وكأنى كنتُ أقرأ المستقبل من خلال بلورة كريستالية يضعُها الساحرُ أمامه ليستطلع ما هو آتٍ من أحداثٍ ورياحٍ وأعاصير، فقد كتبتُ أنا وتلميذتى إيمان الأشقر المدرس بقسم الإدارة الرياضية بكلية التربية الرياضية (بنات) بجامعة الإسكندرية لموقع «المركز العربى للبحوث والدراسات» دراسةً من جزئين بعنوان: «نمو الظاهرة: جماعاتُ الأولتراس.. والعنفُ فى الملاعب الرياضية» نشرنا الجزءَ الأول منها يوم الأربعاء ٢٠ يناير الماضي، ونشرنا الجزءَ الثانى يوم الثلاثاء ٢٦ يناير الماضي، كما نشرتُ مقالا فى صحيفة «البوابة» وعلى موقع «البوابة نيوز» يوم الجمعة ٢٩ يناير الماضى بعنوان: «الأولتراس.. من ثقافةِ العنفِ إلى الإرهاب».
وقد تعجبَ البعضُ من إثارة هذا الموضوع فى دراساتى ومقالاتى المنشورة فى وقتٍ تبدو فيه الأمورُ مستقرة فى هذا الملف، ولكنى كنتُ أتوقعُ حدوثَ قلاقل فى هذا الملف مع قُرْبِ الذكرى الرابعة لمذبحةِ أولتراس الأهلى فى استاد بورسعيد فى الأول من فبراير كل عام، وذكرى مذبحة أولتراس زملكاوى «الوايت نايتس» فى الثامن من فبراير القادم، فآثرتُ أن أكتب فى الموضوع قبلَ حُلولِ هذه الذكرى الأليمة بأكثر من عشرةِ أيامٍ كاملة، لعل الدولةَ المصرية تتحركُ لاحتواء هذا الملف وحسمه، ولا تُفاجأُ بانفجاره فى وجهها على حين غِرَة، لعل وزارةَ الشباب والرياضة تتحرك وتطرح مبادرةً للتفاهم مع الأولتراس، لعل المستشارَ مرتضى منصور يتنازلُ عن اتهام بعض شباب الأولتراس بالشروع فى قتله حتى يحفظَ لهم حاضرهم ومستقبلهم الذى سيضيع فى غياهب السجون، لعل بعضَ مقدمى البرامج الرياضية يخففون من حدة هجومهم العنيف على الأولتراس كجزءٍ من سبوبة أكل عيشهم المغموسة فى الدم والتحريض على العنف، ليس فى ملف الأولتراس فقط، ولكن فى ملفاتٍ أخرى أبرزها الحرب الرياضية المفتعلة مع دولة الجزائر الشقيقة، لعلهم يعون أن استخدامَ النيران فى تسويةِ أرغفة العيش بالهجوم على الأولتراس قد يؤدى إلى إشعالِ النارِ فى كلِ ربوعِ الوطن.
وللأسف الشديد، ذهبت كلماتُنا أدراجَ الرياح، فلا أحدَ يقرأ.. ولا أحدَ يتابع.. لتُمسى مِصْرُ يومَ الأول من فبراير على تأبين أولتراس الأهلى لشهدائه فى الذكرى الرابعة للمذبحة التى اكتوت بها مصر، وباتت دامعةَ الأعينِ على من فقدت من أولادها فى مشهدٍ مَهيبٍ بمحطةِ مِصر لشبابِ الأولتراس وهم يتلقون جثامينَ زملائهم مسجاةً بالأكفان بدلاً من فانلاتِ الأهلى الحمراء التى تنبضُ بالشبابِ والحيوية والحياة، ليتم استبدالها بأكفانِ الموتِ البيضاء التى لا تزالُ تقطرُ دمًا صارخةً مطالبةً بالقصاصِ لأرواحِ هؤلاءِ الشهداء الأطهار. وليحدثَ ما حدث فى استاد مختار التتش بالنادى الأهلى من هتافات اهتزت لها ربوعُ مصر، هتافاتٍ خرجت من عُمْقِ السُكات، هتافاتِ الشبابِ الذى تحجرَ فى مكانه، وكأنما أصابته لعنة ميدوزا لتحوله إلى حجر، لا يريدُ أن يشاركَ فى كلِ ما يتعلقُ بالمستقبل قبل أن يُغلقَ ملفاتِ الماضى الأليم ومؤامراته الخسيسة على شباب هذا الوطن.
ولم تجد هذه الهتافات الصارخة والقادمة من عُمْقِ السُكات من يستجيب لها، ولم تجد هذه الدموع من يمسحُها، ولم تجد هذه الأكتاف الشابة من يربتُ عليها سوى تلك الأيدى الحانية للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى تحركَ كرجلِ دولة من الطراز الأول، وقبلها تحرك كأبٍ يعلمُ مأساةَ أولادِه من شبابِ الأولتراس، لكى يطرحَ من خلالِ إحدى القنوات الفضائية مبادرةً للجلوسِ مع ممثلين لهؤلاء الشباب، لمحاولةِ الوصول لحلولٍ واستراتيجيات للتعاملِ مع القضايا التى تهمُهم، وعلى رأسها قضية مذبحة بورسعيد، التى لم تُحْسَم بعد رغم مرورِ أربع سنوات على وقوعِها.
ولا شكَ أن تحركَ رئيسِ الجمهورية ومبادرته المحمودة شىء مُهم، ولكن هناك كثيرا من الأمور التى ينبغى على الدولة كلها وليس الرئيس بمفرده أن تسعى إليها، ومنها المصالحةُ مع الشباب؛ فلقد قصرت الدولة -كما قالُ الرئيس- فى استيعاب الشباب والتواصل معه، بل وناصبتُه العداء فى كثيرٍ من الأحيان، بدايةً من شباب يناير مرورًا بشباب الأولتراس، وانتهاءً بإسراء الطويل وشيماء الصباغ وإسلام جاويش. إن النسبةَ الغالبة من شبابِ مصر يشعرون باضطهادٍ من قِبل دولة العواجيز بسياسييها وإعلامييها ومسئوليها، والتى تهاجمهم ليلاً ونهارًا كى يموتوا كمدًا، ولا تهمةَ لهم إلا أنهم هم من أطلقوا ثورةَ ٢٥ يناير، وكأنهم قد ارتكبوا جريمةً نكراء فى حقِ الوطن، رغم أنه لولا هذه الثورة ما كنا وصلنا إلى ثورة ٣٠ يونيو التى طهرت مصر من حكم الإخوان.
لقد شارك الشباب المصرى -بما فى ذلك روابط الأولتراس- فى ثورتيْ ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، وكانت جهوده تصبُ فى الاتجاهِ العام للمصريين نحو نُظمِ الحكم القائمة، سواء ضدَ نظامِ مبارك أو نظامِ الإخوان، لقد كان الشباب فى الثورتيْن معبرًا عن إرادة المصريين، وانحازت القواتُ المسلحةُ المِصرية لإرادةِ الشبابِ والشعبِ المصرى فى كلتا الثورتيْن. إذن من يلومُ الشبابَ على ثورتِه فكأنما يلومُ القواتِ المسلحة على انحيازِها لتلكَ الثورة، وكأنما ينقلبُ على دُستورِ البلاد الذى يعترفُ بثورتيْ الشعبِ فى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو.
وفى النهايةِ أقول: لا أجدُ ثمةَ دولةٍ فى العالم تُعادى شبابَها كما نفعلُ نحنَ فى مِصر، ولو وجدتَ نفسَك فى دولةٍ يُخاصم فيها الحاضرُ والماضى تباشيرَ المستقبل.. يبقى أنت أكيد.. أكيد فى مصر..!
وقد تعجبَ البعضُ من إثارة هذا الموضوع فى دراساتى ومقالاتى المنشورة فى وقتٍ تبدو فيه الأمورُ مستقرة فى هذا الملف، ولكنى كنتُ أتوقعُ حدوثَ قلاقل فى هذا الملف مع قُرْبِ الذكرى الرابعة لمذبحةِ أولتراس الأهلى فى استاد بورسعيد فى الأول من فبراير كل عام، وذكرى مذبحة أولتراس زملكاوى «الوايت نايتس» فى الثامن من فبراير القادم، فآثرتُ أن أكتب فى الموضوع قبلَ حُلولِ هذه الذكرى الأليمة بأكثر من عشرةِ أيامٍ كاملة، لعل الدولةَ المصرية تتحركُ لاحتواء هذا الملف وحسمه، ولا تُفاجأُ بانفجاره فى وجهها على حين غِرَة، لعل وزارةَ الشباب والرياضة تتحرك وتطرح مبادرةً للتفاهم مع الأولتراس، لعل المستشارَ مرتضى منصور يتنازلُ عن اتهام بعض شباب الأولتراس بالشروع فى قتله حتى يحفظَ لهم حاضرهم ومستقبلهم الذى سيضيع فى غياهب السجون، لعل بعضَ مقدمى البرامج الرياضية يخففون من حدة هجومهم العنيف على الأولتراس كجزءٍ من سبوبة أكل عيشهم المغموسة فى الدم والتحريض على العنف، ليس فى ملف الأولتراس فقط، ولكن فى ملفاتٍ أخرى أبرزها الحرب الرياضية المفتعلة مع دولة الجزائر الشقيقة، لعلهم يعون أن استخدامَ النيران فى تسويةِ أرغفة العيش بالهجوم على الأولتراس قد يؤدى إلى إشعالِ النارِ فى كلِ ربوعِ الوطن.
وللأسف الشديد، ذهبت كلماتُنا أدراجَ الرياح، فلا أحدَ يقرأ.. ولا أحدَ يتابع.. لتُمسى مِصْرُ يومَ الأول من فبراير على تأبين أولتراس الأهلى لشهدائه فى الذكرى الرابعة للمذبحة التى اكتوت بها مصر، وباتت دامعةَ الأعينِ على من فقدت من أولادها فى مشهدٍ مَهيبٍ بمحطةِ مِصر لشبابِ الأولتراس وهم يتلقون جثامينَ زملائهم مسجاةً بالأكفان بدلاً من فانلاتِ الأهلى الحمراء التى تنبضُ بالشبابِ والحيوية والحياة، ليتم استبدالها بأكفانِ الموتِ البيضاء التى لا تزالُ تقطرُ دمًا صارخةً مطالبةً بالقصاصِ لأرواحِ هؤلاءِ الشهداء الأطهار. وليحدثَ ما حدث فى استاد مختار التتش بالنادى الأهلى من هتافات اهتزت لها ربوعُ مصر، هتافاتٍ خرجت من عُمْقِ السُكات، هتافاتِ الشبابِ الذى تحجرَ فى مكانه، وكأنما أصابته لعنة ميدوزا لتحوله إلى حجر، لا يريدُ أن يشاركَ فى كلِ ما يتعلقُ بالمستقبل قبل أن يُغلقَ ملفاتِ الماضى الأليم ومؤامراته الخسيسة على شباب هذا الوطن.
ولم تجد هذه الهتافات الصارخة والقادمة من عُمْقِ السُكات من يستجيب لها، ولم تجد هذه الدموع من يمسحُها، ولم تجد هذه الأكتاف الشابة من يربتُ عليها سوى تلك الأيدى الحانية للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى تحركَ كرجلِ دولة من الطراز الأول، وقبلها تحرك كأبٍ يعلمُ مأساةَ أولادِه من شبابِ الأولتراس، لكى يطرحَ من خلالِ إحدى القنوات الفضائية مبادرةً للجلوسِ مع ممثلين لهؤلاء الشباب، لمحاولةِ الوصول لحلولٍ واستراتيجيات للتعاملِ مع القضايا التى تهمُهم، وعلى رأسها قضية مذبحة بورسعيد، التى لم تُحْسَم بعد رغم مرورِ أربع سنوات على وقوعِها.
ولا شكَ أن تحركَ رئيسِ الجمهورية ومبادرته المحمودة شىء مُهم، ولكن هناك كثيرا من الأمور التى ينبغى على الدولة كلها وليس الرئيس بمفرده أن تسعى إليها، ومنها المصالحةُ مع الشباب؛ فلقد قصرت الدولة -كما قالُ الرئيس- فى استيعاب الشباب والتواصل معه، بل وناصبتُه العداء فى كثيرٍ من الأحيان، بدايةً من شباب يناير مرورًا بشباب الأولتراس، وانتهاءً بإسراء الطويل وشيماء الصباغ وإسلام جاويش. إن النسبةَ الغالبة من شبابِ مصر يشعرون باضطهادٍ من قِبل دولة العواجيز بسياسييها وإعلامييها ومسئوليها، والتى تهاجمهم ليلاً ونهارًا كى يموتوا كمدًا، ولا تهمةَ لهم إلا أنهم هم من أطلقوا ثورةَ ٢٥ يناير، وكأنهم قد ارتكبوا جريمةً نكراء فى حقِ الوطن، رغم أنه لولا هذه الثورة ما كنا وصلنا إلى ثورة ٣٠ يونيو التى طهرت مصر من حكم الإخوان.
لقد شارك الشباب المصرى -بما فى ذلك روابط الأولتراس- فى ثورتيْ ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، وكانت جهوده تصبُ فى الاتجاهِ العام للمصريين نحو نُظمِ الحكم القائمة، سواء ضدَ نظامِ مبارك أو نظامِ الإخوان، لقد كان الشباب فى الثورتيْن معبرًا عن إرادة المصريين، وانحازت القواتُ المسلحةُ المِصرية لإرادةِ الشبابِ والشعبِ المصرى فى كلتا الثورتيْن. إذن من يلومُ الشبابَ على ثورتِه فكأنما يلومُ القواتِ المسلحة على انحيازِها لتلكَ الثورة، وكأنما ينقلبُ على دُستورِ البلاد الذى يعترفُ بثورتيْ الشعبِ فى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو.
وفى النهايةِ أقول: لا أجدُ ثمةَ دولةٍ فى العالم تُعادى شبابَها كما نفعلُ نحنَ فى مِصر، ولو وجدتَ نفسَك فى دولةٍ يُخاصم فيها الحاضرُ والماضى تباشيرَ المستقبل.. يبقى أنت أكيد.. أكيد فى مصر..!