سألني صديق، هل الإخوان هم الخوارج؟ فأجبته نعم هم كذلك، إلا إنني وقفت أمام الإجابة مرة أخرى واسترجعت ما أعرفه عن صفات الخوارج، التي لا تغيب عن أي باحث أو متخصص في الفِرَق والمذاهب الإسلامية، فهل هم فعلاً كذلك؟ أم إن الإخوان فرقة جديدة لها أصول أبعد كثيرًا عن هذه الفرقة المارقة؟
لا أعرف لماذا بدأت البحث من اختيار مؤسس الجماعة حسن البنا لمدينة الإسماعيلية منطلقًا لنشر أفكار جماعته، إلا الاشتراك في الاسم مع فرقة الإسماعيلية الباطنية وهي أكثر فرق الشيعة غلوًا وتلونًا على الإطلاق، وما لفت انتباهي هو اشتراك الجماعة مع تلك الفرقة في الكثير من الصفات، أكثر من اشتراكها مع فرقة الخوارج، فهي لا تتفق مع الخوارج سوى في صفة واحدة، وهي التكفير، ويستطيع من فتح الله عليه بنعمة الأمانة العلمية والتجرد أن يجد ذلك في كتب مؤسس الإخوان واضحًا جليًّا، يقول حسن البنا في كتابه "مذكرات الدعوة والداعية": "كل الذي نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحدًا من أربعة الأول: مؤمن بدعوتنا،٫ الثاني: متردد، الثالث: نفعي، الرابع: متحامل.." ولا شك أن هذا التقسيم البدعي الذي ما أنزل الله به من سلطان يحمل في طياته اعترافًا بتكفير المخالف مهما أنكروا ذلك، فأفعالهم وأقوالهم تنطق بالتكفير، وتشهد جوارحهم بما أنكروا.
ورغم أن هذا الأصل يجمع بين الخوارج والإخوان الذين سرقوا الدعوة من النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبوها الى حسن البنا، وجعلوا قوله وقول المرشدين من بعده مقدمًا على شرع الله عز وجل إلا إنهم يختلفون معهم فيه، فالخوارج يتمتعون بقدر من الصدق مع الذات فلا ينكرون التكفير الذي يعتبرونه أصلاً من أصولهم يتقربون الى الله به، ولا يتنصلون منه مهما حدث فتجد أقوالهم دائمًا مطابقة لأفعالهم في التكفير، فلا يتراجعون عن وصف من كفروه بالكفر، ولا يتعاملون معه إلا على أساس أنه محارب لهم وللإسلام، مهما بلغت منزلته ومكانته في الدين، وأحداث التاريخ خير شاهد على ذلك، وأبرزها ما فعلوه مع علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما في الفتنة الكبرى.
فالخوارج يعتبرون الحكام ومن أيدهم والمتعاونين معهم من الجيوش والشرطة والقضاة والموظفين جميعًا كفارًا بالجملة ولا يجيزون عقد الصفقات معهم أو مشاركتهم في الحكم في هيئة أحزاب أو نقابات أو برلمانات ونحوها من تلك الأشياء التي تعطي انطباعًا بالاعتراف بغيرهم في سدة الحكم، وذلك أوضح ما يكون لديهم كما أنهم لا يجيزون الصلاة خلف إمامهم أو مصاهرتهم.
أما الإخوان فرغم الاتفاق الضمني مع الخوارج في تكفير المخالف إلا إنك تجدهم لا يفوّتون فرصة لمشاركة الحكام إلا ووثبوا عليها، فتجد أذرعهم في كل مؤسسات الدولة بداية من إنشاء الأحزاب الخالصة لهم مثل حزب الحرية والعدالة المنحل أو شراء أحزاب قائمة بالفعل مثلما كان الحال مع حزب العمل ذي التوجه "اليساري" في الثمانينيات مرورًا بالهيمنة على النقابات والاتحادات الطلابية وغيرها وليس نهاية بدخول البرلمان، ومصاهرة أهل السلطة وذوي النفوذ في الحكومات، وهو الأمر الذي خدع الكثير من المغفلين من القوى السياسية التي اعتبرت أن ذلك نوع من الانفتاح والذوبان في المجتمع فشجعوا انخراطهم في الحياة السياسية وتعاونوا معهم، وسرعان ما وجدوا أنفسهم أمام واقع مرير، وهو عدم اعتراف الجماعة إلا بمن كان عضوًا فيها مؤمنًا بدعوتها، تلقى دروس التربية من بدايتها على أيديهم، مؤديًا لقسم الولاء والبيعة، وسرعان ما انكشف لهم المستور بين السطور وفي الغرف المغلقة، فخرجوا منها مهرولين عسى أن ينفدوا بجلدهم من هذا الشرك المبين.
إذن فالجماعة تشترك مع الخوارج في التكفير وتختلف معها في إنزاله على الواقع بقدر ما يحقق لها مصالحها عن طريق التلون والمداهنة والمراوغة والأعمال السرية، حتى تصل الى مبتغاها وإن كان عن طريق ممارسة الكذب الذي يعتبر سمة أساسية في عضو الجماعة منذ بداية دخوله حتى أنهم يعلّمون الكذب للأطفال في الشُعب المختلفة، ولي قصة شخصية طريفة مع هذه النقطة بالذات لا يتسع المقام لذكرها سأرويها في مقالة أخرى إن شاء الله.
أما فرقة الخوارج فعلاوة على تكفيرهم الحكام كما ذكرنا فإنهم يكفرون أيضًا مرتكب الكبيرة، ولما كان الكذب من الكبائر، فلا يمكن أن تجد هذه الصفة لديهم حتى أن بعض أئمة الحديث أجازوا الرواية عنهم بحذر وقال الاجري: "سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث يقول ليس في أصحاب الأهواء أصحُّ حديثًا من الخوارج"، (انظر: السؤالات) وهو ما وافقه عليه البخاري في صحيحه وعلى قواعده المعروفة في شروط قبول الرواية، وأترك الأمر في ذلك لأهل الحديث، فهم أدرى بدروبه وشعابه.
المهم في ذلك أن الإخوان يدخلون تحت مسمى الخوارج من ناحية اتفاقهم معهم على أصل التكفير الذي قد يمتد ليشمل كل من و"ما" تظله السماء وتقله الأرض غيرهم، ويخرجون من صفة الخوارج باعتمادهم الكذب والتلوّن الذي يخالف أصول الفرقة التي تكفر مرتكب الكبيرة وبالتالي تكفر الإخوان لاعتمادهم الكذب أصلاً وعقيدة من عقائدهم.
ولما كان الكذب والمراوغة والمداهنة، أحد أهم صفات الجماعة فإن اعتبارهم خوارج العصر وصفًا غير دقيق فلمن من الفرق والمذاهب تنتمي جماعة الإخوان؟
انتظرونا.. في الحلقة القادمة مع أوجه التشابه بين الجماعة والشيعة وخاصة فرقة الإسماعيلية الباطنية.
لا أعرف لماذا بدأت البحث من اختيار مؤسس الجماعة حسن البنا لمدينة الإسماعيلية منطلقًا لنشر أفكار جماعته، إلا الاشتراك في الاسم مع فرقة الإسماعيلية الباطنية وهي أكثر فرق الشيعة غلوًا وتلونًا على الإطلاق، وما لفت انتباهي هو اشتراك الجماعة مع تلك الفرقة في الكثير من الصفات، أكثر من اشتراكها مع فرقة الخوارج، فهي لا تتفق مع الخوارج سوى في صفة واحدة، وهي التكفير، ويستطيع من فتح الله عليه بنعمة الأمانة العلمية والتجرد أن يجد ذلك في كتب مؤسس الإخوان واضحًا جليًّا، يقول حسن البنا في كتابه "مذكرات الدعوة والداعية": "كل الذي نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحدًا من أربعة الأول: مؤمن بدعوتنا،٫ الثاني: متردد، الثالث: نفعي، الرابع: متحامل.." ولا شك أن هذا التقسيم البدعي الذي ما أنزل الله به من سلطان يحمل في طياته اعترافًا بتكفير المخالف مهما أنكروا ذلك، فأفعالهم وأقوالهم تنطق بالتكفير، وتشهد جوارحهم بما أنكروا.
ورغم أن هذا الأصل يجمع بين الخوارج والإخوان الذين سرقوا الدعوة من النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبوها الى حسن البنا، وجعلوا قوله وقول المرشدين من بعده مقدمًا على شرع الله عز وجل إلا إنهم يختلفون معهم فيه، فالخوارج يتمتعون بقدر من الصدق مع الذات فلا ينكرون التكفير الذي يعتبرونه أصلاً من أصولهم يتقربون الى الله به، ولا يتنصلون منه مهما حدث فتجد أقوالهم دائمًا مطابقة لأفعالهم في التكفير، فلا يتراجعون عن وصف من كفروه بالكفر، ولا يتعاملون معه إلا على أساس أنه محارب لهم وللإسلام، مهما بلغت منزلته ومكانته في الدين، وأحداث التاريخ خير شاهد على ذلك، وأبرزها ما فعلوه مع علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما في الفتنة الكبرى.
فالخوارج يعتبرون الحكام ومن أيدهم والمتعاونين معهم من الجيوش والشرطة والقضاة والموظفين جميعًا كفارًا بالجملة ولا يجيزون عقد الصفقات معهم أو مشاركتهم في الحكم في هيئة أحزاب أو نقابات أو برلمانات ونحوها من تلك الأشياء التي تعطي انطباعًا بالاعتراف بغيرهم في سدة الحكم، وذلك أوضح ما يكون لديهم كما أنهم لا يجيزون الصلاة خلف إمامهم أو مصاهرتهم.
أما الإخوان فرغم الاتفاق الضمني مع الخوارج في تكفير المخالف إلا إنك تجدهم لا يفوّتون فرصة لمشاركة الحكام إلا ووثبوا عليها، فتجد أذرعهم في كل مؤسسات الدولة بداية من إنشاء الأحزاب الخالصة لهم مثل حزب الحرية والعدالة المنحل أو شراء أحزاب قائمة بالفعل مثلما كان الحال مع حزب العمل ذي التوجه "اليساري" في الثمانينيات مرورًا بالهيمنة على النقابات والاتحادات الطلابية وغيرها وليس نهاية بدخول البرلمان، ومصاهرة أهل السلطة وذوي النفوذ في الحكومات، وهو الأمر الذي خدع الكثير من المغفلين من القوى السياسية التي اعتبرت أن ذلك نوع من الانفتاح والذوبان في المجتمع فشجعوا انخراطهم في الحياة السياسية وتعاونوا معهم، وسرعان ما وجدوا أنفسهم أمام واقع مرير، وهو عدم اعتراف الجماعة إلا بمن كان عضوًا فيها مؤمنًا بدعوتها، تلقى دروس التربية من بدايتها على أيديهم، مؤديًا لقسم الولاء والبيعة، وسرعان ما انكشف لهم المستور بين السطور وفي الغرف المغلقة، فخرجوا منها مهرولين عسى أن ينفدوا بجلدهم من هذا الشرك المبين.
إذن فالجماعة تشترك مع الخوارج في التكفير وتختلف معها في إنزاله على الواقع بقدر ما يحقق لها مصالحها عن طريق التلون والمداهنة والمراوغة والأعمال السرية، حتى تصل الى مبتغاها وإن كان عن طريق ممارسة الكذب الذي يعتبر سمة أساسية في عضو الجماعة منذ بداية دخوله حتى أنهم يعلّمون الكذب للأطفال في الشُعب المختلفة، ولي قصة شخصية طريفة مع هذه النقطة بالذات لا يتسع المقام لذكرها سأرويها في مقالة أخرى إن شاء الله.
أما فرقة الخوارج فعلاوة على تكفيرهم الحكام كما ذكرنا فإنهم يكفرون أيضًا مرتكب الكبيرة، ولما كان الكذب من الكبائر، فلا يمكن أن تجد هذه الصفة لديهم حتى أن بعض أئمة الحديث أجازوا الرواية عنهم بحذر وقال الاجري: "سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث يقول ليس في أصحاب الأهواء أصحُّ حديثًا من الخوارج"، (انظر: السؤالات) وهو ما وافقه عليه البخاري في صحيحه وعلى قواعده المعروفة في شروط قبول الرواية، وأترك الأمر في ذلك لأهل الحديث، فهم أدرى بدروبه وشعابه.
المهم في ذلك أن الإخوان يدخلون تحت مسمى الخوارج من ناحية اتفاقهم معهم على أصل التكفير الذي قد يمتد ليشمل كل من و"ما" تظله السماء وتقله الأرض غيرهم، ويخرجون من صفة الخوارج باعتمادهم الكذب والتلوّن الذي يخالف أصول الفرقة التي تكفر مرتكب الكبيرة وبالتالي تكفر الإخوان لاعتمادهم الكذب أصلاً وعقيدة من عقائدهم.
ولما كان الكذب والمراوغة والمداهنة، أحد أهم صفات الجماعة فإن اعتبارهم خوارج العصر وصفًا غير دقيق فلمن من الفرق والمذاهب تنتمي جماعة الإخوان؟
انتظرونا.. في الحلقة القادمة مع أوجه التشابه بين الجماعة والشيعة وخاصة فرقة الإسماعيلية الباطنية.