نعرض هذه المرة رسائل ومُحادثات ولاء ابنة القيادى الجهادى الراحل رفاعى سرور، وهو من الرعيل الأول للحركات السلفية الجهادية.
ويحمل أبناء الشيخ رفاعى جميعهم فكر والدهم المُتطرف، وحصلت «البوابة» على مُحادثات «محمد شوقى الإسلامبولي» الشقيق الأكبر لخالد قاتل السادات، مع ولاء رفاعى، المتحمسة لأفكار والدها رجل الدين المتطرف.
«ولاء» تنشغل كثيرا بالكتابة فى موقع يمتلكه زوجها لإشعال الفتن الطائفية فى مصر، ويكفى أنها زوجة «خالد حربي» مدير شبكة المرصد الإسلامى لمقاومة التنصير، الذى ألقى القبض عليه فى نوفمبر ٢٠١٣، لاتهامه بالتحريض على الفتن بين المسلمين والأقباط.
وتتلمذ «خالد» على يد والد زوجته رفاعى سرور، وأعجب بابنته ولاء وتزوجها، وهو أول من أثار قضية كاميليا شحاتة الشهيرة فى فترة حكم مبارك، وكانت لديه هواية مُناظرة القساوسة فى معرض الكتاب، بالاشتراك مع صديقه حسام أبو البخارى الطبيب البشرى، والمُتحدث الرسمى للتيار الإسلامى الذى تم اعتقاله أيضًا صباح فض اعتصام رابعة العدوية.
واستغلت ولاء موقع المرصد التابع لزوجها، فى نشر مقالات لها ولشقيقيها ياسر ويحيى، اللذين يحملان نفس أفكار والدهما التكفيرية، والموقع ينشر مقالات بها تحريض ومهاجمة ضد الحكومة المصرية.
وكما عودنا «الإسلامبولي» فكان قريبا من قيادات التنظيم، وصديقا لعائلة رفاعى سرور حتى بعد أن توفى، والمحادثات الخاصة بين الإسلامبولى وولاء رفاعى بموقع التواصل «فيس بوك» طويلة جدا.
ونعرض أول محادثة بينهما فى فبراير ٢٠١٢، علق فيها الرجل عن رأيه فى مقالة كتبتها ولاء، وهاجمت فيها قيادات إسلامية مثل ناجح إبراهيم، وأنور عكاشة.
قال لها إن المقال ممتاز، وكما يقولون «بنت الوز عوام»، ولكن اسمحى لى أن أبدى بعض الملاحظات الصغيرة التى لا تقلل من قوة وأهمية المقال، لأن ناجح وعكاشة يجب نصيحتهما والإخوان لن يكونوا بأقل من موقف الشيعة فى إيران دفاعا عن الإسلام. فردت عليه قائلة: لا أحسبك ترضى يا شيخ محمد بما يفعله ناجح وعكاشة ممن كرسا ما بقى من عمريهما، حتى بعد زوال الضغوط وأمن الدولة نفسه، وهما يهاجمان أصحاب المنهج، لإشباع غرورهما وظهورهما فى الفضائيات والكلام فى الصحافة.
وأكدت ولاء، أن والدها رفاعى لم يقرأ تلك المقالة لأنه مريض، لكنها تعرف رده قبل أن ينطقه وهو: «يا بنتى بطلى واهمدى، وما تجيبليش كل شوية المشاكل مع الناس».
سألت ولاء الإسلامبولى عن رأيه فى التعامل مع الشباب الثورى، مثل حركة ٦ إبريل أو كفاية على أنها أجندات وعملاء، مع أن قادة هذه الحركات هم الذين يحركون الشباب المخلص لتحقيق أهدافهم.
فرد الإسلامبولى: رأيك صحيح فيما ذكرته يا ولاء، وأنا لست مع الذين يتهجمون على شباب حركة ٦ إبريل، ونصحتهم أكثر من مرة بعقد لقاءات معهم.
وقالت ولاء: إن الشباب داخل هذه الحركات يحبون الصلاة والشريعة، ويجب الاعتراف لنا ولهم أن تصرفات رؤوس التيارات الإسلامية وتصريحاتهم، تفوح منها رائحة الكبر والغرور والاستعلاء مثل التى تصدر عن الإخوان، ويقولون: (هننزل نحمى المتظاهرين)، وكأنهم الدولة، ومن دونهم هم الرعية.
وتابعت ولاء: إن مثل هذه الأفعال هى التى دفعت الشباب للطرف الآخر، وإذا كان هذا هو الدين، فما العيب فى القائد اليسارى الذى ينزل معهم إلى الشارع إذا كان يحث على أخذ حقهم؟.
وقالت: فليذهب الدين والمتدينون الجبناء إلى الجحيم، وكان من الأولى لأصحاب المنهج الإسلامى الاقتراب من هذا الشباب المسلم الثائر، واحتضانه وامتصاص طاقته، ألا يحمل تاريخنا الإسلامى نماذج ثائرة مثل سيد قطب، ولماذا لا نعرض على هؤلاء الشباب أنه فى عصرهم من كان رهن السجن وساوموه على الإعدام للاعتراف بمبارك، ولكنه أبى مثل الشيخ محمد الظواهرى، والشيخ محمد شوقى الإسلامبولى عن أصر النظام على حبسهما حتى لا يخرجوا للناس ويرويان نموذجًا للثائر المسلم.
أليس يا شيخ محمد ما فعله تنظيم القاعدة، ما هو إلا ثورة على الشيطان الأكبر أمريكا سالبة الحريات، ولماذا لا نبين لهؤلاء الشباب هذه الحقائق الغائبة أن الثورة على الظلم والجهاد فى سبيل الله، هما وجهان لعملة واحدة، والثائر له ثواب الدنيا، والمجاهد له ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.
فى ذات الشهر توفى رفاعى سرور، وقدم الإسلامبولى العزاء لولاء ابنته عبر «فيس بوك»، يوم ٢١ فبراير ٢٠١٢، وقال لها إن والدها كان أخا كبيرا ومتواضعا، وحينما رآه فى سجن العقرب بعد أكثر من ثلاثين عاما لم يلتق به، سأله هل تذكرنى يا أخ محمد؟، فتعجب الإسلامبولى قائلا: «ومن ذا الذى لا يعرفك يا شيخ رفاعي».
لم ينقطع الإسلامبولى عن الدردشة مع ولاء والاقتراب منها، وهناك رسالة أخرى بتاريخ ٢٧ إبريل ٢٠١٢، قال فيها إن هناك دعوة من محمد عبدالقدوس، يوم السبت بعد المغرب، لحضور مؤتمر بنقابة الصحفيين من أجل سجناء العقرب، فردت ولاء أنها ستكون حاضرة وسيتقابلون هناك.
وسألته ولاء: هل من المروءة والنخوة والشرف يا شيخ محمد أن تعقد الجماعة الإسلامية الاجتماعات الطارئة لاختيار مرشح الرئاسة، ولا تعقد اجتماعات لنجدة ونصرة شباب سالت دماؤهم وفقئت أعينهم؟.
فرد عليها: أنا بعيد عن قرارات الجماعة، وانتمائى لها كان قديما، ولم أقرر العمل معهم الآن، لكن أذهب لدعوتهم ومؤتمراتهم، وخاصة ما يتعلق بالمأسورين والدكتور عمر عبدالرحمن.
رسالة أخرى بتاريخ ٢ مايو ٢٠١٢، قال فيها الإسلامبولى: «علمت أن أخيك ياسر فى مظاهرات العباسية، وانصحيه من أخ كبير مسن مر بالتجارب والمحن أن ما يفعله الآن ليس فى التوقيت الصحيح، لأن دماء المسلمين عند المجرمين أرخص دماء وسيصفق العالم لهم، لذلك عليه الالتزام والحذر من الاندفاع فى مواجهة غير محسوبة، لا تكون فى مصلحة المسلمين.
وأخبرته ولاء بعدها، أنها نقلت النصيحة لأخويها ياسر وعمر واقتنعا بكلامها وعادا للميدان، لكن شقيقها يحيى مصمم على التظاهر أمام وزارة الدفاع بالعباسية.
وقالت: إن غياب الكبار وأصحاب التجارب مثلك يا شيخ محمد جعل الإخوة فى حالة تخبط، خاصة أنهم ناقمون على الشيوخ.. ولعلمك يا شيخ محمد، وجودك وسط الإخوة هيفرق معاهم ويرفع معنوياتهم فكّر فى الموضوع.
فقال الإسلامبولى: لقد شاركنا فى مظاهرات الماضى ضد مبادرة كامب ديفيد عند حضور شاه إيران لمصر عام ٧٩، وقُتل منا أخ وأصيب الكثيرون، واقتحم المستشفى الجامعى فى أسيوط للقبض على الإخوة، وعشنا أياما عصيبة فى الثمانينيات، وبعد خروجنا من السجون فى مظاهرات مسجد النور بالعباسية وفى ميدان عابدين والأزهر، لفقت لنا القضايا وما استطاعوا أن ينالوا منا إلا بعد المواجهات المسلحة فى التسعينيات، ولذلك أقول لإخوانى من الشعب إن خروجنا من نفق مبارك وأعوانه، لن يكون إلا بمساعدة الجميع، وعلينا القبول بأقل الحلول فى الوقت الحالى، أفضل من التطلع لحل لن نجنى منه إلا التشرذم والضعف.
فردت عليه ابنة رفاعى قائلة: إن موقفك العسكرى مقنع يا شيخ محمد، لكن موقفك السياسى يحتاج لمناقشة، فقال لها: هذا ليس موقفا عسكريا لكنها خبرة أنقلها والله المستعان.
وفى ١٧ يونيو ٢٠١٢ قالت ولاء فيها: إن معها مبلغا بسيطا للمحامى الذى سيسافر لإخوة إثيوبيا، والإخوة أخبروها بضرورة توصليها للشيخ الإسلامبولى، ولا تعرف كيف ترسلها.
فرد عليها: احتفظي بالمبلغ معكِ حتى ييسر الله بتسليمه لمستحقيه، ولعل يجب أن يخضع للدراسة والتحليل حتى نستفيد ونستوعب التجارب التى تمر بنا.
فقالت ولاء: «فلوس كثيرة يتم صرفها على المحامين من أهالى الإخوة..أنت شايف إن ليها لازمة يا شيخ محمد؟، فقال طبعا لا، لأن الأمر محسوم.
سألته ولاء: هل ينفع نواجه الأهالى بكده؟، وفى نفس الوقت لو طلبوا ما ينفعش نمنع عنهم المبالغ، لأنى غير مقتنعة إننا نرمى فلوس على الأرض، فرد أنها معادلة صعبة تحتاج إلي صبر، لأن الأهالى لن تقتنع بكلامنا وحتى الإخوة بالداخل.
فقالت له: وما رأيك نساهم مع القناعة أن الفلوس مهدرة مراعاة لأحوال الأهالى والإخوة ولا نوجه الإمكانيات فقط؟، فرد عليها لا يغفل الخيار الأول بقدر الاستطاعة.
فسألته: ومن يتحمل مسئولية اغتصاب الأخوات داخل السجون؟، فرد عليها: من أمر وشارك فى تلك الجريمة لن ينجوا من العقاب بإذن الله.
فقالت: لا أتحدث عن النظام، ولكن عن قيادات تشارك بالتنويم المغناطيسى للشباب، إن الانقلاب يترنح، ومع ذلك هناك أحكام بالإعدام يتم تنفيذها.
فرد الإسلامبولى: نحن نسير لفريقين لا ثالث لهما، ولا بد من الصبر على البعض، فردت عليه: إنها لم تتحدث عن الإخوان منذ «٣٠ يونيو» لأنهم ضيعوا ٢٥ يناير بتحالفهم مع الجيش عندما كنا نموت فى العباسية ومحمد محمود، والثورة ابتلعت بسببهم.
فرد الإسلامبولى: أنا مش خايف، من هؤلاء لأن الأمر خرج من أيديهم وقرارنا معنا وليس بيد أحد، والأمر محتاج الاصطفاف والدعم المعنوى منكم.
وفى ٢٩ يناير٢٠١٥ كان الإسلامبولى هاربا فى تركيا، وسأل ولاء عن الأوضاع فى مصر، فقالت له المطرية سمعت لها بطولات وصمودا، لدرجة أن وزير الداخلية محمد إبراهيم نزل مرتين هناك حتى يشعر الناس بهيبة الداخلية.
فرد الإسلامبولى: أنا متفائل وبحاول أوحد جهود المجموعات حتى لا يكون القرار للإخوان بمفردهم، والأمر يحتاج للدعاء والتأييد لأن المسئولية كبيرة، والشرارة التى توقد لمصباح، لابد أن تقبل التضحية البسيطة حتى تشتعل، وكل ما يحدث الآن بمثابة استفتاح.
فقالت ولاء: «الداخلية فقدت توازنها وبيلفوا فى شوارع المطرية بهيستيريا، والثوار سابوهم وراحوا على عين شمس، وهناك حالة أمل وتفاؤل ولاحظت اختفاء هجوم الأهالى على المتظاهرين، بعد أن كانوا يرمونهم من البلكونات بالماء والطوب».
وأخبرها الإسلامبولى أن ابنتي أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة فاطمة وأميمة وأبنأهما قبض عليهم فى باكستان، وطلب منها توصيل خبر حبسهم لعماتهما فى مصر.
ووعدته ولاء بتوصيل الخبر لعائلة بنتى الظواهرى، وبعد نصف ساعة عادت وقالت له إن زوجة الشيخ محمد الظواهرى عم البنات، عايزة تستفسر منك على الموضوع، وعايزين يعرفوا يسألوا على البنات فى السفارة الباكستانية فى مصر ولا فين؟، فرد عليها: يفيدك أكثر منى محمد عمر ابن الشيخ عمر عبدالرحمن، لأنه ناقل الخبر ومتابع الأوضاع جيدا.
الجدير بالذكر، أن ولاء رفاعى فى مُحادثتها لم تذكر بكلمة زوجها المحبوس خالد حربى، بعكس ما كانت تتحدث عن شقيقها الذى اعتقل منذ أيام فى مصر، ونشرت ولاء فى حسابها، أن يحيى الابن الأكبر لرفاعى سرور، قد تم ضبطه بعد القبض على زوجته وصديقتها لإجباره على تسليم نفسه، وحذرت الناس فى صفحة شقيقها من التواصل معه، قائلة إن الأمن هو الذى يُدير الحساب ويتواصل مع الناس.