الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

حمام الملاطيلي .. شاهد على تاريخ مصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بناه الحاكم بأمر الله منذ 1000 عام
أسعار الرجال تبدأ من 30 جنيهًا والعروسة 250 جنيهًا
هو أقدم حمامات مصر، عمره قرابة ألف عام، شهد العديد من الأحداث والمواقف، التي سطرت في تاريخ مصر إنه حمام “,”الملاطيلي“,” أو حمام “,”مرجوش“,”.
تحاول “,”البوابة نيوز“,” في السطور القادمة، الكشف عن تاريخ هذا الحمام الأثري، الذي يعتبر رمزا من رموز العمارة في مصر، لذلك توجهت إلى الحمام عن طريق مترو الأنفاق، عبر محطة “,”باب الشعرية“,”، حيث يزدحم الشارع بالمارة خارج المحطة و تنتشر المحلات، وسألنا عليه حتى أخبرنا شيخ كبير من أهالي منطقة باب الشعرية أن الحمام يقع في منتصف شارع “,”أمير الجيوش الجواني“,”، بالقرب من شارع “,”المعز“,”، فتوجهنا إليه، لنجد معالم التاريخ واضحة في كل أ رجاء المكان.
يمتلئ شارع “,”أمير الجيوش الجواني“,” بمجموعة كبير من الورش؛ التي تخصصت في عدد من الحرف المصرية القديمة، حيث تؤكد براعة المصريين ومهارتهم في الصناعة، وفي منتصف الشارع بالتحديد، وجدنا لافتة الحمام الذي يكشف عن أن من قاموا ببنائه فنانون بارعون.
“,”الحاج زينهم“,” صاحب الحمام
وبعد نزولنا درجات قليلة، وجدنا مالك الحمام الحاج “,”زينهم“,”، يجلس قرب المدخل، وقد ارتفع فوقه سقف عال، وحوله جدران ضخمة، وكأن المبنى نحت في الصخر منذ آلاف السنين.
رو ى لنا الحاج “,”زينهم أحمد عبد العزيز“,” (70 عاما) أن حمام “,”مرجوش“,” أو “,”الملاطيلي“,” بنى في العصر الفاطمي، وتحديدا في عهد “,”الحاكم بأمر الله“,”، الذي أمر ببناء 365 حماما آخر، بعدد أيام السنة، من أجل أن يقوم السلطان بالاستحمام كل يوم في حمام مختلف، إلا أنه لم يتبق من هذه الحمامات سوى حمام “,”الملاطيلي“,”، بعدما تم هدم أغلبها مثل حمام “,”التلات“,”، الذي اختلف المالكون له فقرروا هدمه وبناء عمارة كبيرة مكانه، كما توجد حمامات أخرى في شارع المعز تصلح للاستخدام إلا أنها مغلقة.
وأوضح الحاج “,”زينهم“,”، أنه تم توزيع أغلب هذه الحمامات على المحاسيب في العهد الفاطمي، وكان حمام “,”الملاطيلي“,” من نصيب “,”بدر الدين الجمالي“,”، الذي تنسب له الجمالية، قبل أن يصل الحمام لملكية “,”إبراهيم شلبي“,”، ثم “,”حمدي محمد أبو العلا“,”، الجد الأكبر للحاج “,”زينهم“,”، والذي استأجر الحمام عام 1861، وأورثه لأولاده وأحفاده من بعده.
وبنظرة معبرة، تذكر الحاج “,”زينهم“,” طفولته في هذا المكان، قال إنه بدأ يعمل في الحمام وهو في التاسعة من عمره، وتعلم صناعة جده، وكان يذهب إلى المدرسة ويعود للعمل في الحمام، وأثناء ذلك تعلم كل شيء فيه وبعدما تخرج في كلية الهندسة تفرغ للعمل في هذا الحمام هو وأولاده وزوجته الست “,”أم أحمد“,”، المسئولة عن حمام السيدات.
وتابع الحاج “,”زينهم“,” بقوله، إن الحمام كان في بادئ الأمر مخصصا للرجال فقط، وكان يدخله الباشاوات، ولكن تم تطويره في عام 2004 ، وأنشئ به قسم للسيدات، خصصت له توقيتات معينة، من التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء، والرجال من السابعة مساء حتى منتصف الليل.
العمالة بالحمام
61 عاما والحاج “,”زينهم“,” يعمل في الحمام ويديره، تلك السنوات جعلت من هذا الرجل يحفظ كل ركن فيه رغم مساحته الكبيرة، التي لا تتوقعها عندما تشاهد مدخل الحمام، ويأخذنا الحاج “,”زينهم“,” في جولة داخل الحمام، حيث نشاهد مكان انتظار الزبائن المتواجد في منتصف الحمام، بالإضافة إلى وجود 4 غرف استراحة لخلع الملابس، ونجد في طريقنا حارسا تخصص في حفظ المتعلقات الشخصية للزبائن، وتابع: يقوم بملازمة الزبون، لتلبية طلباته، قبل أن نصل إلى غرفة “,”الفسقية“,” وهى مخصصة لـ“,”التكييس“,” وفيها يتم وضع حمامات كريم وزيوت على الجسم للتنظيف، كما أن هناك حجرة المغطس بالبخار، وعدد كبير من الحجرات.
لماذا يذهب الناس الآن إلى الحمامات؟
سؤال طرحناه على الحاج “,”زينهم“,” فأجاب: لـ“,”التشطيف“,” بعد حمامات الكريم البلدي رغم تطور الزمن واكتشاف أساليب جديدة للعناية بالجسم، إلا أن هذا الحمام أصبح تراثا، ونظيف، وبمجرد أن تدخل فيه تشعر وكأنك تعود بالزمن إلى الوراء، لتعيش في عصور ماضية، كان لا يوجد بها سوى هذه الحمامات، بالإضافة إلى أن أسعارها مقارنة بالخارج جيدة جدا.
أسعار الرجال
وعن أسعار الحمام يقول الحاج “,”زينهم“,” إن تكييس الرجل بالكريمات بـ30 جنيها، أما العريس الذي يوضع له زيوت وبخار فسعره 80 جنيها .
وخلال هذه الجولة اكتشفنا أن الشباب والرجال يتوافدون بالفعل على الحمام، قبل أن يؤكد الحاج زينهم أن زبائن الحمام يتوافدون عليه من جميع محافظات الجمهورية، وبالأخص من الإسكندرية، وبورسعيد، والقاهرة، مؤكدا أن الإقبال كان كبيرا قبل ثورة يناير، حيث إن الحمام كان يشهد 50 فردا يوميا، قبل أن تتراجع أعداد الزوار بسبب الأوضاع الأمنية، ليصل عدد الزوار في اليوم الواحد من 10 إلى 15 زائرا، مؤكدا في الوقت ذاته أن الأعداد عادت للزيادة تدريجيا هذه الأيام.
طريقة التشغيل
وعن طريقة تشغيل الحمام، قال إنه في الماضي كان يتم تشغيل الحمام عن طريق المستوقد، والذي كان يقع بجوار الحمام ويتم من خلاله تسوية الفول تحت حمامات البخار، وذلك عن طريق حرق القمامة، قبل أن تشترط الحكومة استخدام “,”الغاز“,” في تشغيل الحمام، مؤكدا أن الطريقة القديمة كان لها فؤاد كثيرة، أهمها أنه كانت تتخلص من القمامة.
أما الحاجة “,”أم رأفت“,” (60 عاما)، فهى مسئولة فترة السيدات داخل الحمام، وتعمل فيه منذ سنوات، حيث تزوجت وأنجبت خمس بنات وولدين ورغم ذلك لم تترك المكان، وقد حرصت أن تعلم بناتها نفس المهنة، لذلك فإن بناتها هن المسئولات عن تنظيف السيدات في الحمام.
وفي جولتنا داخل حمام السيدات بصحبة الحاجة “,”أم رأفت“,”، شاهدنا حجرة “,”السويت“,” وهى أول حجرة تدخل فيها الزبونة سواء كانت عروسا أم سيدة أو حتى آنسة، وتصحبها عاملة بالحمام، وبعدها يتم أخذ الزبونة إلى حمام البخار وبعدها تتوجه الزبونة إلى“,” الفسقية“,” والتي يتم من خلالها تكييس السيدة، وهو تكييس بالليفة المغربية بهدف تنظيف الجسم، ويتم تكييس العروسة مرتين، وبعد ذلك يتم دهن الجسم بزيوت خاصة للتنظيف، وهذه الزيوت توصي عليها “,”أم رأفت“,” من عطار خاص بها، ومن خلالها تستخدم وصفات قديمة ولها مفعول قوي، وتقول إنه قبل ذلك كان يتم غسل جسم المرأة بماء الورد ولكن تم تطويره بزيوت أخرى.
عدد الحجرات
وبالحمام 8 حجرات تمر عليها الزبونة، وكلها حجرات خاصة بالتشطيف والتكييس والبخار، وتقول “,”أم رأفت“,” إن أعداد الوافدات يوميا يتراوح ما بين 30 و 40 سيدة، وهو رقم قليل نسبيا مقارنة بما كان عليه الوضع في الماضي.
الأسعار
تضيف “,”أم رأفت“,”، أنه عندما تأتي فتاة للحمام، تستقبلها مسرعة لتقلل من توترها، خاصة من يدخلن الحمام لأول مرة، وتتحدث معها عن الأسعار، فالنسبة للعروس تتكلف 250 جنيها، وبالنسبة لـ “,”السويت“,” فقط 150 جنيها، وحمام بخار 50 وحمام مغربي ومسكات 70جنيها، وتستمر هذه العملية أكثر من ساعتين.
وتؤكد “,”أم رأفت“,” أن الوافدات لهذا الحمام من جميع المحافظات وكلهن يعرفونها عن طريق السمع.
ويطالب أهالي المنطقة، بالحفاظ على الحمام، باعتباره أثرا نادرا، حيث يقول “,”عصام السيد محمد“,” (52 عاما) صاحب محل أدوات منزلية بشارع “,”أمير الجيوش“,”، إن حمام “,”الملاطيلي“,” هو أقدم حمام في مصر، ولا يوجد حمام قديم لازال يعمل حتى الآن سواه ويجب الحفاظ عليه .