحرك هذا الجلمود كما أذن له الرحمن الرحيم، والله لقد طبق رسولنا الكريم كل ما يقال عنه نظريات فى علم النفس البشرى، لقد طبق المصطفى عليه الصلاة والسلام كل نظريات الميتافيزك والانجذاب البشرى، والتفكير من القلب خارج نطاق الأنا أو الايجو.
لقد طبق المصطفى كل ما يقال عن التوجيه المعنوى وتحر يك قلوب البشر نحو أرقى ما وجدت لأجله البشرية إلا وهو التوحيد وإعمار الأرض، يقول رسولنا الكريم فى حديث صحيح: "لا يحقرن أحدكم من نفسه" اعتز بذاتك وبنفسك وصدق قلبك وحب ذاتك، وهل هناك علوم للنفس بعد هذا هو جوهر كل علوم الطاقة البشرية بكل مدارسها.
والله إنى إرى الغرب والحضارة الأمريكية وتوابعها لهى أغبى من الحضارة المكية، تسمع لهم ومنهم عن حكمة وحكماء التاريخ فيذكرون بوذا وكونفشيوس والسيد المسيح وسيدنا موسى ولا يأتوا بذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم، متعمدين أن يكونوا جهلاء أو عميت قلوبهم وأبصارهم، يذكرون باعتزاز شديد بوذا وروحانياته والتأمل والرجوع للذات، والصلح مع النفس مع أن الصلوات الخمس التى أمرنا بها تُصلح كل هذا لو أديناها كما أمرنا.
ولكن غنانا الله عن اعترافاتكم ولسوف نراكم وقد نكست رءوسكم يوم يرث الله الأرض ومن عليها.
صلاة وسلامًا عليك يا سيدى يا رسول الله، سائلين الله العلى العظيم أن نحظى بشفاعتك يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.