تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
تشرق علينا شمس كل يوم، ونحن على حالنا، نكره أحيانًا ونحب أحيانًا، نلقى باللوم على الآخرين فى كثير من الأحيان، لا نرى غير نواقص الآخرين ولا نتمعن فى نواقصنا.
من منا ممن يريد تغيير العالم، استعد لتغيير نفسه ومن منا ممن يحلمون بمجتمع كريم تفقد كرمه مع الآخرين.
كنا نسمع كثيرا منذ الطفولة عبارة «اعمل خير وارميه البحر» ولكننا فى الحقيقة نحسب كثيرا من الحسابات عند عمل الخير، نسأل أنفسنا دائما يا ترى هو يستاهل ولا أعمل الخير مع غيره مثلًا؟ ونستمر فى التفكير حتى نفقد استعدادنا لعمل الخير.
مَنْ مِنْ قادتنا سواء كانوا فى العمل أو فى أى مجال من مجالات حياتنا يستثمرون صدقاتهم الجارية، فيمن هم تحت قيادتهم فيعلمونهم مهنيًا ونفسيًا ويورثونهم خبراتهم.
لو ابتكرنا فى الخير، لعشنا فى أجمل مناخ وسيصبح استثمارنا من أعظم الاستثمارات، فلنفكر كيف نكون نحن صدقة جارية للآخرين، والعكس صحيح، فليفكر الآخرون فى عمل صدقتهم الجارية فينا.
حُكى أنه كانت هناك امرأة تصنع الخبز لأسرتها كل يوم، وكانت يوميًا تصنع رغيف خبز إضافيًا لأى عابر سبيل جائع، وتضع الرغيف الإضافى على شرفة النافذة لأى مارٍ ليأخذه.
وفى كل يوم يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف، وبدلًا من إظهار امتنانه لأهل البيت كان يتمتم بالقول «الشر الذى تقدمه يبقى معك، والخير الذى تقدمه يعود إليك»، كل يوم كان الأحدب يمر فيه ويأخذ رغيف الخبز ويتمتم بنفس الكلمات، «الشر الذى تقدمه يبقى معك، والخير الذى تقدمه يعود إليك».
بدأت المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان بالجميل والمعروف الذى تصنعه، وأخذت تحدث نفسها قائلة: «كل يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف، ترى ماذا يقصد؟».
فى يوم ما أضمرت فى نفسها أمرًا وقررت «سوف أتخلص من هذا الأحدب!»، فقامت بإضافة بعض السمّ إلى رغيف الخبز الذى صنعته له وكانت على وشك وضعه على النافذة، لكن بدأت يداها فى الارتجاف «ما هذا الذى أفعله؟!».. قالت لنفسها فورًا وهى تلقى بالرغيف ليحترق فى النار، ثم قامت بصنع رغيف خبز آخر ووضعته على النافذة.
وكما هى العادة جاء الأحدب وأخذ الرغيف وهو يتمتم «الشر الذى تقدمه يبقى معك، والخير الذى تقدمه يعود إليك» وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر فى عقل المرأة.
كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تقوم بالدعاء لولدها الذى غاب بعيدًا وطويلًا بحثًا عن مستقبله ولشهور عديدة لم تصلها أى أنباء عنه وكانت دائمة الدعاء بعودته لها سالمًا. فى ذلك اليوم الذى تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم دق باب البيت مساء وحينما فتحته وجدت ـ لدهشتها ـ ابنها واقفًا بالباب!! كان شاحبًا متعبًا وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعًا ومرهقًا وبمجرد رؤيته لأمه قال «إنها لمعجزة وجودى هنا، على مسافة أميال من هنا كنت مجهدا ومتعبا وأشعر بالإعياء لدرجة الانهيار فى الطريق، وكدت أن أموت لولا مرور رجل أحدب بى رجوته أن يعطينى أى طعام معه، وكان الرجل طيبًا بالقدر الذى أعطانى فيه رغيف خبز كاملًا لآكله، وأثناء إعطائه لى قال إن هذا هو طعامه كل يوم واليوم سيعطيه لى، لأن حاجتى أكبر كثيرًا من حاجته».
بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت، وظهر الرعب على وجهها واتكأت على الباب، وتذكرت الرغيف المسموم الذى صنعته اليوم صباحا، لو لم تقم بالتخلص منه فى النار، لكان ولدها هو الذى أكله ولكان قد فقد حياته!
لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب «الشر الذى تقدمه يبقى معك، والخير الذى تقدمه يعود إليك».
المغزى من القصة: افعل الخير ولا تتوقف عن فعله، حتى ولو لم يتم تقديره وقتها، لأنه فى يوم من الأيام، وحتى لو لم يكن فى هذا العالم، ولكنه بالتأكيد فى العالم الآخر، سوف تتم مجازاتك عن أفعالك الجيدة التى قمت بها فى هذا العالم.
ولنتحدث لاحقًا فى كيفية عمل من حولك صدقتك الجارية.