توقف الفرج عندما رفض المخرج ترشيحى محمد صبحى ليلعب دورا فى المسرحية، ربما خاف لأنه لا يعرفه ولم يره. وربما لأنه كان يريد ممثلا مغمورا غيره لسبب لا أعرفه. فقلت إن الممثل الذى رشحه لا أعرفه أيضا ولا يصلح للدور. ولكن أصر كل منا على التمسك برأي، والواقع أن بعض المخرجين يرى فى نفسه رب العمل الوحيد فلا مجال أو رأى لغيرهم. وهذا حقه بالتأكيد لكن يجب أن يستمع لآراء المشتركين معه فى العمل ويحاول أن يستوعبها قبل رفضها. وأظن من أولهم رأى المؤلف. لكنه لم يستمع لي، وبدورى ركبت رأسى رغم أننى كنت قد وقعت العقد مع المنتج. وجاء الفرج من لجنة التليفزيون المشرفة على المشروع فقد كانت قد اشترطت أن يكون المنتج من الوسط الفنى أو أحد أبطال العرض، وهكذا توقف العمل فى المشروع قبل أن يبدأ. لكنى سعدت بهذا! لأنى لم أعد ملتزما بالعقد.
وكان جلال الشرقاوى قد طلب من محمد صبحى أن يعمل معه فى مسرحية وكان أستاذه فى المعهد، ويستأجر قطعة أرض مكان فندق ماريوت الحالي، وحولها إلى مسرح فانتهز صبحى الفرصة وحدثه عن مسرحية (مين قتل برعي) ثم جاء ليأخذنى إليه، فقلت وما فائدة أن أقابله؟ خذ النص فإذا أعجبه سأذهب له بالطبع. وجاء صبحى بعد يومين ليخبرنى أنه وافق عليها وحدد لى موعدا. ذهبت وجلست معه فأشار إلى بعض ملاحظات على النص فوافقته فى بعضها وأقنعته بعدم تغيير بعضها. وأجريت تعديلات طفيفة حسب اتفاقنا ووافق عليها وقبل أن نوقع العقد صارحته بأن التليفزيون كان على وشك إنتاجها ولكنه لم يوافق على منتجها غير المعروف، فقال إنه يعرف الموقف كله من خلال صديقه ممدوح الليثى والمخرج الإذاعى يوسف الحطاب والاثنان من اللجنة العليا ويزورانه باستمرار وأنهم قرروا من البداية أن يكون المنتج ممثلا عن التليفزيون أو من أبطال العمل بحكم العقد وقد انتهى الأمر برفضه. ومع ذلك اتصلت بالمنتج لأرد له العربون رغم أنه لم يعد يستحقه.
ولكن الغريب أنه تهرب منى أكثر من مرة!.
وكان الشرقاوى قد استعد لمسرحية قبل مسرحيتى فاقترح صبحى عليه أن ينتج مسرحيتى قبلها خاصة أن الأولى لن تحقق نجاحا فى رأيه. لكن الشرقاوى رفض، وسكت صبحى. وحدث أن محمود رضا نسيب صبحى أوكلت إليه هيئة المسرح إخراج عملا دراميا راقصا ولما كان يفتقر إلى الخبرة بالدراما فقد عرض على صبحى أن يستعين به فى هذه الناحية. وهنا طلب صبحى من الشرقاوى أن يعفيه من المسرحية الأولى (خاصة ودوره فيها قصير) ويبقيه للعمل فى مسرحيتى، ويكون هو قد أنجز عمله مع محمود رضا. وحدث ما كنا نعرفه فالمسرحية الأولى أكملت حوالى الشهر بصعوبة. ولكن الشرقاوى فاجأ صبحى أنه لن يشركه فى مسرحيتى لأنه رفض العمل فى المسرحية السابقة وذلك «حتى يتربى»، على حد قوله. وجاء بمحمد نجم مكانه وأدخله معهد التمثيل ربما ليعطيه مبلغا قليلا مقابل ذلك. لكن نجم تركه بعد قليل وتضايقت لأنى كنت قد وقعت العقد مع الشرقاوى ولا أستطيع فسخه.
ودخلت باب المسرح يوما فبادرنى الشرقاوى بقوله (إنهم يقتلون الحمير) ولم أفهم قصده لكنى ضحكت. فقال ما دمت قد ضحكت، إذن وافقت أن يكون هذا اسم المسرحية، هززت رأسى مستسلaما رغم أن الاسم لا يعبر عنها ففيها قتيل واحد وهو نفسه مجرم وهناك خمسة أشخاص ذهب كل منهم ليعترف على نفسه بأنه القاتل ولا دخل للحمير هنا. لكنى قلت لنفسى يكفى أن الشرقاوى لم يخف من اسمى مثل الآخرين وستكون المرة الأولى التى سيكتب فيها اسمى على واجهة مسرح وعلى أفيشات الشوارع فضلا عن الإعلانات المتكررة فى التليفزيون. فرغم أن اسمى ظهر على شاشة التليفزيون بداية منتصف عام ٦٧ وأذيعت لى تمثيليات وسباعيات مثلها نجوم كبار وكانت ناجحة، علاوة على فيلم سينمائى للتليفزيون باسم (القنطرة شرق) إخراج نور الدمرداش أذيع من شهرين فقط وكنا الآن فى ديسمبر ١٩٧٤، إلا أن المسرح بالنسبة لى كان أمرا آخر. لكنى فوجئت بخبر بالصفحة الأخيرة من الأهرام عن المسرحية وجاء فيه أنها من تأليف (فتحى الرملي)! وبهدوء قلت للشرقاوى إن اسمى (لينين) أما فتحى فهو اسم أبى ولا يزال حيا، ولم يكتب فى حياته مسرحيات، فهز رأسه موافقا. وبعد أيام نشر خبرا ثانيا بناء على طلبى ليصحح الأمر فكتب فيه أنها من تأليف (ل. فتحى الرملي)! كأن الناس ستقاطع المسرحية لهذا السبب!. وهنا لم أسكت...