المتخلفون فى التفكير السياسى يرددون: (إن المنتمين للفكر الناصرى.. ليس متصورًا ولا متسقًا أن يقولوا: يسقط حكم العسكر.. لأن عبدالناصر هو مؤسس هذا الحكم منذ ٦٠ سنة!!).. هذا قول ضحل لبعض اليسارجية والليبرالجية والإخوان.. وشعار: «يسقط حكم العسكر» هو تحديدًا شعار هؤلاء!.. وهم يقصدون به عبدالناصر وثورة ٢٣ يوليو أولًا.. ولذلك فقد شاركت بأقصى همة واعتزاز وفرح فى كل أيام ثورة يناير وكل المليونيات بعدها.. ورددت كل الشعارات ما عدا هذا الشعار.. لكنى كنت فى نفس الوقت ضمن من يدينون بوضوح كل أخطاء المجلس العسكرى الواضحة، فى فترة حكمه للبلاد فى أعقاب الثورة.
والمتخلفون فى التفكير السياسى، ثانيًا، يتجاهلون أن مشاهير الجيوش فى مصر، والعالم، يتنوعون ما بين أبطال عظماء مثل ناصر وتيتو وديجول، ومن قبل واشنطن ومن بعد شافيز، وفرسان نبلاء أفذاذ مثل أحمد عبدالعزيز ورياض والشاذلى والرفاعى.. وأيضًا مقصرين مثل عامر ومذنبين مثل بدران.. وكذلك من خذلوا الشعب بأسوأ صورة على الإطلاق بأن (مشوا على خط ثورة يوليو بأستيكة على حد التعبير الشعبى المشهور)، مثل السادات ومبارك!.. إلخ.
كما أن كلمة (العسكر) نفسها فيها استهانة أو إهانة لجنودنا، أبناء الشعب.. قبل أى جنرال! وفى خلفية الكلمة زمن مختلف ومتخلف شركسى أو مملوكى، كما هى مبطنة بمعنى (الجنود المأجورين أو المرتزقة)!.. فعيب أن تقال عن جيش مصر.
والمتخلفون فى التفكير السياسى، ثالثًا، يضعون بغباء وسفه كل تاريخنا الحديث فى سلة واحدة.. فدأبوا على القول: (الستون سنة الأخيرة!! وأن كلها جمهورية واحدة!!).. ليحملوا ناصر كل خطايا وكوارث من حكموا بعده.. بل وهذا التدهور المخيف الحالى فى التعليم والصحة والإسكان ومأساة البطالة، وحتى تفاقم ما يطلق عليه (العنوسة!).. مع أن كل هذه الظواهر الكارثية والمأساوية، ظهرت بعد حكمه.. بل تحديدًا: بسبب الابتعاد عن سياسات حكمه وخط الثورة التى قادها!. كما أن هؤلاء نكاية فيه، يمجدون عهد الملكية والاحتلال من قبله!!.. متجاهلين أن محمد على المؤسس لذاك العهد، أصلًا عسكرى أجنبى.. وكل سلالته التى حكمت عسكريون!. لكنه الغرض والمرض فى قلوبهم وحقدهم على ناصر.. وخشيتهم من انتصار واستعادة نهجه، (بكل التجديد الضرورى اللازم بالطبع).. وخشيتهم من صعود أى رمز مخلص على دربه: باعتبار أن أبناء هذا الخط والملحمة يستندون أولًا إلى إنجاز ناصر، أى النهضة الكبرى الوحيدة فى مصر وأمتها منذ مائتى سنة (فى عهد محمد علي)، وباستثناء المحاولة الجادة لحفيده إسماعيل.. فيما عدا ذلك: كله فشل فى فشل!. لكن الشعب يظل ينظر لأولئك (المتخلفين فى التفكير السياسي) بكل استياء وإعراض.. وينظر إلى ناصر وملحمته، وكل صادق مخلص لطريقه وخطه، بكامل التقدير والإعزاز.. والشعب معه حق!.
ينايرون؟.. نعم.
ومن ينسى؟.. ومن يقدر فى يوم ينسى؟.. أجمل أيام حياتنا.. يوم هب الشعب هبة.. وتحدى استبداد وجنون السلطة.. وسقط منا الشهداء أنبل الأحبة.. وفقد من فقد العيون والأذرع، وعانى إصابات تجاهلتها كل سلطات ما بعد قيام الثورة!.. من ينسى ملحمتنا الأروع (الـ١٨ يومًا فى ميدان التحرير).. لقد كانت الثورة المنتظرة.. التى كافح شعبنا من أجل تحققها منذ السبعينيات، وهى غدًا لا محالة ستكون الثورة المنتصرة.. يقول أصحاب المصالح التى قامت الثورة ضد استشراء نفوذهم وتفاقم فسادهم: (يناير مؤامرة)!.. ونقول: نعم توجد مؤامرة منذ أول يوم.. لكنها المؤامرة ضد الثورة!.. على يد «الأمريكان» و«الإخوان» وانصياع أو مسايرة المجلس الحاكم لهذا التواطؤ.. إن الشعب الذى أنجز ثوراته الكبرى (العرابية ١٩١٩/٢٣ يوليو/٢٥ يناير).. وأنقذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ العظيمة مرة من براثن «حكم الإخوان» بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ العظيمة.. سوف ينقذ الثورتين مجددًا من براثن فلول نظام الاستبداد والفساد، الذى قامت ثورة يناير ضده، بكل العنفوان والاستبسال.. وحيث تضخ الدماء حاليًا وتستعاد الروح للثورة المضادة، وتحالف كل الفئات والعناصر المعادية للشعب ولآماله، ولأهداف نضاله، التى فى سبيلها ضحى أطهر وأنبل الأبناء وسقطوا شهداء فى الميادين.
ولا غرابة فى هذا العزم الحاسم الآتى والتيقن منه والاستبشار به، وهذا الأمل فى الشعب ودوره وغده.. فإنها حلقات فى حركتنا وثورتنا الوطنية عبر أكثر من مائتى عام.. وقدرها أن تنتصر وتتقدم.. لكن عبر منحنيات وتعثر وانطلاق.. نعم وبالكفاح المستمر: طريقنا محتوم إلى انتصار رايات: العيش/ الحرية/ الكفاية والعدل الاجتماعي/ الكرامة/ الاستقلال الوطني/ نهضة الأمة الكبرى التى تنتمى إليها مصر وتحريرها وتوحيدها.