الخميس 14 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هيلاري.. هل هي القادمة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صحيح أن الحزبين الرئيسيين فى الولايات المتحدة سيعلنان مرشحيهما للانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد إجراء ما يسمى الانتخابات الأولية فى شهر فبراير المقبل، ولكن المؤشرات كلها تشير إلى فوز هيلارى كلينتون بترشيح الحزب الديمقراطى، كونها حققت نتيجة معتبرة فى الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطى ضد باراك أوباما عام ٢٠٠٨، ثم أنها (سيدة) وإذا نجحت فى الانتخابات الرئاسية ستكون أول امرأة تتولى منصب رئيس الولايات المتحدة وبما يعد انتصارا جديدًا للقيم الليبرالية بعد انتخاب أول رئيس أسود (أوباما) لدورتين رئاسيتين توشكان على الانتهاء.. وتلك القيم الليبرالية يدعى الحزب الديمقراطى أنه الأكثر تمسكًا بها وحفاظًا عليها.
أما المتوقع على الجانب الآخر (الحزب الجمهوري) فهو - حتى الآن - المرشح اليمينى المتطرف دونالد ترامب، والذى يعد الأكثر شعبية بين المرشحين الجمهوريين، ولكن خطورة النهج السياسى الذى يتبناه دونالد ترامب والذى شارف على العنصرية جعل مجموعة من نخب الحزب الجمهورى تحاول التكتل ضده فى انتخابات الحزب الأولية، وبما سيقدم إلى ساحة الانتخابات الرئاسية أسماء - ربما - تكون أقل بريقا وتأثيرا وبالتالى سوف يزيد ذلك فرص هيلارى كلينتون على الجانب الآخر.
أما إذا فاز دونالد ترامب فإنه لن ينعم بمساندة كاملة من كوادر حزبه، وسيظل على المستوى (القومي) مرشحا خطرا بالنظر إلى ما يعتنقه من أفكار وآراء، وبهذا - أيضا - تزيد فرص هيلارى لأنها - حينئذ - ستواجه مرشحًا لا يتمتع بكامل التأييد من نخب حزبه، أو ستواجه أحد المرشحين (نصف لامع) إذا ما نجحت نخب ذات الحزب فى إسقاط ترامب فى الانتخابات الأولية للحزب الجمهوري.
إذن فرص هيلارى هى الأكثر أرجحية سواء على مستوى الحزب الديمقراطى أو فى مواجهة الحزب الجمهوري.
ولكن هل ستتبع هيلارى نفس سياسات باراك أوباما فى الشرق الأوسط؟، وإذا قلنا فى الشرق الأوسط فنحن نعني: (الموقف من إيران) و(الموقف من السعودية والخليج) و(الموقف من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي) و(الموقف فى سوريا).
الإجابة بكل بساطة هى أن هيلارى كلينتون لن تطابق سياساتها إذا فازت بالرئاسة مع باراك أوباما للأسباب التالية:
أولًا: إن هيلارى كانت شديدة الحماس لتعظيم العلاقات الأمريكية/ السعودية وقت أن كانت وزيرة للخارجية أو قد هندست - بنفسها - صفقة الطائرات الضخمة للسعودية عام ٢٠١١، وهى بذلك ستجد نفسها مضطرة إلى نصرة السعودية فى مواجهة إيران، وضد ذلك اللين الذى تعامل به أوباما مع إيران وبالذات بعد اتفاقية (٥+١) الشهيرة، خاصة أن أوباما بدأ مشروع الدرع الصاروخية مع السعودية ودول الخليج فضلًا عن تزويدها بعدد كبير من بطاريات الصواريخ (باتريوت).
وسوف يكون ذلك الحماس الذى ستتعامل به هيلارى مع السعودية، معادلًا موضوعيًا لمحاولة نخب الحزب الجمهورى استعادة حلفاء أمريكا التقليديين وعلى رأسها طبعًا السعودية.
وهذا النهج كله سيكون ضد استقرار العلاقات الأمريكية/ الإيرانية بالإضافة إلى عدة عناصر أخرى على رأسها الموقف فى سوريا.
ثانيًا: أما الموقف فى سوريا، فإن بدء التقارب فى وجهتى النظر الروسية والأمريكية للتعامل مع ما يسمى المعارضة السورية، وما يتعلق بمصير الرئيس بشار الأسد، يجعل من العسير جدا إرضاء الطرف الإيرانى أو الطرف السعودى، لأن طهران تساند الرئيس الأسد والرياض تطالب برحيله كشرط لأى تسوية، والسعودية ترى فى حزب الله ركيزة للإرهاب، وإيران ترى فى جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الفتح سندًا لذلك الإرهاب.
وبالتالى فإن هناك معضلة فى الساحة السورية للتقريب بين وجهتى نظر إيران والسعودية، وسوف تعمل واشنطن وموسكو على إقناع كل طرف بالتنازل قليلًا وذلك من أجل تصنيع أرضية مشتركة تسع الجميع.
ثالثًا: هيلارى ستواصل التأزم فى مواجهة عمليات الشد والجذب المتعلقة باستمرار العقوبات على إيران وبالذات بشأن الصواريخ الباليستية.
خطورة مأزق هيلارى أن أمريكا لا تستطيع مد العقوبات أكثر من ذلك على إيران لأنها دخلت معها فى اتفاق (دولي) أحد بنوده هو إنهاء العقوبات، وفى نفس الوقت فإن أموال إيران سوف تستخدمها طهران فى تجديد ترسانتها العسكرية، وهو ما سوف يمثل تهديدًا حادًا لأمن الخليج، وما يشغل واشنطن فى هذا السياق أن الدولة المرشحة لأن تكون المصدر رقم واحد لتوريد الأسلحة إلى إيران ستكون روسيا.
رابعًا: للسيدة هيلارى كلينتون تاريخ ومراكمة طويلة فى الحديث عن حل الصراع العربي/ الإسرائيلى ولا نعرف كيف يمكن لهيلارى أن توفق بين تاريخها وإهمال أوباما لتلك القضية إلى درجة أنه لم يذكرها بكلمة واحدة فى آخر (خطاب اتحاد) توجه به إلى الأمة قبل رحيله من البيت الأبيض.
لقد انشغل أوباما بإنجاز تسويات فى كوبا ومع إيران، ولكنه أهمل - تماما - قضية فلسطين، فهل تستطيع هيلارى مواصلة ذلك النهج مع تصاعد الموقف فى الهبة الفلسطينية ضد إسرائيل، ومع قبول الأطراف الفلسطينية بإجراء الانتخابات، وبما يقوى ظهر السلطة الفلسطينية ويعيدها إلى الساحة بعد أن كادت تشارف (الحل)، وأيضا بمواصلة الضغط فى قضية عودة اللاجئين والتى تمثل قنبلة ديموغرافية (سكانية) فى مواجهة إسرائيل.
هيلاري - بنسبة كبيرة - هى القادمة فى البيت الأبيض ولكنها - قطعا - مضطرة إلى تغيير سياسات أوباما على نحو كبير، ولو حتى تتفق مع عملية التجميل التى أجرتها لنفسها فى كتاب مذكراتها (خيارات صعبة)، وإن كان سيصعب عليها التملص من مشاركتها فيما يسمى (الربيع العربي) والذى استقبلت بعض رموزه ونجومه من العملاء الذين دمغهم الشعب بالإدانة فى وزارة الخارجية والتقطت معهم صورًا لا تنسي.