السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أزمة قوانين أم قوانين الأزمة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أن يصدر السيد رئيس الجمهورية قرارًا بقانون خاصًا بالخدمة المدنية برقم ١٨ لسنة ٢٠١٥، والذى نشر بالجريدة الرسمية بالعدد ١١ تابع فى ١٢ مارس ٢٠١٥ وأصبح نافذًا منذ هذا الحين حذرنا من الإسهال التشريعى، وإصدار هذا القرار بقانون لأنه وقوانين أخرى تثير اللغو، فى فترة حرجة يجب أن توجه فيه كل الجهود للحرب على الإرهاب، وهى التى أعقبت ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، وطالبنا بالاقتصار على إصدار القرارات بقوانين التى تساعد جهاز الشرطة، وقواتنا المسلحة للتصدى للإرهاب المدعوم من الخارج، وما يعزز الاصطفاف الشعبى ولا يثير أى خلاف، ولكن لم تتم الاستجابة لهذا.
الأمر الذى سهل لبعض أفراد الطابور الخامس استغلال صدوره لتحقيق زعامة زائفة، ليس حبًا ودفاعًا عن حقوق الموظفين بقدر ما كان نوعًا من المزايدة على التنظيمات النقابية الشرعية، وإثبات وجود.
وتحقق هذا لاشتمال هذا القرار بقانون على مواد تهدر حقوق الموظفين مما زاد حالة السخط على إصداره وحدوث حالة احتقان شعبى كان لها مردود لدى أعضاء مجلس النواب، خاصة أنهم جاءوا عقب معركة جماهيرية قوية.
فكان طبيعيًا أن يرفضوه، وهذا الرفض والاعتراضات والاحتجاجات التى أحدثها هذا القانون لم تكن موجهة ضد قيادتنا الوطنية إنما كانت ضد مواده وطريقة إعداده وصياغته، لأنه يحمل فى طياته أسلوب التسلط، والقهر الإدارى المرفوض، وليس تطويرًا للجهاز الإدارى أو تخليصه من العوائق والمشاكل التى يعانى منها وتراكمت على مر السنين منذ سريان القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٨، مما أحدث أزمة بين السلطة التنفيذية متمثلة فى مجلس الوزراء، والسلطة التشرييعية متمثلة فى مجلس النواب.
ويمكن القول بأنه لا توجد أزمة فى القوانين، لأننا نملك ترسانة كبيرة منها. متعددة المصادر، ومتنوعة، وبعضها يسرى منذ أيام الاحتلال الإنجليزى، الأمر الذى يؤدى إلى التضارب والفوضى فى بعض الأحيان، فالواقعة الواحدة يمكن أن يوقع عليها أكثر من قانون، الأمر الذى يسهل فى بعض الأحيان إلى الإفلات من العقاب أو الجزاء ونأمل أن يأتى يوم ما لمراجعتها، وإلغاء السيئ منها، والإبقاء على الجيد، وشعبنا لم يعد قابلًا لغالبيتها، لأنها عفى عليها الزمن، كما أنها فرضت عليه، ولم يتم أخذ رأيه فيها.
وهذا أدى إلى ابتداع أساليب مقاومتها سواء بالتحايل عليها أو الثورة ضدها وصولًا لإسقاطها، ونجح فى ذلك بالنسبة لبعضها.
فالأزمة تكمن فى إصدار بعض القوانين التى تثير لغوًا كما حدث فى قانون الخدمة المدنية أو مشاريع أخرى سيتم عرضها على مجلس النواب كقانون العمل الجديد أو تعديل قانون النقابات العمالية كما طرح وزير القوى العاملة. وتوابع زلزال رفض أعضاء مجلس النواب لقانون الخدمة المدنية ما زالت مستمرة بالرغم من المحاولات التى تبذل للوصول لحلول ترضى جميع الاطراف.
حيث صرح بعض المسئولين بأن مرتبات الموظفين ستصرف فى ميعادها آخر الشهر، وجار إعداد مشروع جديد توافقى يحوز على قبول أعضاء مجلس النواب بتعديل المواد التى اعترضوا عليها، خاصة المتعلقة بإجراء حركة نقل جماعى للم شمل الأسر بين المحافظات كل ٣ سنوات لحل مشكلة المنتدبين لأكثر من سنة فى محافظة غير التى يقيمون فيها.. حيث يتم النقل بدون موافقة لجان شئون العاملين، والاكتفاء بموافقة رؤساء الجهات فقط.
أو تطبيق نظام التقييم الجديد المعروف بـ٣٦٠ درجة على القيادات العليا فقط وبعض الوظائف التخصصية لصعوبة تطبيق نظام التقييم على الوظائف الفنية، والحرفية، أو إجراء تسويات وظيفية لكل موظف التحق بالتعليم الجامعى قبل إقرار قانون الخدمة المدنية، وذلك لتشجيع الموظف الطموح.
وبدأ الكلام حول قانون العمل الجديد الذى قامت به وزارة القوى العاملة فى فترة سابقة إبان توليها أحد الوزراء المؤمنين بالنقابات المستقلة، والتعددية النقابية، وكذلك قانون تعديل النقابات العمالية الذى يعطى الحق فى إنشاء أكثر من لجنة نقابية فى المنشأة الواحدة.
حيث قامت الغرفة التجارية ولجنة التشريعات الاقتصادية بجمعية رجال الأعمال برفضه، بالرغم من التعديلات التى أدخلت عليه وترى أنه يعانى من خلل، خاصة المادة ٦٩ منه التى تمنع صاحب العمل فى فصل أى عامل يخالف ضوابط العمل إلا بعد اللجوء إلى المحكمة، والحصول على حكم قضائى بأحقيته فى فصل العامل.
ومع أن هذا المشروع توسع فى سلطات وصلاحيات رب العمل، إلا أنهم اعترضوا على المادة التى تنص على أن الأصل فى عقد العمل أنه دائم، ويجوز أن يكون مؤقتًا بحكم طبيعة العمل، ورفضوا إلزامهم بحصة من الأرباح للعمال، مستندين إلى أن العامل لا يتحمل خسائرهم حتى يشاركهم فى الأرباح، وبالرغم من هذا القانون يربط الأجر بالإنتاج طالبوا بإيقافه مع إجراء تعديلات على القانون الحالى.
ولم نسمع ثمة اعتراضات من قبل النقابات العمالية المستقلة على غرار ما فعلته بالنسبة لقانون الخدمة المدنية بسبب وجود فصل كامل به يعترف بوجود النقابات العمالية المستقلة، خاصة المواد التى تنظم حق الإضراب؟ وهذا ما يعينها، ولا يهمها الدفاع عن حقوق العمال، المهم الاستقواء بالخارج، والمنظمات المشبوهة التى تمنحها التمويل الأجنبى التى بدأت ممارسة الضغوط من أجل تمريره، فقرأنا تصريحًا فى إحدى الصحف الخاصة بأن منظمة العمل الدولية تمارس ضغوطها على مصر لسرعة إقرار التشريعات العمالية وإجراء انتخابات النقابات العمالية، وكذلك تصريح وزير القوى العاملة الذى أكد ضرورة إصدار هذه التشريعات بالرغم ما بها من مواد تضر بالطبقة العاملة المصرية.
فالأصل وحدة الحركة العمالية، وليس تفتيتها، وهذه المواد تضر بالأمن القومى المصرى.
واتحاد العمال ونقاباته العامة، ولجانه النقابية، وأمواله الضخمة تكفى لجميع المنظمات النقابية، سواء كانت تتمسح بالشرعية أو النقابات المستقلة غير الشرعية، ويمكن احتكام الجميع لصناديق الانتخابات والجمعيات العمومية وكفى انقسامًا وشرذمة!
ونأمل أن يراعى ذلك نوابنا عند مناقشة هذين المشروعين ويكون مصير المواد التى تعتدى على حقوق العمال أو حرياتهم أو تفتتهم وتقسيمهم مصيرها الإلغاء والرفض، كما فعلوا فى القرار بقانون الخدمة المدنية، وإننا على ثقة فى ذلك.. فالوطن أمانة فى أعناقكم ولن يرحمكم التاريخ.