في مغامرة صحفية استغرقت أربع ساعات في جبل مركز يقع بجنوب بالجيزة، ذهبنا لمحاولة الحصول على فرد خرطوش لنعرف كيفية الحصول عليه وطريقة تصنيعه وأسعاره لنبحر في هذا العالم المليء بالمخاطر والموت... تقابلت أنا وصديقى عثمان الذي يسكن بمركز العياط، والذي قادنى لهذا المكان الواقع في جبل العياط، ركبنا في صندوق سيارة ربع نقل بدون لوحات معدنية، ثم نزلنا منها نترجل، وقام صديقى بالاتصال بأحدهم والذي وصف له المكان، وقبل وصولنا بخمسمائة متر تقريبا إذ بشاب في العشرينيات من عمره يحمل بندقية آلية على كتفه يقابلنا، وقام بسؤالنا مبتسما "عايزين مخدرات ولا سلاح؟، فقلنا له سلاح، فطلب منا هواتفنا المحمولة قبل أن يتحرك فأعطيناها له، ثم أغلقها وقادنا إلى منزل مبنى بالطوب الأبيض في منطقة خالية من المنازل حولها أرض صحراوية مستصلحة تنمو بها نباتات صغيرة، مكون من ثلاث غرف بها غرفة واحدة فقط مغطاة بسقف من الخشب والغاب، اقتادنا هذا الشاب العشرينى إلى الدخول لهذه الغرفة والتي وجدنا بها 4 شباب يجلسون على حصيرة يفترشون عليها عددا من أجولة البانجو المخدر مفتوح منها جوال واحد أمامهم وكمية صغيرة تصل إلى نصف كيلو تقريبا من مخدر الحشيش بداخل كيس بلاستيك مفتوح وبجانبهم 3 بنادق آلية بكل منها خزينتين معكوستين أحداهما تركب في البندقية والأخرى عكسها يظهر منها الذخيرة، يقوم أحدهم بلف السجائر المحشوة بالحشيش ليقدمها لهم، ثم قدموا لنا الشاى المطهوا على الركية "الخشب" وقدموا لنا هذه السجائر الملفوفة، فقلنا لهم إننا لا ندخن من الأساس.
سألنا أحدهم ويدعى "سيد" شكلكم كده عايزين سلاح صح؟، فقلنا له آه، فرد علينا: إيه المطلوب؟، قلنا: فرد خرطوش ولكن ما هي الأنواع الموجودة وسعرها، فرد قائلا: فيه فرد خرطوش 12 مم بروح واحدة يتراوح سعره من 600 إلى 800 جنيه حسب حالته، وفرد خرطوش 12 مم بروحين سعره يتراوح من 1300 وحتى 1500 جنيه، أما الفرد الخرطوش 16 مم غير موجود حاليا وسعره أقل من 12 مم وزخيرته صعب الحصول عليها قليلة جدا في السوق، أما الفرد الروسى الذي يستخدم الطلقة الروسى الخاصة بالبندقية الآلية فمنه نوعان بروح واحدة يستخدم طلقة واحدة وسعره من 800 إلى 1000 جنيه، وأبو روحين يبلغ سعره 1500 جنيه، وهناك البندقية المقروطة بروحين يبلغ سعرها من 2000 وحتى 2500 جنيه حسب حالتها.
وعند سؤالنا له عن سعر الخراطيش، قال إن الخرطوش 12 مم سعره 25 جنيها، أما الطلقة الروسى سعرها 15 جنيها، أما الخرطوش 16 مم صعب الحصول عليه، مؤكدا أن أغلب السلاح الخرطوش هم من يقومون بتصنيعها عن طريق ورش خراطة خاصة بأصدقائهم، كما يأتى إليهم بعض السلاح الآلى مهرب من مصادر خاصة بهم لم يدلوا بها.
وأكد سيد، أن لديه نوعا من الأسلحة تدعى "الطبنجة المقلوبة" وهى عبارة عن طبنجة صوت يتم قلبها إلى طبنجة 9 مم تستخدم ذخيرة 9 مم وتصبح طبنجة حية، ومن ناحية حصولهم على الخرطوش أكد أنه يأتى إليهم من مصادر عديدة منها التعاون مع بعض حاملي رخص سلاح خرطوش والذين يقومون بشراء الخراطيش من المحال الرسمية برخصتهم الرسمية ثم يقومون ببيع الخراطيش لنا أو لغيرنا بسعر أعلى كتجارة فيها، وفى النهاية قال لى معاك كام قلت له "500 جنيه لأنى كنت فاكر أن سعره بهذا المبلغ حسب ما سمعت" فقال "كمل فلوسك وخلى عثمان يرن عليا ابعتلك طلبك عند المعدية في النيل وماتجيش هنا تانى".
ومن ناحية أخرى، قال هانى. م، يعمل حدادا بإحدى قرى محافظة الجيزة، أن تصنيع الفرد الخرطوش بالفعل سهل ولا يستغرق سوى ساعتين على الأكثر باستخدام ماسورة من الحديد الصلب أو الحديد العادى وبعض المعدات الأخرى، لكنه لا يلجأ لتصنيعه، مؤكدا أنه يعرف بعض أصحاب الورش التي تقوم بتصنيع الفرد الخرطوش بالقطعة عند الطلب، مضيفا أن هناك ورشا أخرى لا تعمل إلا في تصنيع الفرد الخرطوش فقط ولكنها موجودة في أماكن غير معلومة ومنها ما ضبطته المباحث منذ فترة تحت الأرض في قرية أسكر بالصف.
كما رصدنا قيام بعض التجار بإنشاء صفحات على فيس بوك باسم "فرد خرطوش من غير شكوش" لبيع فرد الخرطوش والذخيرة الخاصة به، حيث كتب أحدهم أن سعر علبة الخرطوش 550 جنيها وكتب رقم موبايله وعند قيامنا بالاتصال به رد علينا بشكل طبيعى وفى البداية قال لا أعرف شيئا عن هذا الموضوع، وبالحديث معه عن أننا من أحد قرى الجيزة بجانبك ولا تقلق منا عايزين علبتين خرطوش، قال: جهز فلوس وأنا هرن عليك وتجيلى في المكان اللى هحدده لك.
خبراء السلاح: سبب انتشاره منع الترخيص
وقال شريف شادى، صاحب محل أسلحة مرخصة بشبرا، أن الطبنجة الصوت من الممكن اللعب فيها من قبل بعض الخارجين عن القانون وتحويلها لطبنجة حية ولكنها ستنفجر في يد أو وجه من يطلق النار بها، مضيفا أن البنادق الخرطوش يتم بيعها في محال الخرطوش بشكل طبيعى لكن برخصة وليس لكل الأشخاص، مضيفا أن الذخيرة الخرطوش صعب بيعها لغير حاملي التراخيص إلا أن هناك بعض النفوس الضعيفة من الممكن أن تبيع لكنها قلة قليلة.
ومن ناحيته، قال محمد فريد، صاحب محل أسلحة مرخصة وخبير في السلاح، إنه لا توجد ذخيرة خرطوش تصنع تحت بير السلم، ولكنها تصنع في مصانع حكومية فقط، وتباع للمحال المرخصة بشكل رسمى، ولكن من السهل الحصول عليها بسهولة بطرق غير مشروعة؛ لأن تجارة السلاح المخالفة في مصر لن تنتهى، لأن هناك تهريبا موجودا حتى الآن والسلاح المخالف تجارته مجزية والفرد الخرطوش لم يصبح مشكلة، فهناك أسلحة أخرى متطورة أصبحت في أيدى المواطنين كالبندقية الآلى والجرينوف وغيرها لأن هناك أسلحة كثيرة دخلت مصر من ليبيا وغيرها من الدول الخارجية، موضحا أن وزارة الداخلية عليها دور كبير جدا بسبب التشديدات التي تفرضها على إجراءات ترخيص السلاح للمواطنين فهناك أكثر من 300 ألف طلب مقدمة من المواطنين لترخيص السلاح ولم يتم الموافقة لهم مع أنها ستكون تحت مراقبة وزارة الداخلية، وهذا سبب لجوء المواطنين للحصول على السلاح بطريق غير شرعى، ولا يتقدم للحصول على رخصة سوى المواطنين الشرفاء الذين يحتاجون السلاح كحماية لهم، لأنه إذا أطلق مواطن طلقة من سلاح مرخص من السهل جدا أن يتم معرفته ويتم سحب الترخيص منه ومحاسبته لأن السلاح يعتبر ملكا لوزارة الداخلية وليس للشخص الذي يمسكه كما أنه يمضى عند الترخيص على أن الوزارة من حقها سحب السلاح منه في أي وقت، موضحا أنه من الصعب أن تبيع محال السلاح الذخيرة إلا لمن يحوز رخصة، موضحا أن الفرد الخرطوش المقصود به الترهيب والذي يستخدمه يطلق على الشخص أمامه على بعد مترين أو ثلاثة فيكون تأثيره خطر جدا لأن الخرطوش به 70 بلية ولو تم إطلاق النار منه على شخص من الممكن أن تصنع فجوة في بطن الشخص أو تشوه الوجه بشكل كامل، ومن الممكن أن تنفجر ماسورة الفرد الخرطوش في يد ووجه الشخص الذي يمسكه، وهناك نوع من الفرد الخرطوش به خزينة تحمل عددا من الخراطيش وليس خرطوشا واحدا لأن مصنعوه تحت بير السلم يتفننون في تصنيعه لكثرة الطلب عليه، كما أنها رخيصة الثمن فقديما كان سعره 200 جنيه حاليا سعره وصل إلى 1500 وأكثر، وهناك خراطيش تأتى مهربة لمصر.
فيما أكد مصدر أمنى، أن وزارة الداخلية قد بذلت جهدا كبيرا في مجال ضبط الأسلحة الغير مرخصة والمسروقة من أقسام الشرطة وورش تصنيع الأسلحة، ففى عام 2011 تم ضبط 76 ورشة لتصنيع الأسلحة المحلية، وفى عام 2012 تم ضبط 146 ورشة لتصنيع الأسلحة، وفى عام 2013 تم ضبط 238 ورشة لتصنيع الأسلحة، وفى عام 2014 تم ضبط 218 ورشة، وفى عام 2015 تم ضبط 132 ورشة لتصنيع الأسلحة، بينما تم ضبط 39 ألف قطعة سلاح منذ ثورة يناير وحتى عام 2014.
